لا يغْضَبنّ لعمرو من له خطرٌ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
لا يغْضَبنّ لعمرو من له خطرٌ | فليس يرضى بضيمي من له خَطَرُ |
لا سيما ولقولي فيه منزلة ٌ | من سيد مثَّلاهُ الشمس والقمر |
لضحكة ٌ منه أوْلى أن أُسَرَّ بها | من ضحكة الروض وشَّى بردَهُ الزهرُ |
لو كنت أعلم أن الشرك يُضحكهُ | أشركتُ بالقرد عمروٍ أنه عَبرُ |
فإن تعجّب قومٌ قلت ممتثلاً | قولَ الفرزدق فيما أدَّت السِّيِرُ |
أيعجب الناس أن أضحكتُ سيدهم | خليفة َ الله يُستسقى به المطر |
وإنني مستعير عرضَ عَمْرِهُمُ | شهراً من الحول كي يُقضَى به وطر |
كما استعار عليٌّ هامَ شيعته | تحت الظُّبا ساعة ً فيما حكى الخبر |
وليس يُغبَن عمرو في إعارته | إياي عِرضاً سيبقى فيه لي أثر |
يُعيرنيه دَريساً ثم يأخذهُ | مني جديداً مُوَشًّى كله حِبر |
يا عمرو لا تمنعّنا ما نُسرُّ به | فإن ذلك لؤم منك أو خور |
وقد أعار خيارُ الناس هامَهمُ | إمامَهم ولأهل الفضل مصطبر |
دع ذا فأنت حقيقٌ أن تكافئني | لو كنت تدري وأنَّى يفْقه الحجر |
نبهتُ ذكرك حتى عاد خاملُهُ | بدراً وكان سِراراً دونه سُتُر |
سخرتُ فيك هجائي بعدما ذَئِرتْ | منك القوافي وقِدْماً عيفت القُذَر |
وإن تسخير فكري فيك قافية ً | لسُخْرة منه خفَّت عندها السُّخَر |
فاشكر وهيهات أن تُهدى لشكر يدٍ | وكيف يُهدَى غَويٌّ قَصْرُهُ سَقَرُ |
أستغفر الله لم تُشهرك حادثة ٌ | بل أنت قدماً بذاك الأنف مشتهَرُ |
بل أنت كلك شيء لا نظير لهُ | فيما رأيناوفي أشياءَ تنتظر |
فاشكر إلهك لا تشرِك به أحداً | إن كان يُشكَر شىء كلّه شُهَر |
يا عمرو لو قلبت ميممُسكَّنة ٌ | باءً محرَّكة ً لم تُخطأ الفُقر |
فإن ضِننت بميم كاسْتِ صاحبها | فبدِّل العينَ غيناً أيها الغَمَر |
ولا تميلنَّ عن عمرو إلى عُمَرٍ | فينتضي لك من أكفانه عمر |
ويغضب الله والسبعٍ الطِّباق له | وساكنوهنّ والأبرار والسور |
سمَّتك يا عمرو عمراً وهي ظالمة ٌ | رِمامُ سوءٍ وقد أودى بها العَفر |
فادعُ الإله عليها غير مُتَّئبٍ | وغيِّر اسمك حلَّت باسمك الغِير |
خيِّم على عَبرواقنع بها سِمة ً | فيها لمثلك إن أنصفت مُقتصَر |
سامح أبا العبر المسكين في ولدٍ | يُعزَى إليه وكُنْه أيها العبر |
أصبحت تصلح مصداقاً لكنيته | دعوى شواهدُها أخلاقك العرر |
أنت ابنه غيرَ شك يا أبا حسنٍ | فاذهبْ ظفرتَ بما لم يأمل الظَّفر |
حَصَّلته هاشمياً لا نظير له | مِلْحا وظرفاً وإن قال الخنا نفر |
وما أتى بك حياً بل صَدى حُفرٍ | وهكذا تلد الأصداء والحفر |
لو كنت من ولد الأحياء ما اكتسبتْ | يداك دَهْيَاءَ لا تُبقي ولا تَذر |
أعجبْ بناسل عمروٍ وهْو في جدثٍ | وفي الحوادث آيات ومعتبَر |
وإنّ أعجب من عمروٍ وناسِله | لأنْ غدا وهو محجوج ومُعتمَرُ |
جبسٌ يهرُّ على الأحرار حاجبه | وآفة ُ الناس أن تستأسِد البقر |
وأن يكون له بغلٌ وآلته | وأن يسير وقد حَفَّت به الزمر |
مخَّبل الخَلق في أوصاله حَوَل | كأن خِلْقته ثوب به شَطَر |
أو شكل ميزان قتٍّ جانبٌ صَعَد | وجانب ثقَّلوه فهو منحدر |
للعين في وجه عمرو مقبِلاً طِيَرٌ | وفي قَفاه لها مستدبراً عبر |
فإن تطاوَحَ فيه طرفُها صُعُداً | أضحى له ولها في طولها سفر |
قالت مقابحُ عمروٍ عند موقعه | في أمه ما لمثلي افتُضّت العُذر |
أنَّى يكون لنفسٍ حرة سَكَناً | وليس فيه لكلب جائع جَزَر |
إني لأحسب عمراً من طفاستِه | يُضحي وفي بعضه عن بعضه زَوَر |
يا ابن الوزير الذي جَلَّت وزارتهُ | أنى يُراح إلى عمرو ويبتكر |
قد أنكر الحزمُ أنا كلَّ شارقة ٍ | تُضحى بعمرو لنا ذنبٌ ومعتذَر |
يُزري علينا به قوم فيجشِمنا | تمويهُ عذر وبعض العذر معتسَر |
