كلما ازداد الإنسان معرفة ازداد أسىً |
العهد القديم |
كيف أترجم نفسي ؟ |
فتح الغيم و انثال رمل بخطوي |
دماء اللغات استضافت |
أهيئ ، |
ماشياً في شظايا الرجوع |
أدحرج . أسست للنار نهراً يطوف ويغوي |
أدحرج . غير الصدى في المدينة |
غير المراثي وغير الخشوع |
اللغات استضافت |
أترجم |
والحرف يمشي ويكبو |
والحرف طفل سيحبو |
دخلت المدينة صادقت أحجارها . صرت فيها |
هات أطرافها |
لثغة واكتشفت |
نام أو أيقظ الطين أو ... |
يا أيها الغيم غير لغات لها عوسج عاقر |
لها أمنيات قبيحة |
لها مدية للضحايا الجريحة |
دمي رافض |
غير هذي القيود بلادي |
وغير الشهيق يداي وغيري |
أتخطاك يا نقطة الضوء |
أمشي على شهوة الغيم |
أمشي أهيئ |
هاتي . أسميك لي شرفةً في الحدائق . |
رملي فسيح وشباك عينيك يغوي |
أديري خلاياك واستنهضيني |
أسميك أمس الغبار |
يا نقطة الضوء يا شيء قلبي أسميك |
أعطي خطاي الوصايا . |
هل أنت |
يا نقطة الضوء |
يا شوكةً في يقيني |
أمشي فسيحا وناري حدود المدينة |
مدي خلاياك واستهدفيني |
أسمي وأغوي تواريخك في تراثي |
وأغويك مدي يديك إلى جثتي وازرعيني |
أسميك أمحو شهيق المدينة |
أكتب حلم المدينة |
مدي ، تعالي تلاشي على طينتي واحصديني |
يا نقطة الضوء |
ها أتخطاك أترك لا تتركيني . |
كيف أترجم نفسي ؟ |
ناديت ليل السكوت |
اللغات استضافت |
ولكنها حين ناديت رمل الخطى |
قلت للقيد |
قلت : السكوت الذي في المدينة |
قلت : البيوت المآتم |
تركض نحو العيون الحزينة |
أترجم ؟ |
ماذا تقول الدماء عن الدم ؟ |
ماذا أهيئ ؟ |
يخرج من جرحه هجرةً |
في يقين من الشك |
يخرج أرسمه خيمةً للنهار |
فمن يمتطي صهوة في المدينة |
ماذا تقول الدماء عن الدم ؟ |
صادقتها صرت فيها |
اكتشفت المدينة |
حدقت هذا صديقي |
وهذا الذي رأسه بيرق للنشيد |
وهذا الذي في الحديد |
وهذا الجديد |
حدقت هذا صديقي الذي ... |
ولكنه لا يحيد . |
نافذة البحر تصحو |
كأن الخطى طفلة |
كأن الشوارع تسأل |
كأن النوارس في عرسها ترجمان |
فيا أيها الغيم غير |
( يمشي ولا ينسى |
يلملم جرحه السري |
حزناً شاهقاً يمشي ولا ينسى |
دم في أول الكلمات |
لا يسهو ولا مرتاحة عيناه |
في حلم |
وأسماء العذارى نزهة في القلب |
ممتد كخيط الحب بين الماء والمعنى |
يواري جرحه السري عن عينيه |
لا مرتاحة عيناه ، لا يبكي |
دم في آخر الكلمات |
لا يغفوا ويمشي في بياض الوقت |
لا تعب ولا ينسى |
وقبل الموت يرفع ياقةً للثلج |
يا فبراير الثلجي |
هل ينسى ؟ ) |
أترجم نفسي ؟ |
من يسأل الجرح عن نزفه ؟ |
انحدرت إلى السهل |
هذي المدينة كهف |
وهذي الشوارع مرصوفة بالحراب |
انحدرت وفي كل باب من البيت جبانة |
ليس بيتي ولكنه سهرة للخراب |
انحدرت ولي هجرة في الحقول |
