سقى أيَّامَ رامة َ بل سقاها
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
سقى أيَّامَ رامة َ بل سقاها | عميقُ الحفر مقتدحٌ حصاها |
أحمُّ كأنَّ أدمَ العيس فيه | مرقعة الجلالِ لمن طلاها |
يسفُّ يطامعِ الخرقاءَ حتى | تبوَّعه لتمسحه يداها |
إذا زُرَّتْ سحابته أحالت | صبا نجدٍ محلَّلة ً عراها |
يسيل بمائه وادي أشيٍّ | فيترعُ فوقكاظمة َ العضاها |
كأنَّ سماءه حنَّت فدرَّتْ | على الأرض اليتيمة ِ مرزماها |
إذا شامت بوارقه سيوفا | ليغمدها تراجعَ فانتضاها |
وتأمرُ باتّباع البرق نفسي | فإن أتبعته عيني نهاها |
ولم أر قبله حمراءَ خضراً | عواقبها ولا ضرباً أماها |
يذكِّرني وللأشواق عيد | ثنايا أمِّ سعدة َ أو لماها |
ألا للهِ يومَ عكاظَ عينٌ | جلتها نظرة فغدت قذاها |
ترى لعبَ البلى بالدرا جدّاً | فيلعب أو يجدّ بها بكاها |
وكم بلوى الشقيقة من فؤاد | أسير لو تكلم قال آها |
ومن شاكٍ لو استمعت إليه | قنان أبانَ ذاب له صفاها |
وطيِّبة الغداة ِ تفُتُّ بانا | عقائصها ومسكا ريطتاها |
إذا ما لم يجد فيها معابا | ضرائرها تعلَّل عائباها |
أضل البينُ فظنتها فحارت | كأمّ الخشفِ ناشدة ً طلاها |
تميل على الرِّحالة ميلَ سرجي | تسرُّ إليَّ تفهمني هواها |
فألثمُ في السِّرار تربيتيها | ومن لي لو تكون الأذنُ فاها |
أجيرانَ الحمى من لابن ليلٍ | أتى مسترشدا بكمُ فتاها |
ولما كنتمُيومَ التنائي | منيَّة َ نفسه كنتم مناها |
أروم لكشف بلواها سواكم | وإن طبيبها لمن ابتلاها |
أرقتُ ونام عن إسعادِ عيني | خليلٌ كان يسهمُ في كراها |
أجاذبه عن الإسعاد كرها | ومن ذا يملك الودَّ الكراها |
وقبلك قد عصبتُ يدي بمولى ً | ليلحمها فظفَّرَ فانتقاها |
رمى ظهري وقال توقَّ قدما | فجاءتني النبالُ ولا أراها |
إذا صافحته أطبقتُ كفّي | على كفٍّ أناملها مداها |
وبارقة تخايلُ في عذارى | على الأبصار من وجهي سناها |
إذا مطرت بأرضٍ لم تخضِّر | أراكتها ولم يُخصب ثراها |
نمى أثرُ النوائب في فؤادي | فأعدى لمَّتي حتَّى دهاها |
رمى عنها الزمانُ الشيبَ حينا | فلما ملَّ صحبتها رماها |
وكانت ليلة تخفي عيوبي | فدلَّ عليَّ طالبها ضحاها |
إذا اعتبر المجرِّبُ في سنيه | تقلُّبها تيقَّنَ منتهاها |
حياة ُ المرء أنفاسٌ تقضَّى | وإن طالت وأعدادٌ تناهى |
أرى الأيامَ يوماً والأسامي | عليها مستعارات حلاها |
وفتية ليلة ٍ ظلماءَ خاضوا | دجاها بي فكنتُ فتى سراها |
سمحتُ لهم على غررٍ بنفسٍ | ملبِّية ٍ لأوّلِ من دعاها |
رموا بظنونهم من ذا أخوهم | على الجلَّى فما زكنوا سواها |
وذي شعثٍ نشرتُ له الفيافي | وأدراجَ الطريق وقد طواها |
إذا حسب الرواحَ بعقرِ دارٍ | وقلتُ نزولها عارٌ عداها |
ومن كانت له العلياءُ حاجا | وأشعرَ نفسه صبرا قضاها |
حلفتُ بها تنافخ في براها | عجيجاً أو تساوكُ من وجاها |
تولِّي الشمسَ أحداقا عماقا | كقلبِ الماءِ لو نقعتْ صداها |
يلاغطن الحصا والليلُ داجٍ | لغاطَ الطيرِ باكرنَ المياها |
تمنَّى العشبَ يوما بعد يومٍ | فلا مرعى لها إلا معاها |
نواحل كالقسيِّ معطَّفات | وهم مثلُ السهام على مطاها |
عليهم كلُّ نذرٍ ما رأوها | بمكّة هابطاتٍ أومناها |
لقد تعب السحابُ وراءَ أيدي | بنيعبد الرحيم فما شآها |
كرام عشيرة ٍ دعمتْ بناها | بعزَّة بيتها وحمتْ حماها |
تفوَّقت المكارمَ في ليالي | مراضعها وسادت في صباها |
لهم ولدتْ فأنجبت المعالي | بنينَ ومنهمُ جدتْ أباها |
عتاق الطير أحرار المجالي | إذا حدثانُ أحسابٍ نفاها |