ولا يني مُستخِفّاً بامرىء ٍ وجبتْ | عليك بالميل والزلفى له أُجَر |
منها الكرامة وهي الفرض توجبهُ | وعند طولك أنفال له أُخَر |
وما دعاه إلى استخفافه درَك | لكن دعاه إليه الجهل والبطر |
وليس تخطىء ذا الخرطوم واحدة ٌ | من اثنتين إذا ما حُصحِص النظر |
جهالة وتعدٍّ في إهانته | مولاك والذنب في هاتيك مغتفرُ |
لكن عَتاد أبي الخرطوم سيدنا | كبيرة صغُرت في جنبها الكُبر |
قد امتطى القردُ في إتيانها غَرَراً | ياواحد الناس فليعثُر به الغرر |
أما رآك وقد أكرمتني طرفاً | من النهار أما كانت له ذِكر |
أما درى أن ما عظَّمت قيمتهُ | فهو العظيم وماحَقَّرت محتقر |
لشدّ ما أقدمتْ بالأمس عزمتُهُ | على التي أعوزتْ أنصارها العِذر |
فإن هم عُذروا بالجهل صاحبها | فليس في رفض أعمى القلبِ مؤتمر |
ممن يرى أن رزء العِرْض مُجتَبرٌ | ولايرى أن رزء المال يجتبر |
وما الصواب سوى استقصاء نعمتهِ | وكلُّ نعمى على أمثاله هدر |
كيما يكونَ لأقوام به أدبٌ | وفي النَّكال عن الزلات مزدجَر |
والحمد لله شكراً لاشريك لهُ | على الأمور التي يجري بها القدر |
وسائل لي ما عمرو وموضعه | أأعوزتْ رأيَ ذاك السيدِ الخِير |
فقلت كلاّ ولكن طوله عجبٌ | بمثله شُغِل السُّمار والسمر |
ما زال ذا مِننٍ تُهدَى إلى شبحٍ | مافيه مَسْدًى لعُرف حين يختبر |
محاِولاً فعلَ عرف لا يخالطهُ | شوبٌ سواه وذاك الصفو لا الكدر |
وللصنائع والآلاء تصفية ٌ | عند الكرام تراها تلكمُ الفِطر |
خِرْقٌ تراه بفعل الغيث مقتدِياً | والغيثُ يُنعِم حتى يُعشِب المَدَر |
فلن تراه وفي عرفٍ يجود به | ترشيح شكر وهل للغيث مُتَّجرُ |
كافٍ كسى الناسَ طراً من فواضله | ماليس في ثوبه ضيقٌ ولا قِصر |
كالغيث يصبح مغموراً بنائله | أفاضلُ القوم والأنعام والشجر |
هذا على أن فيه فضلَ تكرمة ٍ | للأفضلين ولِمْ لاتُمسحَ الغرر |
مثل الفراسيِّ والنحوي صاحبهُ | وكالملقَّبِ فهو الغُنج والحور |
ذاك الذي لم يزل ظرفاً ونادرة ً | كأن مَحْضَره الأصداغ والطُّرر |
وكالطبيب أبي إسحاقَ إن لهُ | نفعاً مبيناً إذا ما أجحف الضرر |
وما نسيتُ أبا إسحاقَ مائرنا | تلك الفكاهات سِيقتْ نحوه المِيِر |
بحر المعاني ثِقافُ اللفظ قيِّمهُ | إذا تَعاجَم فيه البدو والحضر |
وكيف أنسى امرأً يحي محاسنهُ | ذكراه عندي إذا ما ماتت الذِّكَر |
وكالنّظيف نزيف إنه لهبٌ | ذاك له حركات كلها شَرَر |
ذاك الذي لم يزل طيباً ومنفعة ً | كأن مشهده الآصال والبُكر |
أقسمت لو لم تحصِّنّا حرارتُهُ | من برد عمرو لقد أودتْ بنا القِرر |
ولي إلى ابن فراس عودة وجبتْ | له عليّ بحق إنه وَزَر |
ذو مخبر بارعٍ في منظرٍ حسنٍ | فيه لذي الفخر بالخدّام مُفتخَر |
كأنه حين يجري في كتابته | له طريق إلى العلياء مختصر |
صَفّاه من كل عيب أنه رجلٌ | ما إنْ يزال له من عائب حذر |
سيفٌ محلَّى تروق العين حليتُهُ | وصارمٌ حين يتلو حدهذَكَر |
ولا يخونُك في سرٍّ ولا علنٍ | أمانة ً أو يخون السمع والبصر |
ليست مثانيه من نبعٍ لعاطفه | ولا مكاسِرهُ للمعتدِي عُشَرُ |
تطرّفت شِرَرٌ منهُ حباهُ بها | شرخُ الشباب ولم تنقض له مِرَر |
وربّما نفختْ في ناره هَنَة ٌ | فاستوقدتْ شرراً ما مثلها شرر |
حام بحزم حمى السلطان في كرمٍ | رامٍ بعزم إذا عنَّت له الفُقَر |
يُثني السهامَ عن المرمى وآونة ً | يُمضي السهام إذا لاحت له الثُّغَر |
لا يورد الأمر أو تبدو مصادرهُ | ولايرى الوردَ ما لم يمكن الصَّدَر |
أضحتْ كتابتهُ بيضاءَ تشبههُ | يُجبَى بها الحمد للسلطان والبِدَر |
وكلُّ ما قلته فيه فسيدنا | أولَى به وهو من حقت له الأُثَر |
وللعروق ثمارُ الفرع تمنحها | أغصانُهُ وللبِّ الهامة الشعر |