خبا نَحْسٌ وأعقب منه سعْدُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
خبا نَحْسٌ وأعقب منه سعْدُ | ولاح لطالبي المعروف قَصْدُ |
ورُدَّتْ كُلُّ صالحة ٍ عليهمْ | وكانتْ قبل ذلك تُسْتردُّ |
بأبيضَ من بني شيبان خِرْقٍ | رفيع البيتِ قد علمتْ مَعَدُّ |
لِمَصْقلَة الذي أسْدى وأَيدَى | أيادٍ في المعاشر لا تُعَدُّ |
هُبَيْريٍّ أطاب الله منه | وحَسَّنَ كل ما يَخْفَى ويَبْدو |
نظيفِ السِّرِّ عَفٍّ حين يخلُو | جميلِ الجهْرِ حُلْوٍ حين يبْدو |
كأَنَّ الله خيّرهُ السجايا | فكان من الرجال كما يَوَدُّ |
له خُلُقان من بأْسٍ وجودٍ | يسوس كليهما الرأْيُ الأَسَدُّ |
هما قَدَران من رزقٍ وموْتٍ | إذا عزما فما لهما مَرَدُّ |
يُنادى باسْمه غيثٌ وليْثٌ | هِزبرٌ يفْرُس القَصرات وَرْدُ |
هو الخَصْم الألدُ لكلِّ ضِدٍّ | من الأضْداد والقَرْن الأعَدُّ |
أعدَّتْه بنو العباس ذُخراً | كَهَمِّك ذلك الذخر المُعَدُّ |
سلاحُهُمُ الأحدُّ إذا تصدَّى | لهمْ باغ وركنهمُ الأشدُّ |
أبٌ لرعية السلطان بَرٌّ | معاشُ الناس في كنفَيْه رغدُ |
كَفى فَقْدَ الكُفاة مخلَّفيهمْ | فليس يُحَسُّ للمفقود فقْدُ |
ومهَّدَ للجُنوب بخير كفٍّ | مَضاجعَها فكلُّ الأرض مَهْدُ |
غدا سَبْطَ البنان بكل عُرْف | ثَرى العافينَ منه الدهْرَ جَعْدُ |
يَحُلُّ عليه بالرغبات وفْدٌ | ويرحل بالرغائب عنه وفْدُ |
وُفُودٌ لا يزال لهمْ إليه | على أنضائهم عَنَقٌ وَوَخْدُ |
بهادٍ من ثناء الناس طُرَّاً | وحادٍ من رجاء القوم يحدو |
بلوتُ له خلائقَ ليس فيها | سوى ما سامني خلالٌ يُسَدُّ |
فتى ً سُهلت محافرُه لغيري | ومَحْفَرُهُ لَديَّ الدهْرَ صَلْدُ |
خلا وعْدٍ مددتُ إليه عيني | فأَعْرضَ دونه مطْلٌ يُمَدُّ |
فمن ذا مُبْلغ إياه عنِّي | عتاباً تحته عَتْبٌ ووجْدُ |
فتى شيبان لِمْ أعْمَلْتَ مطْلي | بلا حدٍّ وللأعمار حَدُّ |
تُجَدُّ ليَ المواعدُ كلَّ يوم | إذا أمَّلْتُ عارفة ً تُجَدُّ |
أَكنتَ وعدتني خطأ فأَصغي | إلى الإخلاف عَزْمٌ منك عمْدُ |
وأنَّي والمكارم باقياتٌ | تروح عليك أوْجُهُها وتغْدُو |
وقد حكمتْ بأن الخلْفَ غدْرٌ | كما حكمتْ بأن الوعْدَ عهْدُ |
وأنت سَميُّ أصدقِ ذي لسان | فهل بالصدق دونك مُسْتَبَدُّ |
ولم تك واعداً خطأ وأنَّي | ومالَكَ غيْرُ بذْلِ العُرفِ وَكْدُ |
فتى شيبان لا يشْمتْ بشعري | عدُّوُّك غاله عن ذاك لَحْدُ |
فتى شيبان لا يفرح بعتبي | عليك منافسٌ لي فيل وغْدُ |
أتُسْلمُني وأنتَ أعزُّ جارٍ | لدهرٍ لا يزال عَلَيَّ يعْدو |
