الكتب
مدة
قراءة المادة :
8 دقائق
.
وادي النطرون
وتاريخ الأديرة البحرية
للأمير عمر طوسون
للأستاذ محمد بك كرد علي
وضع الأمير تآليفه لخدمة مصر والسودان، فهي الآن تملأ قمطرا جميلا من قماطر التاريخ والاجتماع والاقتصاد والمالية وغيرها. ومنها ما كتبه بالفرنسية (1) كمذكراته في فروع النيل في القديم وعلى العهد العربي (مجلدان)، و (2) مذكرات في مالية مصر منذ عهد الفراعنة إلى أيامنا هذه (مجلد واحد)، و (3) مذكرات في تاريخ النيل (ثلاثة مجلدات)، و (4) كتاب في جغرافية مصر في عهد العرب (مجلد واحد)، و (5) عاقبة أمر المماليك، و (6) بحث في وادي النطرون ورهبانه وأدياره وغير ذلك.
ومن تآليفه بالعربية (7) كتاب مالية مصر من عهد الفراعنة إلى الآن (مجلد ضخم)، و (8) بطولة الأورطة السودانية المصرية في حرب المكسيك، و (9) الصنائع والمدارس العربية والبعثات العلمية في عهد محمد علي باشا، و (10) الجيش المصري، و (11) البحرية المصرية، و (12) كتاب البعثات العلمية في عهدي عباس الأول وسعيد، و (13) يوم 11 يوليه سنة 1882؛ وغير ذلك من أبحاثه ومقالاته بالعربية والفرنسية مما ينشره في الصحف والمجلات بالمناسبات وآخر ما صدر من قلم الأمير بالعربية (14) (وادي النطرون ورهبانه وأديرته ومختصر تاريخ البطاركة) مذيلا بكتاب (تاريخ الأديرة البحرية)، و (15) كتاب للباحث المطلع (المحزون) في (ضحايا مصر في السودان وخفايا السياسة الإنجليزية) (طبعة ثالثة) طبع على نفقة دائرة سمو الأمير في مطبعة السفير بإسكندرية، وقد قد الأمير كتاب وادي النطرون إلى صاحب الغبطة الانبا يؤانس (بابا وبطريرك الكرازة المرقسية الثالث عشر بعد المائة) ودل المؤلف فيه على كثرة بحثه ودرسه وأنه خادم أمين لمصر وسودانها، في جميع المظاهر النافعة، وأنه حسنة من حسنات مصر الحديثة، ما أحرز شهرته العالمية إلا من طريق العلم والعمل والإخلاص لمصر خاصة، والمسلمين في الأرض عامة.
فجزاه الله عن العلم أفضل ما يجازي من أخلصوا في خدمته، ونفع بثمرات اجتهاده مصر والمصريين من أفلاطون إلى ابن سينا للأستاذ جميل صليبا نشر مكتب النشر العربي بدمشق ست محاضرات في تلخيص فلسفة أفلاطون والفلسفة العربية وفي الفارابي والجمع بين رأيي الحكيمين أفلاطون وأرسطو، وفي جمهورية أفلاطون والمدينة الفاضلة، وفي نظرية الفيض عند ابن سينا، أو صدور الموجودات عن الخالق، وفي نظرية النفس عند ابن سينا، وفي نظرية ابن سينا في السعادة.
قال المؤلف: إذا درسنا فلسفة ابن سينا رأينا أنها تختلف عن فلسفة أرسطو في كثير من المسائل، كفكرة الفيض، وفكرة خلود النفس وغيرهما، وأن ابن سينا متفق مع أرسطو في الطرائق والوسائل، ومختلف عنه في الغايات والمقاصد، ولعله لم يبتعد عن أرسطو في بعض المسائل إلا لتأثره بالوسط الاجتماعي، ورغبته كالفارابي في الجمع بين الدين والفلسفة، فقد كان الفارابي يعتقد أن الفلسفة واحدة، وأن مقاصدها الحقيقية لا تختلف عن مقاصد الدين.
وكان ابن سينا يرى كابن الطفيل أن النبوة حالة طبيعية من أحوال النفس، لا فرق بين الدين والفلسفة إلا من حيث الظاهر.
وقال إن الجمع بين الدين والفلسفة كان من أكبر العوامل التي حدت بالفارابي وابن سينا أن يعرضا أحيانا عن أرسطو ويتبعا أفلاطون، وقد سارا في ذلك على طريقة فلاسفة الإسكندرية؛ ووجدا في ترجمة كتب أفلاطون خير معين على ذلك.
وقد بسط صاحب هذه المحاضرات هذه المباحث بسطا يقربه من الأذهان معتمدا على مصادر عربية وغربية، فالشكر لعنايته وأدبه كتاب محاسن أصفهان تأليف مفضل بن سعد بن الحسين المافروخي الأصفهاني ويليه رسالة الإرشاد في أحوال الصاحب الكافي إسمعيل بن عباد صاحب كتاب محاسن أصفهان من علماء القرن الخامس للهجرة، فارسي أصفهاني استعمل السجع في كلامه حتى كادت تضيع المعاني، وكتب كتابه على بلده كتابة مبالغة وتمدح، وفيه فوائد لمن تهمه أحوال تلك الديار في تلك العصور.
