سقى دارها بالرَّقمتينوحيَّاها
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
سقى دارها بالرَّقمتينوحيَّاها | ملثٌّ يحيل التربَ في الدار أمواها |
ورفَّ عليه رائحٌ متهدّلٌ | من النبت يُرضي جردها ومطاياها |
ولا برحتْ تمحو ندوبَ هجيرها | بوادرُ من أسحارها وعشاياها |
إلى أن ترى الأبصارُ حسنا تودُّه | وخُمصُ المطايا بِطنة ً تتعافاها |
وما بيَ إلا نفحة ٌ حاجريّة ٌ | تؤدّي صباها ما تقول خزاماها |
أحبُّ لظمياءَ العدا من قبيلها | وأهوى ترابَ الأرض ما كنتُ أهواها |
وأُغضي على أمرٍ وفيه غميزة ٌ | ليُكسبني منها المكانة َ والجاها |
وكيف بوصلِ الحبلِ من أمِّ مالكٍ | وبين بلادينازَرودْ وحبلاها |
يراها بعينِ الشوق قلبي على النوى | فيحظى ولكن من لعيني برؤياها |
فلله ما أصفى وأكدرَ حبَّها | وأبعدها منّى الغداة َ وأدناها |
إذا استوحشتْ عيني أنستُ بأن أرى | نظائرُ تصبيني إليها وأشباها |
فاعتنقُ الغصنَ القويمَ لقدِّها | وألثمُ ثغرَ الكأس أحسبه فاها |
ويومالكثيب استشرقتْ لي ظبية ٌ | مولَّهة ٌ قد ضاع بالقاع خشفاها |
يدلِّهُ خوفُ الثُّكل حبَّة َ قلبها | فيزدادُ حسنا مقلتاها وليتاها |
فما ارتاب طرفى فيكِ يا أمّ مالكٍ | على صحّة التشبيه أنكِ إياها |
فإن لم تكوني خدَّها وجبينها | فإنك أنتِ الجيدُ أو أنتِ عيناها |
ألُوَّامهُ في حبّ دارِ غريبة ٍ | يشقُّ على رجمِ المطامع مرماها |
دعوه ونجداً إنها شأنُ نفسه | فلو أن نجدا تلعة ما تعدّاها |
وهبكم منعتم أن يراها بعينه | فهل تمنعون القلبَ أن يتمنّاها |
وليل بذات الأثل قصَّر طوله | سُرى طيفها آهاً لذكرتها آها |
تخطَّت إليّ الهولَ مشيا على الهوى | وأخطارهِ لا يبعد الله ممشاها |
وقد كاد أسدافُ الدُّجى أن تضلَّها | فما دلَّها إلا وميضُ ثناياها |
أصاح ترى أنّ الوفاء لغادرٍ | سجية ُ ذلٍّ في الهوى لستُ أنساها |
قني الشرَّ منها أو أقلني عثارها | لعلَّك تلقى مثلها فتوقَّاها |
إذا أنتَ لم تحفظْ لغيرِ محافظٍ | ولم ترعَ إلا ذمّة فيك ترعاها |
فعشْ واحداً أو كن من الناس حجرة ً | فإن الوفاءَ لفظة ٌ مات معناها |
بلى في بني عبد الرحيم وبيتهم | أصولُ العلا محفوظة ٌ وبقاياها |
وعندهم العهدُ القديمُ لجارهم | إذا انتسبت أولى الجبال وأخراها |
ملوكٌ بنوا في ذروة العزّ خيرها | ترابا وأعلاها سماءً وأسناها |
لهم دوحة ٌ خضراءُ رُوِّيَ أصلها | بماء الندى الجاري وطُيِّبَ فرعاها |
تمنَّت على الله المنى في ثمارها | لتنجبَ واستعلتْ عليه فأعطاها |
نمتْ كلَّ مفرورعن الرأى سنه | يقول نعم فيالمهد أوّلَ ما فاها |
أغرّ إذا أجرى العزائمَ كدّها | خماصا وإن سلَّ التجاربَ أمضاها |