النهارات موصولة في دمي كالصراخ |
اصرخ الآن يا ماء قلبي |
سؤالاتهم مثل باب السماء |
اصرخ الآن ، قل كلمةً |
قل لهم ، فالدماء ... |
من يسأل العرس عن عزفه ؟ |
قلت : ها أنت |
وانثال كالرمل صوتي |
كأن المدينة تخلع قمصانها |
( لست بيتي ) |
وهاجرتها ( لست صوتي ) |
وهاجمتها ( أنت موتي ) |
عرفت المدينة ؟ |
علم سواحلها وانشطر في مداها |
عرفت المدينة ؟ |
ها أنت ... |
أخلع ماء المدينة أغسلها بالهموم |
وأصعد أصعد |
أحزمها بالسواحل والعشب |
أركض فيها كأن الغيوم . |
نهضت ، وشلت المدينة |
هيأت للأرض شمسي |
من أنت ؟ |
اخترقت المتاريس |
كانت بلادي وكنت |
أترجم |
أمشي على مهل في ضحايا الخضوع |
وأفزع . |
المتاريس محشوة بالضحايا |
حدقت هذا صديقي |
وهذا الذي يحتسي يأسه |
وهذا الذي رأسه |
وهذا الذي وردة في طريقي |
حدقت هذا ... صديقي . |
رأيت العذارى الضحوكات في القتل |
يلبسن عطر الجدائل |
أمشي على مهل في دمي |
كنت أمشي |
وكانت توزع أزياءها في الأغاني |
كأن الرسائل |
عرفت الذي ينتمي |
والذي يحتمي |
والذي حين يحتاج كأساً |
سيشرب حمى دمي |
( فيا أيها الماء غادر فمي |
واحتملني ) |
فهذي المدينة يا سيد الومض |
تنور قلبي |
وقدس رمادي |
أنادي المدى والشظية |
هذي بلادي |
فدعني أكون الصدى والهدية |
ها أنت . هيئ |
( هل أمشي على خيط من الرمل |
انتحلت الموجة المنذورة العينين |
هل أمشي على حزن الحليب الشارد العينين |
هل أمشي |
ولي إشراقة الطلقات في فجر المرايا |
لي هدايا الشمس |
هل أمشي ونصفي واقف في الهمس |
نصفي هارب . |
ماذا يقول الدم |
هل أمشي |
ولي حلم يسور جثتي |
وضياع أطفالي بقلب الناس |
لي في رفقة الأحلام |
لي أيام |
لي أمشي ولا أنسى |
بلادي خمرة في الكأس) |
يا أيها الغيم غير ، |
ولكنها يممت نحو ماء الرماد |
فيا سيد الومض قدس رمادي |
تعلمت أن الغموض الذي في زنادي |
وفي لهجتي وردة في وسادي |
تعلمت أن البلاد التي أعلنت صمتها في الميادين |
ليست بلادي |
ويا سيد الومض قدس |
وزين جراح الصبيات |
حول فساتينهن احتفالاً |
وأسرارهن الخجولات |
إشراقةً في سوادي |
ويا سيد الومض |
إمض |
تعلمت ؟ علِّمْ سمائي وأرضي |
أجج غموضي وكن جامحاً في قيادي |
يا أيها الغيم |
لكنها ضيعتني شريداً |
أترجم ؟ |
ماذا تقول الدماء عن الدم ؟ |
أعطيتها للعصافير |
أعطيت قمصاني الخارجات من الدم |
للحلم |
هات أطرافها |
فالغيم يغوي |
يا رملها يا مداها |
احتملني غريباً |
لي الصافنات التي تشبه البرق |
لي عطرها |
صحت يا صوتها هات لي تاج أسرارها |
هات لي الشكل واللب والاحتمال |
احتملني . احتضني شريداً |
وترجم لغاتي |
ولا تحتفل باكياً في مماتي |
دخلت المدينة صادقتها |
صار لي سجنها |
