يابْن المدبِّر غرَّنيِ الروَّادُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يابْن المدبِّر غرَّنيِ الروَّادُ | عَمِرُوا وليس لهم سواك مَرادُ |
أدَعو على الشُّعراء أخبثَ دعوة | إذْ مجَّدُوك وغيرُك الأمجادُ |
قل لي بأية حيلة أعملْتَها | هتفوا بأنك لاحُفِظْتَ جوادُ |
فَلِتلْكَ أحسنُ من نوالك موقعاً | والعِلم أفضلُ ماأراه يُفادُ |
لقد استفاض لك الثناءُ بحيلة ٍ | صعْبُ الأمورِ بمثلها ينقادُ |
لو أنَّها عندي غودتُ مخلَّداً | ما خُلِّدتْ أمُّ الهضاب نَضَادُ |
حتى كأنِّي في صرارك درهمٌ | أو في مَزاودك الحريزة زادُ |
بل ماعهدتُك وارتيادُك بالغٌ | بك حيلة ً يرتادها المرتادُ |
أنَّى وأنتَ مضلَّلٌ لاتهتدي | رُشداً ولا يَهْديكَهُ إرشادُ |
ماكان مثْلُكَ يهتدي لمحالة | حاشاك ذاك وأنْ تكون تُكادُ |
لكنَّ جدْبَ الناس طال فأصبحوا | يُرضيهمُ الإبراقُ والإرعادُ |
نحلَتْكَ حَمْدَ الحامديك مَواعدٌ | كُذُبٌ تجودُ بها وأنت جمادُ |
بل ليس في الأفقين منك سحابة ٌ | للوعْدِ مِبراقٌ ولامرْعادُ |
ولأنتَ أحْسَمُ للمطامع والمنى | من ذاك حين يَشيمُك الروَّادُ |
انت الذي آلى بكلِّ أليَّة ٍ | ألا يُبَلَّ بريقه ميعادُ |
بل أنت أجدر حين تُسْأَل أن تُرى | ومكان وعدك سائلاً إيعادُ |
ماأنت والمعروف أو مفتاحُه | ذهبتْ بذَينك دونك الأجوادُ |
لكن إخاك معاشراً خيَّبتهُمْ | نصبوا الحبائل للأسى فأجادوا |
أثنوا عليك ليستميحك غيرُهُمْ | فيخيبَ خيبتَهم وتلك أرادوا |
أعيى عليهم صيدُ مالك فاغتدوا | يتعلَّلون بأُسْوة ٍ تُصطادُ |
ولهم أُسيى متقدماتٌ جمَّة ٌ | لكن أحبَّ القوْم أن يزدادوا |
أُثني عليك بمثل ريحك ميّتاً | في غبِّ يومِ تزفُّك الأعوادُ |
ولما صداك إذا نُبِشَتْ لثالثٍ | من مُلْحَدٍ وضجيعُك الإِلحادُ |
يوماً بأنتن منك حَيّاً تُجتَدى | لازال نتنُك دائباً يزدادُ |
وغدت بجودك شبهة ٌ خدَّاعة ٌ | قامتْ ببخلك بعدها الأشهادُ |
أرويتُ بالإصدار عنك حوائمي | لما أطال غليلَها الإيرادُ |
وسلوتُ ذكراك التي من مثلها | تَجْوى القلوبُ وتقْرحُ الأكبادُ |
آنستُ صدراً طالماً أوحشْتَه | لازال يُؤنس رحْلَك العُوَّادُ |
وكأنَّ ذاك الذكْر أسودُ يعْتري | منه سويداء الفؤاد سوادُ |
بل إنما اتصلتْ بذكرك خَطرَتي | أيامَ صدري ليس فيه فؤادُ |
فاذهب كما ذهب السَّقَامُ إلى التي | مابعدها للذاهبين معادُ |
لاتَبْعدنَّ من الذي تُكْنَى به | وهو الذي تفسيرُه الإِبعادُ |
شاورتَ فيَّ وفي ثوابي خالياً | رأياً لعمرك لا يليه سدادُ |
فأراك حرماني وقال قوارصٌ | تأتيك أنت لمثلها معتادُ |
خَيَّبْتَني ثقة ً بلؤمك إنه | لمن استعد لشاتمٍ لَعَتادُ |
عن مثله نكص الهجاء مقهقِراً | ونَبَتْ سيوفُ الشتم وهي حِدادُ |
لا إنَّ لؤمَك جُنَّه لكنه | نَجَسٌ يعاف ورودَه الورَّادُ |
كم ذاد عنك من الهجاء غريبة ً | لا يستطيع ذيادها الذُّوَّاد |
فأشكره إن خلاَّك تشكر منعماً | سُدٌّ أمامك منه بل أسدادُ |
لو رُمْتَ صالحة ً لغالك دونها | سجنٌ وقيدٌ منه بل أَقيادُ |
لازال ذاك السجن منك مظنة ً | وتضاعفتْ فيه لك الأصفادُ |
لؤْمٌ أبى لك شكْرَ ما أولاكَهُ | والشرُّ منه لنفْسِه أمْدادُ |
وأما وذاك اللؤمِ لؤْماً إنه | لؤمٌ سبقتَ به الزمان تِلادُ |
لئن اجتوتك له شتائم أصبحتْ | من شتمها إياه وهي تعادُ |
لَتُلاقِينَّ شتائمي ناريَّة ٌ | لايجتويك حريقُها الوقَّادُ |
فكذاك نار الهُون تَرْأم أهلها | حتى كأنَّهُمُ لها أولادُ |
فاهرُبْ وأين بهاربٍ من طالبٍ | في كلِّ مُطَّلعٍ له مرصادُ |
خذها إليك من الملابس ملبساً | تشقى به الأرواحُ والأجسادُ |
ضَنْكاً إذا زُرَّتْ عليك زُرُورُه | ضاق الخناق فلم يَسَعْكَ بلادُ |
ولئنْ شقيت بلُبْسِ بردٍ مثلها | فلطالما شقِيتْ بلك الأبرادُ |
ولتخْزَيَنَّ بها إذا ما أنشدتْ | أضعافَ ما يُزْهَى بها الإِنشادُ |
لاتفرحنَّ بحسنها وجمالها | فليرحمنك فيهما الحسَّادُ |
ولأرمينَّك بعدها بقصائد | فيها لكل رَميَّة ٍ إقصادُ |
لو خَيَّسَتْ فرعونَ ذلَّ لوقعها | فرعونُ ذو الأوتاد والأوتادُ |
عُتْباكَ منها إنْ غضبْتَ مقالتي | ستُزادُ يابن مدبّرٍ وتُزادُ |
من كل سائرة ٍ بذمِّك يَرْتمي | بِركابها الأغْوار والأنجادُ |
شنعاء تُضْرم فيك نار شناعة ٍ | تبقى نوائرُها وأنت رمادُ |
تحْبوك بدْأتُها بذكْرٍ نابِهٍ | عُقباه إخْمالٌ هو الإخْمادُ |
ولَقلَّ مايُجْدِي على متبجِّحٍ | ذكْرٌ يُماتُ بنَشْرِه فيُبادُ |
ماينفع الحطبَ المحَرَّقَ في الصِّلا | ضوءٌ جريرتُه عليه فسادُ |