طَربتُ إلى رَيْحانة ِ الأنفِ والقلبِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
طَربتُ إلى رَيْحانة ِ الأنفِ والقلبِ | وأعمالها بين العوازف والشَّرْبِ |
ولا عيشَ إلا بين أكوابِ قهوة ٍ | تَوَارَثَها عَقْبٌ من الفرس عن عقبِ |
من الكُمْت قبل المزج صهباءُ بعدَهُ | سليلة ُ جُونٍ غير كُمْتٍ ولا صُهبِ |
سُلالة كرمٍ شارفٍ غير أنها | عُلالة ُ عود من دِنان القُرى ثِلْبِ |
تأتَّتْ أكفُّ القاطفين قِطافَها | فسالت بلا عَصْرٍ ودَرَّت بلا عَصْبِ |
أطافت بها الأيامُ حتى كأنها | حُشاشة ُ نفس شارفَتْ منقضى نحبِ |
لها منظرٌ في العين يشهدُ حسنُهُ | على مَخْبِرٍ يُهدي السرورَ إلى القلبِ |
تردُّ صفاء العيش مثلَ صفائها | وتكشفُ عن ذي الكرب غاشية الكربِ |
جلاها من الأطباع طولُ ثَوائها | وإمرارُها الأحقابَ حِقباً إلى حقبِ |
فلو رُفعتْ في رأس علياءَ لاهتدى | بكوكبها السارونَ في الشرق والغربِ |
غَنِيٌّ عن الريحان مجلسُ شَرْبها | بنشرٍكنشرالمسك في مُحتوى نهبِ |
ولم ترَ موموقاً إلى النفس مثلها | تُشَمُّ فتُلقى بالعبوس وبالقَطْبِ |
يناضل عنها الماء حين يَشُجُّها | نفيٌّ لها مثلُ الدَّبا لجَّ في الوَثْبِ |
لها مَكْرعٌ سهلٌ يخبِّر أنها | ذَلول وفيها سَورة ُ الجامح الصعبِ |
سأَعْصِي إليها اللَّومَ في بطنِ روضة ٍ | كساها الحيا نَوْراً كأدرية ِ العَصْبِ |
وكم مثلها من بنتِ كرمٍ جلوتُها | على كلِّ خِرق ماجد الجَدِّ من صحبي |
له خُلقٌ عذبُ المذاق ولن ترى | مِزاج كؤوس الراح كالخُلُق العذبِ |
يسرُّك في السراء حُلوٌ نِدَامُهُ | وأنجَدُ في العَزَّاءِ من صارمٍ عضبِ |
بمُونِقة ِ الرُّواد حُوٍّ تِلاعُها | تُراعي بها الأُدمانُ آمنَة َ السَّربِ |
صففنا أُباريقَ اللُّجين حِيالَها | فمثَّلْنَ سِرباً مُشرئباً إلى سرْبِ |
تظل تُرانيها الظباءُ تخالُها | ظِباءً وتدنو فهْي منا على قُربِ |
إذا نحن شئنا عَلَّلتنا صوادحٌ | من الطير جمَّاتِ الأهازيج والنَّصْبِ |
فذاكَ نَصيبُ السِّلم عندي ولم أكنْ | لأنسى نصيبَ الحرب في نُوُب الحربِ |
أخي دون إخواني إذا الحربُ شمَّرت | حسامٌ بحدَّيه فلولٌ من الضربِ |
له حين يعلو قَوْنَسَ القِرن هَبَّة ٌ | تُواصلُ ما بين الذؤابة والعَجْبِ |
إذا شيمَ فيه بارقُ الموت أو مَضتْ | به صفحة ٌ مثلُ العقيقة في الجلبِ |
ومُطَّردٌ مثل الرِّشاء تهزه | كعوبٌ تدانت فيه مثلَ نوى القَسْبِ |
عليه سِنانٌ يَرْعُفُ الموتَ لهذمٌ | قليلُ التخفِّي بالجوانح والجنبِ |