صحت يا صمتها أنت موتي |
وأعلى من الحلم صرت |
وأحلى من السنبلة |
جميل غناء بلادي |
سأعشقها حيث تصحوا النخيل |
وحيث تصير الحدائق ريفاً من الأسئلة |
وأحلى من الفرح البرتقالي |
أعلى من الاختيال الفدائي عرسي |
هنا أول المرحلة . |
كيف أترجم نفسي ؟ |
اللغات استضافت وخافت |
في فضاء العناقات صوتي يهيم |
اللغات المسافات ضاقت |
رأيت الحريق |
فهل أحتمي بالمدينة ؟ |
يعرف سر المدينة |
يحمل مفتاحها |
ويؤرجح ميزانها |
طاعن في رماد التقاليد |
يفضح فيها ويهزمها في التلافيف |
يكمن في صمتها مثل لغم |
ويهزأ من خوفها |
طاعن في المدينة |
( افتح القفل تلق المدينة |
تلق شرايينها مثل فحم ) |
ويعرف سر المدينة . |
بوابةً للرجوع وسجادةً للركوع |
يغني ويحرق سور المدينة |
يرسل نيرانه للرؤوس التي لم تعد |
للصدور التي لم تعد |
يختفي ثم يبدو كأن الفصول |
تؤلب راحاتها بالضحايا |
يغني كأن السيول |
ويهتك سر المدينة |
يسكر في نارها ثم ... |
من يحتمي بالمدينة ؟؟ |
( اتصلت |
حولت ذاك الشفق الشقيق |
مستقبلاً |
دفأته بالحب |
أو أخفيته في الأمل العميق |
فتحت ثوب الوله المزدان بالأحزان |
وقلت : هذا الكون مكسور |
فدب القلق الصديق |
في راحة القبول |
وشكت الحقول في الأغصان |
والنخل في البستان |
ولم أقل لو أنني أقول |
حرضت يأس الجمر والأنهار |
أغريتها بالنار والأمطار |
وقلت للآفاق اتسعي |
اتسعي ، |
لي لغة ، |
لكنها تضيق ) |
من يسأل الشاعر عن أحلامه ؟ |
- أين ذهبت ؟ |
- توزعت في كتب الليل |
في أزرق القلب |
أعطيت صوتي شكل العصافير |
وزعت في الظن والياسمين احتفالي |
توهجت مثل اتساع الرمال |
تداخلت في خفقة في الحجر |
تلفت تراني |
أقسم نبضي في كل رفض |
أشكل عبر المرايا الصور |
تساءلت كيف أترجمها |
فامتزجت |
وهاجت على كاهلي رجفة الكون |
ماجت دموع المساكين في داخلي |
وامتزجت |
وما الفرق بيني وبين الحنين |
وما الفرق بين الهدايا التي أجهضت |
والهدايا التي تشبه الياسمين |
وما الفرق |
ما الفرق بيني وبين المدينة |
توجت برد المسافات بالنار |
خليته بيرقاً يحتفي |
شلته في غنائي |
وهيأت للحرق نفسي . |
مرغت قلبي على بابها وانتظرت |
لكنها غادرتني |
فقلت انتهى حبها واعتذرت |
لكنها راودتني |
فأغريتها بالحدائق |
أدخلتها في سرير الحرائق |
أرهقتها واختلجت . |
دخلت المدينة |
رافقت أحجارها |
صار بيني وبين الحجر |
شرفة واحتضان |
صرت جزءاً من الطرقات السخية |
حاكيت تربتها في الفصول الوفية |
أشجارها في شجون العناقات |
صرت . |
- ومن أنت ؟ |
- ليست بلادي |
ليست مراثي المآتم |
ليست صديد القرابين |
ليست بكاء التمائم |
ماذا جرى للمدينة ؟ |
سألت الحجر |
قال : إن الحروب التي وانكسر |
و ها أنت |
لكنها وردة في الطريق |