تخالُ درارياً طبعت وجوها | إذا كشفوا الموارن والجباها |
بنو السنوات إن هزلت قراها | جدوبا سمّنوا كرما قَراها |
لهم نارٌ على شرفِ المقاري | أقرَّ الله عينيْ من رآها |
إذا قصر الوقودُ الجزلُ عنها | قبيلَ الصبح مندلَ موقداها |
تضئُ كأنّها والليلُ داجٍ | تزيَّد من جباههمُ جذاها |
يبيت سميرَ سؤددها عليها | فتى ً منهم إذا قرَّ اصطلاها |
يماطل نومه عن مقلتيه | تطلُّعُ نفسهِ ضيفا أتاها |
إذا الكوماءُ يسمنها ربيعٌ | وغصَّت بالأضالع عرضتاها |
وراحت تشرفُ النَّعمَ استواءً | كأنّ ملاطَ روميٍّ بناها |
رأى الأضيافَ أولى أن يهينوا | كريمتها ويهتدموا ذراها |
وقام فأطعم الهنديَّ عقرا | أسافلها ليطعمهم علاها |
ولم يعطفه أن عجَّتْ حنينا | ألائفها وفُجِّعَ راعياها |
فأمست بينهم نهبى أكيلٍ | يُدنِّي فلذة ً منها حواها |
إذا ما خاف من قدرٍ عليها | مماطلة ً تعجَّلَ فاشتواها |
وبات يسرُّ نفسا لو عداها | غنى الأموالِ موَّلها غناها |
نمتْ أعراقها في بيتكسرى | إلى غيناءَ محلولٍ جناها |
ترى مغسولة الأعراض منها | نتائجَ ما تدرَّن من ظباها |
وتحسبها إذا شهدت طعانا | بألسنها منصِّلة ً قناها |
حموا خططَ العلا لسنا وضربا | بأقوالٍ وأسيافٍ نضاها |
وكلُّ فتى ً يتبِّعُ حاجتيه | مقصَّ الذئبِ يعتقبُ الشِّياها |
إذا حسرتْ له لممُ الأعادي | مطأطئة ً للهذمهِ فلاها |
ولما طال منبتها وطالت | تفرَّع من رواسيها رباها |
رأتبمحمدٍ لولا أبوه | شيوخَالمجدِ تابعة ً فتاها |
تأخَّر في قياد المجد عنها | وخاتمها فكان كمن بداها |
غلام سادها يفعا فأوفى | كما أوفت وقد سادت سواها |
له بدعُ المكارم لو رآها | لآخرَ قبله قلنا حكاها |
ولم أر مثله طودا زليقا | يهُزُّ فيُجتنى مالا وجاها |
ولا مجدا أواجهُ منه شخصا | ولا كرما أخاطبه شفاها |
كأن الله خيَّره فسوَّى | خلائقه الحسانَ كما اشتهاها |
أبا سعدٍ قدحتُ بمصلداتٍ | فلما فُضَّ زندك لي وراها |
دعوتك والطَّريق عليه أفعى | سليسٌ مسُّهاخشنٌ سداها |
كأنّ مجرَّها مجرى سبوحٍ | بلُجِّ أوالَ شرَّعَ نوتياها |
تمجُّ السمَّ من جوفاءَ خيلتْ | ثفالَ الموت هامتها رحاها |
كأنَّ يمانياً رقشتْ يداه | حبيرة َ بردتيه على قَراها |
فما إن زال نصرك لي زميلا | ورأيك حاويا حتى رقاها |
وكم لك والقوى بيدي ضعافٌ | يدٌ عندي مضاعفة ٌ قواها |
إذا ما قمتُ أشكرها تثنَّت | فتشغلُ عن مباديها ثناها |
أعيذ علاك من لدغات عينٍ | لو أنّ المجدَ أبصرها فقاها |
ولا تعدمْ محاسنَ لو أريد ال | حسودُ على الفداء لها فداها |
فلا برحتْ بك العلياء تُحمى | حقيقتها ويُمنعُ جانباها |
يمرُّ المهرجانُ وكلُّ عيدٍ | بنعمتكم فيغنم من جداها |
تجعجعُ فيكمُ بركُ المعالي | وتلقي بين أظهركم عصاها |
رددتم عنّى الأيامَ بيضا | أظافرها معطَّة ً زباها |
وأغنيتمُ ثنائي عن رجالٍ | أرى أسماءكم نبهت كُناها |
لئام الملك لو رُدَّتْ إليهم | حياضُ الرزق ما بلُّوا الشِّفاها |
عرفت بكم وكيف تسفُّ نفسي | وقد أعطيتموها ما كفاها |
فدونكم الجزاءَ ميسّراتٍ | على الأفواه تطربِ من رواها |
إذا طارقنَ سمعا من حسوٍ | صلمنَ وإن حصبن الوجه شاها |
وكم متعرِّضٍ للقدح فيها | رمى أمَّ النجومِ وما اتقاها |
ورامِ حطاطها فهوى رجيما | بها شيطانه ونجا سهاها |
تحدَّى نفسه فيها فأعيتْ | عليه فردَّ معجزها سفاها |
فرجلك لمْ على المسعاة ِ خلفي | فما إن شاكها إلا خطاها |
وما ذنبي وقد صحَّت سوامي | إذا كنتَ المعرَّ المستعاها |
مسامعُ عفنَ من جهلٍ قراطى | فعدنَ حصاً تردَّدَ في لهاها |