أخا الفتكِ حتى تتقيه بدينه | فتلقى منيبا للتقيَّة ِ أوّاها |
وعندَ زعيم الدين منهم شهادة ٌ | بأنَّ صدورَ المكرمات تقفَّاها |
تبوَّعَ في خلِّ الثغورِ فسدَّها | وأسفرَ في سودِ الخطوب فجلاَّها |
هم الجوهرُ الصافي وأنتَ يتيمة ٌ | من العقد ما زانَ العقودَ ثناياها |
ولولا أخوكَ أو أخوكَ وسطتها | كما أنهُ أعلى الأناملِ وسطاها |
ملكتَ الكمالَ قادرا متسلِّطا | فلم تكُ مع فرطِ المحاسن تيَّاها |
وسُدتَ بنفسٍ حلمُها دون بطشها | وسلطانُها مولى ً عليهِ بتقواها |
إذا الغضبُ الطاري أمال طباعها | أثابَ بها الخُلقُ الكريمُ فسوّاها |
كأنّ معنِّيها لمجدٍ أراحها | ومفقرها في طاعة ِ الجودِ أغناها |
فلو أن صوبَ المزنِ أنكر نفسه | تبصَّر من أخلاقها وسجاياها |
وموتى من الأضغانِ فوق وجوههم | ظواهرُ غيب ناطقٍ بخفاياها |
بعثتَ إليهم بالوعيدِ كأنما | بعثتَ إلى أرواحهم بمناياها |
أراد علاك منهمُ من أرادها | غرورا ولم يقدرِ عليها فعاداها |
وهل في أديم الشمس للعين مثبتٌ | وهل جهدَ القاري يوما فراماها |
أبا حسنٍ إن الوفاءَ تجارة ٌ | إذا ما تولَّى ربُّها الشكرَ نمَّاها |
وإن فروضَ الجودِ كيف بعثتها | إلى مفصح حرٍّ فإنك تقضاها |
مننتَ وأعطيتَ المودَّة حقَّها | فأكرِمْ بكفٍّ ودُّها من عطاياها |
ولا خيرَ في جدوى سوى الحبِّ جرَّها | ولا في يدٍ غير التوامقُ أسداها |
أجبتَ وقد ناداك شعريَ من شفا | معمَّة ٍ ينهارُ بالرِّجل جالاها |
وكنتَ يمينا نصرُها غيرُ رائثٍ | إذا استصرختها في الملمَّة يُسراها |
فمهما يطُلْ هذا اللسانُ ويتَّسعْ | له القولُ تسمعها فصاحا وتُرواها |
خفائف في الأسماع وهي ثقائلٌ | على قلب من يشنا علاك ويشناها |
تُقرِّب في أغراضكم نزعَ سهمها | وتُبعدُ في أعراضكم ليلَ مسراها |
عوالق بالأسماع حتى كأنها | قراطٌ يودّ السمعُ أن يتحلاَّها |
إذا حصَّنتْ عرضا يُحاط بها وُقي | وإن حصبتْ وجها يغاظ بها شاها |
لك العفو منها عن أيادٍ تسلَّفت | وعن أُنُفٍ يجرين في الجود مجراها |
فلا تُعطشنْ غرسا كريما غرسته | فما تُجتنى الأعراقُ إلا بسقياها |
أعدها أعدْها إنما المجدُ كلّه | لمولى ً إذا ما وحَّد اليدَ ثنَّاها |
سحائب كانت من يديك تربُّنى | وقد أوكأت تلك السحابُ رواياها |
فلا تعدم الآمالُ عندك حظِّها | ولا تقفد الآدابُ منك مزاياها |
وحيَّاك بالنيروز وفدُ سعادة ٍ | يراوحُ مغداها إليك وممساها |
ولا زالت الأيامُ تملكُ أمرها | وتأمرها فيما تشاءُ وتنهاها |
وكنتَ بعين الله في كلّ نوبة | تحاذرها نفسي عليك وتخشاها |
فإني متى علَّقتُ نفسي بحاجة ٍ | وخفتُ عليها الفوتَ ضمَّنتُها الله |