تحركت وانثال رملٌ بخطوي |
وغادرت سهوي |
ماذا جرى للمدينة ؟ |
سألت الطريق |
قال : إن الحريق الذي واستعر |
فناديت يا غيم غير |
وأعطيت للطين تكوينه |
قلت ماذا جرى للمدينة ؟ |
سألت الخطى |
قالت : اتبع خطاي |
فهيأت للسور فأسي . |
الغيم ينثال في الأفق |
ترجمْ ، |
سألت اللغات ولكنها أحجمت |
واستدارت |
- ومن أنت ؟ |
- كيف أترجم نفسي ؟ |
وكل اللغات التي صغتها حاربتني |
تبطنت همس الغصون إلى الماء |
حاورت رمل المواعيد |
حولت هتف الكواكب |
سجادةً للمواكب . |
- ومن أنت ؟ |
- كيف أترجم نفسي ؟ |
وكل السهام التي ... |
قد رمتني |
- هل كنت غيماً ؟ |
- كشفت الليالي |
وسميت هذي العباءات حزناً |
دعوت الرياح وخبأتها في الطفولة |
قلت : ( انتهى عهدكم ) |
ثم سميت بدء النهايات سجناً |
- وهل صرت ماءً ؟ |
- قطعت الحبال |
وغادرت كل الموانئ |
حرضت موجاً خجولاً |
وأرخيت للريح شوق المراكب |
- هل أنت ؟ |
- صرت الصريخ الذي يحزم الأرض بالبحر |
غيرت شكل الأنين |
وحولته رايةً في دم الياسمين |
سميت أطفال قلبي نجوماً على الحلم |
أعطيت شهق الرفاق احتمال الكواكب . |
- وهل ... ؟ |
- كنت أمشي وكان ... |
فسميت وقتي خليج الصواري |
وغيرت صوتي |
وشكل احتراقي وقتلي |
وغيرت خبز الجحيم |
انتقلت امتزجت |
وغيرت إيقاع عشقي |
وغيرت غيرت غيرت |
لكنني في مداري . |
تلعثمت |
كل الدموع التي حين جاوبتها |
ساءلتني |
تلفت كل الدماء التي حين ساءلتها |
جاوبتني |
وها أنت |
كيف أترجم نفسي ؟ |
لبست المدينة زينتها بالقتال |
أرخيت شعر الليالي على صدرها |
وارتعشت |
ولكنها عسكرت في دمائي |
اختلجت |
حملت المدينة في رقصتي |
درت عانقت فيها |
وهندستها |
أرهقتني اللغات التي في السؤال استضافت |
تيقنت أني ... |
فأسلمتها لهجتي |
ويممت نحو السهول |
كأن الخيول استعارت صهيلي |
توسمت بالغيم والغيم بوابتي ودليلي . |
لبست المدينة وذوبتها في الخيال |
غسلت المدينة وحولتها في رحيلي |
وأغرقتها في حليب الطفولة |
صبغت بها الدم أنشدتها في العناقات |
أسستها في السؤال |
وأصغيت . |
لبست المدينة |
دخلت بها في دماء المساكين |
مغسولةً بالضحايا |
كتبت اسمها في البقايا |
مشيت لينثال خطوي وترجمتها |
صرت لهج المدينة |
وأصغيت للبحر أصغيت |
لعل العصافير في البحر |
لعل القواقع في القاع تذكرني وتجيء |
لعل الرحيل البطيء يؤجج هجرته |
في المدينة . |
قلت كيف أترجم نفسي ؟ |
لعل العصافير تسمع إصغاء قلبي |
لعل العصافير |
كيف أترجم نفسي |
وكيف ... كأن الضجيج الذي في دمائي مواسم |
كأن الإشارات واللافتات التي في طريقي |
واضحة كالطلاسم |
كأني أقول لكل اللغات استثيري |
أقول لشمس الليالي أطلي على مقتلي |
واستديري . |
مارس 1978 |