لئن كنتُ في حفظي لما أنا مودعٌ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لئن كنتُ في حفظي لما أنا مودعٌ | من الخيرِ والشر انتحيتُ على عرضِي |
فما عِبتني إلا بما ليس عائبي | وكم جاهلٍ يُزرَى على خُلُقٍ محضِ |
وما الحقدُ إلا توأم الشكر في الفتى | وبعضُ السجايا ينتسبنَ إلى بعض |
فحيثُ ترى حقداً على ذي إساءة ٍ | فثمَّ ترى شُكراً على حَسنِ القرض |
إذا الأرض أدّتْ ريع ما أنت زارع | من البذر فيها فهي ناهيك من أرض |
ولا عيبَ أن تُجزَى القروضُ بمثلها | بل العيبُ أن تدّان ديناً فلا تَقْضي |
وخيرُ سجيّات الرجالِ سجيّة ٌ | توفّيك ما تُسدي من القرض بالقرض |
ولولا الحقودُ المستكناتُ لم يكن | لينقضَ وترا آخر الدهر ذو نقض |
أميّزُ أخلاق الكرام فأصطفي | كرائمها والزبد يُنْزع بالمخضِ |
وأتركُ أخلاقَ اللئام لأهلها | وأرفضها مذمومة ً أيما رفض |
وأُبقي على عِرضي من الطَّيخ إنه | إذا طيخت الأعراض لم تَنقَ بالرحض |
وإني لبرٌّ بالأقارب واصلٌ | على حسدٍ في جُلِّهم وعلى بُغض |
ولم أقطع الأدنى مخافة َ شينه | ومني سَمارا كان أو غيره رُضّي |
وإني لذو حلمٍ وجهلٍ وراءه | فمن كان مُختلا رضيتُ له حمضي |
ولولا عُرام في الفتى فُلَّ حدُّه | ولولا ذُباحٌ في المهند لم يَمض |
أسوغُ لخلاَّني مساغَ شرابِهِمْ | ويلقاني الأعداءُ كالحنظل الغضِّ |
ولولا إباءٌ في الفتى ومرارة ٌ | لأغضي على أشياء يقذى بها المغضي |
وما بي من وَهْن فأرضى بمُسخطٍ | ولا البغيُ من شأني فأسخط ما يُرضي |
وفيّ أناة ٌ لا تُفاتُ بفرضة ٍ | لها سيرة ٌ موضوعة ٌ وهْي كالرَّكض |
ويُمكنني عِرضُ الرميّ فأرْعوي | وأُبقي ولو أمكنْتُهُ لرمى عرضي |
أكفُّ يدي حِلما وفضلَ تكرُّمٍ | وإني لرحب الذرع بالبسط والعضِّ |
وإني لليثٌ في الحروبِ مظفرٌ | معارُ أداة َ الهصر بالظفر والعضّ |
إذا ما هززتُ الرمح يوم كريهة ٍ | لجمعٍ فذاك الجمع أولُ منفضّ |
تضاءلُ في عيني الجموعُ لدى الوغى | وإن هي جاءت بالقضيض وبالقضِّ |
وما ضرّ بي الأقران عند لقائهم | بذبٍّ ولا طعني هنالك بالوخض |
وما نجمُ رأيي في الخطوبِ بآفلٍ | ولا حينَ تنقضُّ النجومُ بمنقضّ |
إذا الخُطة ُ الدهياءُ أكمنَ غيبُها | كمينا مخوفَ الشِّر فارضَ له نفضي |
وتُطلعني الأسرار في مستكنِّها | على حركاتِ الحبضِ منهن والنَّبض |
بظنِّ كرأي العين لا متقسَّمٍ | ولا حين ترفضُّ الظنونُ بمرفض |
تفضُّ خواتيمَ السرائر لمحتي | وخاتمُ أسراري بعيدٌ من الفض |
وإني لصبّارٌ على الحق يعتري | ولو كان في صبري له مابرى نحضي |
عليمٌ بأن المجد يهزلُ أهله | وأن ليس عن طول الجُسومِ ولا العرض |
تواكَلَ عُدّالي ملامَة ماجدٍ | يرى عذل العُدَّالِ في الجودِ كالحض |
إذا ضاقت الأخلاقُ أفضتْ خلائقي | إلى سعة ٍ مثلي إلى مثلها يُفضي |
وإني لرحّال المطيِّ على الونى | قليلُ مبالاة ٍ بإنضاء ما أُنضي |
أبيعُ بمكروه السُّرى لذة الكرى | إذا رويت عين الدّثورُ من الغُمضِ |
وما ذاك أنّي بالرفاهة جاهلٌ | ولكن رأيتُ الخفضَ يُلصقُ بالخفضِ |
أشدُّ لنيل المجدِ رحلي مُشمِّراً | وهل بعده شيءٌ أشدُّ له غرضِي |
ولو شئتُ رويْتُ الجفون من الكرى | وألجأتُ أعطافي إلى جسدٍ بض |
وإني لِنضْو المكرماتِ ونِقضُها | على أنني لا أشتكي سأم النَّقض |
ولي همة ٌ تطوي إلى الريّ ظَمْأها | عيوفٌ لطَرْقِ الماء والثَّمدِ البرض |
إذا ناهضَ العلياءَ قومٌ فقصَّروا | فإني حريٌّ أن يتم لها نهضي |
أمُدُّ إلى الطُّولى يداً ذاتَ بسطة | وعين كريم لا يُقال لها غُضِّي |