التعامل مع الأصهار بالرفق
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
التعامل مع الأصهار بالرفققال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ﴾ [الفرقان: 54][1].
والصِّهْر: القريب بالزواج، ويوصف به فيقال: هو صِهْري، والجمع: أصهار [2].
وقد ورد في السُّنَّة الشريفة ما يدُلُّ على استحباب التَّرفُّق بالأصهار:
فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: إِنْ كانَتْ أحبَّ أسماءِ عليٍّ رضي الله عنه إليه لأبو تُراب، وإِنْ كان لَيَفْرَحُ أن يُدْعَى بها، وما سمَّاه أبو تراب إلا النبيُّ صلى الله عليه وسلم، غاضبَ يوماً فاطمةَ فخرج فاضطجع إلى الجدار إلى المسجد، فجاءَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَتْبَعُه، فقال: هو ذا مضطجعٌ في الجدار، فجاءه النبيُّ صلى الله عليه وسلم وامتلأ ظهرُه تراباً، فجعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم يمسح التراب عن ظهره، يقول: (( اجلس يا أبا تُراب )) رواه البخاري [3].
قال ابن بطال: (( وفي هذا الحديث: أن أهل الفضل قد يقع بينهم وبين أزواجهم ما جبل الله عليه البشر من الغضب والحرج، حتى يدعوهم ذلك إلى الخروج عن بيوتهم، وليس ذلك بعائب لهم...
وفيه من الفقه: الرِّفق بالأصهار، وترك معاتبتهم )) [4].
قال ابن حجر: (( ويحتمل أن يكون سبب خروج علي خشية أن يبدو منه في حالة الغضب ما لا يليق بجناب فاطمة رضي الله عنهما فحسم مادة الكلام بذلك إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما )) [5].
وقال أيضاً: (( فيه: كرم خُلُق النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنه توجَّه نحوَ عليٍّ ليترضّاه، ومسح الترابَ عن ظهره ليبسطه، وداعبه بالكنية المذكورة المأخوذة من حالته، ولم يعاتبه على مغاضبته لابنته مع رفيع منزلتها عنده.
فيؤخذ منه: استحباب الرِّفْق بالأصهار، وتركُ مُعاتبتِهم إبقاءً لمودَّتِهم؛ لأن العتاب إنما يُخْشَى مِمَّنْ يُخْشَى منه الحِقْد، لا مِمَّنْ هو مُنَـزَّهٌ عن ذلك )) [6].
[1] سورة الفرقان (54).
[2] (( المعجم الوسيط )) مادة (ص هـ ر).
[3] البخاري: كتاب الأدب - باب التكنّي بأبي تراب (6204).
[4] (( شرح صحيح البخاري )) لابن بطال 9: 352-353.
[5] (( فتح الباري )) 10: 604.
[6] المرجع السابق.