وكلّ ابن ريحٍ يسبِقُ الطرفَ مَعْجُه | تُطَوِّحُه عَطْوَى منوعاً لدى الجدبِ |
صنيعٌ مَريشٌ قوَّم القَيْنُ متنَه | فجاء كما سُلَّ النخاع من الصُّلْبِ |
يُغلغلُهُ في الدرع نصلٌ كأنه | لسانُ شجاع مُخرَجٌ همَّ باللَّسْبِ |
ومَوْضُونَة ٌ مثل الغدير حصينة ٌ | تفُلُّ شباة َ السيفِ ذي المضرب العضبِ |
فذاك عَتادي فوق أجردَ سابحٍ | يُريحُ زفيرَ الجري من مَنْخَرٍ رحبِ |
ذَنوبٍ يمس الأرض عند صيامه | بضافٍ يواري فرجَهُ سَبِط الهُلْبِ |
له عند إيغال الطريدة في الوغى | أَجاريُّ مضمونٌ لها دَرَكُ الطِّلبِ |
يُدِلُّ على صُم الصفا بحوافر | من اللائي أُعطين الأمان من النَّكبِ |
بذلك إن دارت رحَى الحرب مرة ً | ثبتُّ ثباتَ القطب في مركز القطبِ |
إذا أُخِّرتْ سرجُ الجبان وجدتَني | أغامسها في حومة الطعن والضربِ |
متى يَلقني قِرْنِي فإنّ قُصارَهُ | على ضَربة ٍ أو طعنة ثَرَّة ِ الشَّخبِ |
وإني لذو حلمٍ وشَغْبٍ وراءه | فحلمٌ لذي حلمٍ وشغب لذي شغبِ |
وإني لنَحَّارٌ لدى الأَزْبِ لا يَني | قِرايَ من الكُوم المقاصيد كالهَضْبِ |
إذا حاردتْ خورُ العِشار حلبتها | دماءً وقدْماً كان ذلك من حلبي |
وقد يَرْجعُ الوجناءَ سيري وعينُها | مُهَوَّكة ٌ مثلُ الصُّبابة في الوَقْبِ |
طويتُ حشاها طية َ البُرد بعدما | طويتُ بها سهباً عريضاً إلى سهبِ |
أنا ابن شهابِ الحرب قومي ذوو العلا | ولا فَخر إن الفخر فرعٌ من العُجْبِ |
وكم من أب لي ماجد وابن ماجد | له شرف يُرْبي على الشرف المُرْبي |
إذا مَطرتْ كفاهُ بالبذل نَوّرتْ | له الأرضُ واهتزت رُباها من الخصْبِ |
وإن حاول الأعداءُ يوماً بكيدِه | أحلَّ بمن عاداه راغية َ السَّقبِ |
وحُرٍّ من الفتيان ليس بقُعْدُدٍ | ولا قائلٍ من فعلِ مكرمة ٍ حَسْبي |
أخي ثقة ٍ لو أصبح الناسُ كلهم | عليَّ معاً حِزباً لأصبح من حزبي |
أنوءُ به فيما عرا وأعدُّهُ | لساناً وسيفاً في الخطاب وفي الخَطْبِ |
أبحتُ حمى قلبي له دون غيره | وأنزلتُهُ في السهل منه وفي الرَّحْبِ |
إذا اشتركَ الورَّادُ في الشِّرب أخلصتْ | له النفسُ وُداً غيرَ مشتركِ الشِّربِ |
وقد حاول الواشون إفساد بيننا | فأعيى على ذي المكرِ منهم وذي الإربِ |
سوى أنهم قد آذنونا بجفوة ٍ | أدالت رضانا ما حَيِينا من التَعبِ |
وَشَوْا فعرَفنا للتجافي مرارة ً | وهبنا لها مهما أتيناهُ من ذنبِ |
فعُدنا وأصبحنا بحيث يسرُّنا | من الوصلِ والواشون في مَزْجَر الكلبِ |