بدا الشيبُ في رأسي فَجَلَّى عَمَايتي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بدا الشيبُ في رأسي فَجَلَّى عَمَايتي | كما كشفتْ ريح غماماً تَطَخْطَخَا |
ولا بدّ للصبح الجلِيّ إذا بدت | تباشيْره أن يسلخ الليل مسلخا |
وأضحت قناة ُ الظَّهْر قُوِّسَ متْنُها | وقد كان معدولاً وإن عشتُ فخخا |
وأحدث نقصانُ القُوَى بين ناظري | وسمعي وبين الشخصِ والصوت بَرْزخا |
وكنت إذا فَوَّقْتُ للشخص لَمحَتي | طوتْ دونه سَهْباً من الأرض سَرْبَخَا |
وكنتُ يناديني المنادي بعَفْوِهِ | فَيَغْتَالُ سمعي دون مَدْعَاهُ فرسخا |
فحالَتْ صروفُ الدهر تنسخ جِدَّتي | وما أُمْليتْ من قبلُ إلا لتُنْسَخا |
واصبحتُ عَمَّاً للفتاة مُوَقَّراً | وقد كنت أيام الشبابِ لها أَخَا |
وما عَجَبٌ أن كان ذاك فإنه | إذا المرء أشْوَتْهُ الحوادثُ شَيَّخَا |
بَلَى عجبٌ أني جَزعت ولم أكن | جَزوعاً إذا ما عضَّهُ الدهرُ أَخَّخَا |
عَزَاءَكَ فاذكرهُ ولا تنس مِدْحَة ً | لأَبْلَجَ يحكي سُنَّة البدر أبلْخَا |
له سِيمِياءُ بين عَيْنَيْ مُبَارَكٍ | إذا ما اجتلاها رَوْعُ ذي الروع أفْرَخَا |
صَريخٌ لو اسْتَصْرَخْتَه يا بن طاهرٍ | على الدهر إذ أخنى عليك لأَصْرخا |
من المُصْعَبيين الذين تفرَّعوا | شَمَاريخَ أطْوادٍ من المجد شُمَّخا |
أُناسٌ متى ساءلت نَافَس حظَّهمْ | بأيَّامهم في الجود والبأس بَخْبَخَا |
إذا ما المساعي أُجْريَتْ حلباتُها | بَدَوْا غُرراً في أوجُه السَّبْق شُدَّخا |
بِهم جُعِل المجدُ التَّليد مُصَدَّراً | وليس بإنْسيٍّ سواهم مُؤَرَّخا |
تَعَدَّى وأسرف في مديح ابن طاهر | فلستَ على الإسراف فيه مُوَبَّخَا |
أبو أحمد ليثُ البلاد وغيثها | إذا حطْمَة ٌ لم تُبق في العظم منقما |
فتى لم يزل في رأس علياءَ دونها | بمَرْقَبة باضَ الأُنُوقُ وفَرَّخا |
إذا راح في رَيَّا نَثَاهُ حسبتَه | هنالِك بالمسك الذَّكيِّ مُضَمَّخا |
يُنِيخُ المَطيَّ الراغبون ببابه | ولو لم يُنيخُوه إذن لَتَنَوّخا |
تَظلُّ متَى صافحَت أسْرارَ كَفِّه | تَمَسُّ عيوناً من نَداهُنَّ نُضَّخَا |
إذا وَعَدَ اهْتزت له الأرض نَضْرَة ً | وأنبت منها كلُّ ما كان أسْبَخا |
وإن أوْعَدَ ارتَجَّت فإن تمَّ سُخطهُ | تهاوت جبال الأرض في الأرض سُوَّخا |
ولستَ تُلاقي عالماً ذا براعة ٍ | بأبرَعَ منه في العوم وأرسخا |
ولم تر ناراً أوقدت مثل ناره | لدى الحرب أشوى للأعادي وأطْبخا |
كفى زمناً أدّى الأميرَ وأَهْلَه | به وبهمْ إن حاول البَذْخَ مَبْذَخَا |
هو الطِّرْفُ أجرتْه الملوك ومسَّحت | قديماً له وجهاً أغرَّ مُشَمْرَخَا |
إذا هو قاد المُصعبيين فاغتدَوا | جَحَاجحَة ً تَهْدي غَطاريف شُرَّخا |
فأيَّة َ دارٍ للعدا شاء جَاسَها | وأية َ أرضٍ للعدا شاء دَوّخا |
به أيَّدَ اللَّه الخلافة بعدما | وَهيَ كُلَّ وَهْي رُكْنُها فتفسَّخا |
هو الطَّاهر ابن الطَّاهرين الألى مَضَوْا | ولم يَلْبَسوا عرضاً مُذّالاً مُطَيخا |
ومُسْتَمْنِحِي مدحاً كمدحيه بعدما | تمكَّن إخلاصي له فَتَمَخَّخَا |
فقلتُ له عني إليك فلن أرى | هواك لمثلي في رمادك مَنْفَخَا |