ومما نقله المؤلف كتاب للحجاج.
قيل إنه كتبه لوهزاذين يزداذ بن الأنباري، وكان قريبا لكاتبه المجوسي الأصفهاني جاء فيه: أما بعد فإني استعملتك على أصفهان، أوسع الأرض رقعة وعملا، وأكثرها خراجا وأزكاها أرضا، حشيشها الزعفران والورد، وجبلها الفضة والكحل، وأشجارها الجوز واللوز والجلوز وما أشبهها، والتين والزيتون والكروم الكريمة، والفواكه العذبة، وطيورها عوامل العسل.
وماؤها الفرات، وخيلها الماذيانات الجياد.
فايم الله لتبعثن إلي بخراج أصفهان كلها أو لأجعلنك طوابيق على باب مدينتها، فاختر أوفق الأمرين لك، فقد عظمت جنايتك علي وأسأت إلى نفسك.
) وساق المؤلف حديث (لو كان الإيمان يناط بالثريا لتناوله رجال من الفرس أو قال من هؤلاء).
وذكر في جملة فلاسفتها ومهندسيها ومنجميها وأطبائها جماعة من اليهود منهم: يوسف اليهودي، ويعقوب اليهودي، والفرج بن سهل اليهودي، إلى غيرهم من المسلمين والمجوس؛ وذكر في شعرائهم طائفة من الشعراء بالعربية وأخرى من شعراء الفارسية، وكذلك من كتاب العاصمة على اختلاف لغتهم وذكر المؤلف ما في داخل أصفهان من الدور السرية وأن منها ما يصلح لأمير كبير، وأن في أسواقها طرائف بغداد، وخزوز الكوفة، وديباج الروم وتستر، وبز مصر وقباطيها، وجواهر البحرين، وآبنوس عمان، ونوادر الصين، وفراء خراسان، وخشب طبرستان، وأكسية آذربيجان وأصوافها، وفرش إرمينية، وما يقاربها من الظروف والأواني والفرش والأمتعة والأثاث والعقاقير والأدوية والأخلاط والأبازير التي مساقطها من البلدان المتطارحة والأوطان المتنازحة، ووصف جوامع أصفهان ومنها جامع الخصيب بن مسلم لا يصلي فيه في الصلوات الخمس أقل من خمسة آلاف رجل (وتحت كل اسطوانة منه شيخ مستند ينتابه جماعة من أهلها بوظيفة درس، أو رياضة نفس، تزيد بمناظرة الفقهاء، ومطارحة العلماء، ومجادلة المتكلمين، ومناصحة الواعظين، ومحاورات المتصوفين، وإشارات العارفين، وملازمة المعتكفين، إلى ما يتصل به وينظم إليه من خانكاهات قوراء مرتفعة، وخانات عامرة متسعة، قد وقفت لأبناء السبيل من الغرباء والمساكين والفقراء، وبحذائه دار الكتب وحجرها وخزائنها اللواتي قد بناهن الأستاذ الرئيس أبو العباس أحمد الضبي ونضد فيها من الكتب عيونا، وخلدها من العلوم فنونا.
ويشتمل فهرستها على ثلاثة مجلدات كبيرة من المصنفات في أسرار التفاسير وغرائب الأحاديث، ومن المؤلفات في النحو واللغة والتصريف والأبنية، ومن المدونات من غرر الأشعار، وعيون الأخبار، ومن الملتقطات من سنن الأنبياء والخلفاء، وسير الملوك والأمراء، ومن المجموعات من علوم الأوائل من المنطقيات والرياضيات والطبيعيات والإلهيات، وبذلك أدركنا أن الجامع الأعظم ودار الكتب في أصفهان هما من إنشاء العرب أيضا وفي الكتاب شعر كثير، ومسائل أقرب إلى أن تعد في باب الأساطير والخرافات منها إلى أن تعد في التاريخ والأدب.
وما كتاب محاسن أصفهان إلا صورة صحيحة من تأليف الفرس في ذلك العصر، والمؤلف نفسه كثير المادة من الألفاظ، ضعيف في السبك، تقرأ العجمة في كل سطرين من كلامه.
وقد طبع الكتاب في طهران الأستاذ السيد جلال الدين الحسيني الطهراني عن نسخة الميرزا جسنخان وثوق الدولة أحد زعماء السياسة في إيران، كتبت سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، وقدم له مقدمة عربية وختمها بقوله: (وإني مع قلة بضاعتي في الفنون الأدبية، وكثرة اشتغالي بالعلوم الرياضية والفلكية، أرجو من مطالعي هذا الكتاب العفو عن زلتي في تصحيح بعض مواقعه) وقد وضع للكتابين فهارس الإعلام والأماكن والقبائل وطبعته (مكتبة الإقبال) في عاصمة إيران.
أما رسالة الإرشاد فهي في مدح الصاحب بن عباد الوزير الكاتب المشهور تأليف أبي القاسم أحمد بن محمد الحسني الحسيني القوبائي الاصبهاني من علماء القرن الثالث عشر من الهجرة.
فللناشر أطيب الشكر على عنايته محمد كرد علي