أتخطِئُني فواضلُكَ اللَّواتي | كَثُرْن فليس يحصيهنَّ عَدُّ |
أيصْلَدُ بعد طول القدح زَندي | ولم يصْلَدْ لمن رجَّاك زَنْدُ |
أعدْلُ أنْ حُرمتُ نداك إلا | حديثاً لي فيه عَليَّ ردُّ |
يُحدِّثني بجودك كلُّ ركْب | وكلُّهُمُ بشعري فيك يشْدو |
فيا عجباً مديحي فيك سَرْدٌ | وعُرفك في الأنام سوايَ سرْدُ |
صددْتَ وما تقدَّم منك عطفٌ | وليس يكون قبل العطف صدُّ |
جَزَرْتَ وما تقدَّم منك مَدٌّ | وقدْماً كان قبل الجزْر مَدُّ |
أما تأوي لصبر كريم قومٍ | ببابك لا يُثاب ولا يُرَدُّ |
يُكَدُّ ولا ينال وكان يرجو | بفضلك أن يُنال ولا يُكَدُّ |
أُرفِّهُ ما أُرفِّهُ في التقاضي | وليس لديكَ غيْرَ المطْل نقْدُ |
إذا إنجازُ وعدك كان وعداً | فيكفيني من الوَعْديْن وَعْدُ |
وهَبْكَ شفعْتَ لي وعداً بوعدٍ | لتُحْكَمَ مِرَّة ٌ ويُشَد عَقْدُ |
أليسا كافيَيْن بلى لعمري | وقد يكفي من الزوجين فرْدُ |
أما حسْبُ امْرىء ٍ مِنْ وَعْدِ غيْثٍ | بصائب ودْقه برْقٌ ورعْدُ |
جَدَاكَ جداك أوْ يأساً مريحاً | فما بعد الذي أَنظرتُ بعْدُ |
ويُروى تأخَّر من ثوابك ما أرجى | وما بعد الذي ............. |
أعيذك أن يكون نداك يأتي | وليس له على الأحشاء بردُ |
وذاك بأن تُطيل المطْلَ حتى | يمسَّ النفْسَ منه أذى ً وجَهْدُ |
هنالك لا يُساعد فيك حمْدٌ | وهل لمُكدِّر المعروف حمْدُ |
رأَيتُ الرِّفْد عُرْفاً حين يُعْفَى | به المعْطَى وما للحقِّ جحْدُ |
وليس العُرفُ عرفاً حين يأتي | وحُرُّ القوم ممَّا كَدَّ عَبْدُ |
أيرضى أن يكون أخاه مَطْلٌ | فتى أبواه مَكْرُمَة ٌ وَمْجْد |
جَزُوعٌ أن ينال الذمُّ منه | على الإزْراء إلا تلك جَلْدُ |
لَحانَ لما غرستُ لديك حَمْلٌ | وآن لما زرعتُ هناك حصْدُ |
فلا تُوقع بحرماني اعتذاراً | فإن نداك للمحروم جَدُّ |
وليس يَضير من رجَّاك نحْسٌ | وكيف يكون ذاك وأنت سَعْدُ |
وقائلة ٍ خَرُقْتَ فقلت مهْلاً | فَرُكْنا حلْمه حَضْنٌ ورَقْدُ |
أخِلتِ رياحَ جهلي طائرات | بَطوْد لا يُهَزُّ ولا يُهَدُّ |
إذا جار العتاب عليه أغْضَى | له جفناً وما غضَّاه ضَهْدُ |
ولكن حلْمُ ذي خُلقٍ عظيمٍ | له نحو العُلا والمجْد صمْدُ |
تطامن بالتواضع فهْو غوْرٌ | وأشرف بالسيادة فهو نجدُ |
مَنَحتُكَها كساقية الندامى | زهاها بينهمْ وجْهٌ وقَدُّ |
أتتك مُقرَّة ً بالعجْز يحكي | حيا ضميرها طرْفٌ وخَدُّ |
ولم يقْعُدْ بها في الوصف حشْدٌ | ولكنْ لا ينال نداك حشدُ |
تُقَرَّظُ غير أنك لا تُوَفَّى | وتوصف غير أنك لا تُحَدُّ |