يا خَلِيلَيَّ تَيَّمَتْني وَحيدُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا خَلِيلَيَّ تَيَّمَتْني وَحيدُ | فَفُؤادي بها مُعَنَّى عَمِيدُ |
غادة ٌ زانها من الغُصْن قَدٌ | ومن الظَّبي مُقلتان وجِيدُ |
وزهاها من فَرْعِها ومن الخدَّ | يْنِ ذاك السَّوادُ والتَّوْريدُ |
أوقد الحسْنُ نارَه من وحيدٍ | فوق خدٍّ ما شَانَهُ تخْدِيدُ |
فَهْيَ برْدٌ بخدِّها وسلامٌ | وهي للعاشقين جُهْدٌ جهيدُ |
لم تَضِرْ قَطُّ وجهها وهو ماءٌ | وتُذيبُ القلوبَ وهْيَ حديدُ |
ما لماءٍ تصطليه من وجنتَيْها | غير ترْشافِ رِيقِها تَبْريدُ |
مِثْلُ ذاك الرضابِ أطفأ ذاك الْ | وَجْد لَوْلاَ الإباءُ والتَّصْريدُ |
وغَريرٍ بحسنها قال صِفْها | قلت أمْران هَيِّنٌ وشديدُ |
يسهل القول إنها أحسن الأشْ | ياءِ طُرّاً ويعْسرُ التحديدُ |
شمسُ دَجْنٍ كِلاَ المنيرَيْن من شَمْ | سٍ وبدْرٍ من نُورها يستفيدُ |
تتجلَّى للناظرين إليها | فَشَقيٌّ بحسنها وسعيدُ |
ظبية ٌ تسكن القلوب وترعا | ها وقُمْرِيَّة ٌ لها تغريدُ |
تتغنَّى كأنها لا تُغَنِّي | من سكونِ الأوصالِ وهي تُجيدِ |
لا تَراها هناك تَجْحَظُ عينٌ | لك منها ولا يَدِرُّ وريدُ |
من هُدُوٍّ وليس فيه انقطاع | وشجُوٍّ وما به تبليد |
مَدَّ في شأو صوتها نَفَسٌ كا | فٍ كأنفاس عاشقيها مَديدُ |
وأرقَّ الدلالُ والغُنْجُ منه | وبَراهُ الشَّجا فكاد يبيدُ |
فتراه يموت طَوْراً ويحيا | مُسْتَلَذاً بَسِيطُهُ والنَّشِيدُ |
فيه وَشْي وفيه حَلْيٌ من النَّغْ | مِ مَصوغٌ يختال فيه القصيدُ |
طاب فُوها وما تُرَجِّعُ فيه | كلُّ شَيْءٍ لها بذاك شهيدُ |
ثَغَبٌ يَنْقَعُ الصَّدَى وغِناءٌ | عنده يوجد السرورُ الفقيدُ |
فلها الدَّهْرَ لاثِمٌ مُسْتَزيدٌ | ولها الدهر سامع مُسْتَعيدُ |
في هوى مثْلِها يَخفُّ حَليمٌ | راجحٌ حلْمُه ويَغْوى رشيدُ |
ما تُعاطِي القلوبَ إلاّ أصابتْ | بهواها منهُنَّ حيْثُ تُرِيدُ |
وَتَرُ العَزْفِ في يدَيْها مُضَاهٍ | وَتَرَ الزَّحْف فِيهِ سهمٌ شَديدُ |
وإذا أنْبَضَتْهُ للشَّرْبِ يوماً | أيقنَ القومُ أنها ستَصيدُ |
مَعْبَدٌ في الغناء وابنُ سُرَيْجٍ | وَهيَ في الضَّرْبِ زَلزَلٌ وَعَقيدُ |
عَيْبُها أنَّها إذا غنَّتِ الأحْ | رَار ظلُّوا وهُمْ لديها عَبيدُ |
واستزادتْ قلوبَهم من هواها | بِرُقاها وما لَدَيْهِمْ مَزيدُ |
وحسانٍ عَرَضْنَ لي قلتُ مهلاً | عن وحيدٍ فحقُّها التَّوْحِيدُ |
حُسْنُها في العيون حسْنٌ وحيدٌ | فلها في القلوب حُبٌّ وحيدُ |
ونَصيحٍ يلومُني في هواها | ضَلَّ عنه التوفيقُ والتسديدُ |
لو رأى من يلُوم فيه لأضحى | وهو المستَريثُ والمستزيدُ |
ضلَّة ً للفُؤاد يَحْنُو عليها | وهي تَزْهُو حَياتَه وتَكيدُ |
سَحَرتْهُ بمقلتيها فأضحت | عنده والذميم منها حميدُ |
خُلِقَتْ فِتْنة ً غِناءً وحُسْناً | ما لها فيهما جميعاً نَدِيدُ |
فَهْيَ نُعْمَى يميدُ منها كَبيرٌ | وهيَ بلْوى يشيب منها وليدُ |
لِيَ حيْث انصرَفتُ عنها رفيقٌ | من هواها وحيث حَلَّتْ تَعِيدُ |
عن يميني وعن شمالي وقُدّا | مي وخلفي فأين عنه أحيدُ |
سدَّ شيطانُ حُبِّها كلَّ فَجٍّ | إنَّ شيطان حبِّها لَمَرِيدُ |
ليت شعري إذا أدام إليها | كَرَّة َ الطَّرْف مُبدىء ٌ ومُعِيدُ |
أهيَ شيء لا تسأَم العين منه | أم لها كلَّ ساعة تجْديدُ |
بل هي العيش لا يزال متى استُعْ | رِض يملي غرائباً ويُفِيدُ |
مَنْظَرٌ مَسْمَعٌ مَعانٌ من الله | و عَتادٌ لما نُحبُّ عَتيدُ |
لا يَدبُّ الملالُ فيها ولا يُنْ | قِص من عَقْد سحْرِها تَوْكيدُ |
حُسْنها في العيون حُسْنٌ جديدٌ | فلها في القلوب حُبٌّ جديدُ |
أخذ الله يا وحيدُ لقلبي | منك ما يأخذ المُدِيلُ المُقِيدُ |
حَظُّ غيري من وصلكُمْ قُرَّة ُ العيْ | ن وحظِّي البكاءُ والتَّسْهيدُ |
غير أني مُعَلِّلٌ منك نفسي | بِعِداتٍ خلالَهُنَّ وَعيد |
ما تزالينَ نظرة ٌ منك مَوْتٌ | لي مُمِيتٌ ونظرة ٌ تخليدُ |
نتلاقى فلحْظَة ٌ منك وعْدٌ | بوصال ولحظة ٌ تهديدُ |
قد تركْتِ الصِّحاح مرْضَى يميدُو | ن نُحولاً وأنت خُوطٌ يميدُ |
والهوى لا يزال فيه ضعيفٌ | بين ألحاظِهِ صريعٌ جليدُ |
ضافَنِي حُبُّك الغريبُ فألوى | بالرُّقادِ النَّسيبِ فهو طريدُ |
عجباً لي أنَّ الغريب مُقيم | بيْن جَنْبَيَّ والنسيب شريدُ |
قد مَلِلْنا من ستر شيءٍ مليح | نشتهيه فهلْ له تجريدُ |
هو في القلب وهو أبعد من نج | م الثريّا فهو القريب البعيدُ |