أين تريد يا مثيرَ الظُّعنِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أين تريد يا مثيرَ الظُّعنِ | أوطنٌ من رامة ٍبوطن |
حبسا ولو زادك من مضمضة ٍ | بينَ الغرارِ خائفا والوسنِ |
لعلَّها أن تشتفى بائحة ً | بالعبراتِ أعينٌ من أعينِ |
كم كبدٍ كريمة ٍ في برة ٍ | خزمتها ومهجة ٍ في رسنِ |
ومن دمٍ تخوضه بلا دمٍ | على ثنايا البين أيدي البدنِ |
قد ضمنَ البارحُ عنهم فوفى | ما ساءني إذ مرَّ غيرَ أيمنِ |
وما ظننتُ الطيرَ وهي بهمُ | على مواقيت الردى تدلُّني |
ونفحة من الهوى تلفُّنا | يومَ الوداع غصنا بغصنِ |
يا قاتلَ اللهُ العذيبَموقفا | على ثبوت قدمى أزلَّني |
وسرَّ حيّا بالغضا إن سرَهم | ذلُّ وقوفي بعدهم في الدِّمنِ |
فقيَّلوا ظلالَ كلّ روضة ٍ | وهجَّروا بي للجوى والحزنِ |
وما عليهمولتذكارهمُ | عفوُ الصَّبا وصفوا ماء المُزنِ |
لو أسأروا من جسدي بقيّة ً | بذكرِ آثارهمُ تنهضُني |
لقد أساءوا الملك لما ملكوا | قلبي فهلاَّ أحسنوا في بدني |
طاللتُ منرامة َ أشرافَاللوى | لنظرة ٍ لعلّها تصدقني |
فما رفعتُوالمنى شعشعة | إلا على ليتى أولو أنني |
يا زمنيبالخيف بل يا جيرتي | فيه وأين جيرتي وزمني |
ليت الذي كان وطار شعثا | به الفراقُ بيننا لم يكن |
أوليت ما باعد من أحبّتي | من الكرام إخوتي قرّبني |
من حاملٌ عنِّي تمطَّتْ تحته | وافية ُ الذَّرع رحيبُ العطنِ |
طاوية ٌ ما أبصرت وسمعتْ | فالأرضُ بين عينها والأذنِ |
ترى المراحَ والنجاءَ ماسرت | شخصينِ بين عجبها والذَّقنِ |
تعطى الطريقَ عفوها وجهدها | حتى تعود مضغة ً ولا تني |
لا تتقى الأرض بساقٍ منتقى ً | ولا تشكَّى لذراعٍ يفنِ |
بزلاءُ عامين فإن أثرتها | فثورة ُ الغرِّ وقمصاتُ الثَّنى |
كأنما راكبها تهفو به | طائرة ً أمُّ فراخِ الوُكنِ |
قل للعميدووصلتَ غانما | شكوى حنينٍ وحديثَ شجنِ |
علَّ الذي استرهنتنى بحبّه | ثمّ نأى عنى أن يفكَّني |
ملكتني بالودِّ فوهبتنى | للشوق ألا قبل أن تملكني |
أعجبُ من لينى وأنتَ معرضٌ | عني ولو قلبك لي لم ألنِ |
كم الجفاء لاأجازيكم به | والصدُّ والوجدُ بكم يعطفني |
وكم تبيتون طروحَ الشكّ في | ودّكمُ ورجمِ سوءِ الظِّنن |
دعوى هوى ً كأننا لم نفترق | وغفلة ٌ كأنما لم ترني |
هبِ النوى مدَّت لنا أقرانها | فما لأيدينا وفتلِ القرنِ |
وحكم الزمانُ بافتراقنا | فما لنا نعينُ صرفَ الزمنِ |
أشكو إليك مهجة ً علوقة ً | تودَّ لو تودى ولمَّا تخنِ |
وكبدا متى أسمها سلوة ً | عنك تنزَّ ناشزا وتزبنِ |
وعادة من الوفاء خيرُها | لمخبري وشرُّها لبدني |
تُعلِقني في حبلِ من أضاعني | علْقَتها في حبل من يحفظني |
فكيف ترضى والعلا دينُك أن | أهواك في المجدِ ولا تسعدني |
ذاك وقد قبلتَ من سريرتي | في الودِّ خيرَ ما ترى في العلنِ |
وأنك استظهرتَ منّى بيدٍ | لم تؤتَ من ضعفٍ ولا من وهنِ |
قلتُ لدهريوهو قد نيَّبَ لي | رُقى العميد دون أن تنهشني |
أروع بعتُالناسَ والدنيا به | فما صفقتُ في يمين الغبنِ |
وملتُ في الراجح من ميزانه | على الورى إذ قلتُ للفضلِزنِ |
وكنتُ باللُّمعة ِ من تجريبهِ | على يقين المستمرِّ المدمنِ |
فاجتمعتْ معي على توحيده | شتَّى القلوبِ وفروقُ الألسنِ |
وإن جفا بوصله فقد وفى | بماله وفاءَ عدلٍ محسنِ |
وقام والأيامُ ينتشلني | فكان لي حصداءَ أمَّ الجننِ |
وطالعَ الخلَّة َ حتى سدَّها | وافٍ من الجود بما لم يضمنِ |
محكِّمٌ في ماله أمرَ الندى | بما قضى من معوزٍ أو ممكنِ |
مكارمٌ محسوبة ٌ أرقبها | وفاجئاتٌ بغتة ً تبدهني |
لم يلتحمْ بعذرة ٍ معروفها | ولا أتت مكدودة ً بالمننِ |
غريبة ٌ حازَ بها فرضَ الندى | سبقاً إلى أنفاله والسُّننِ |
ولم يكن كمبرقينَ غرِّرتْ | منهمرجالٌ ببناتِ الدِّمنِ |
أرسلته سجلا إلى غدرانهم | فأيبسوا وفاضَ حتى بلَّنى |
تشبُّ نيرانهمُ لا للقِرى | بل شرَهاً إلى انتشاقِ الدَّخنِ |
لا ينزلُ الضيفُ وإن تموَّلوا | بمتمرٍ منهم ولا بملبنِ |
لهم من الأعراب كلُّ ما ادّعوا | غيرَ الوفاء والندى واللَّسنِ |
لا شرفٌ في مضرٍ يجذبهم | إلى العلا ولا نهى ً في اليمنِ |
لا رقة ُ البدوِ جنتْ إخلافهم | لمدحي ولا حلومُ المدُنِ |
أهنتُ في أبياتهمُ كرائما | لو أُنكحتْ أكفاءها لم تهُنِ |
تقلّدوا منها عقودَ حمدهم | وهيعلى أجيادهم تذمُّني |
إذا استضيمتْ صاح بي ذليلُها | ألم تكن يا أبتي تعزّني |
أذلتني في أنفس مغمورة ٍ | وأوجهٍ مسنٍ وأيدٍ خشُنِ |
فمن لها منّى وإن عقَّت أباً | بناتهُ فالحقُّ أن تعقَّني |
إلا فتاة ً بينهنَّ حظيتْ | عند العميدبالأريب الفطنِ |
صرنا إلى ضنكٍ وصارت وحدها | إلى مراحٍ ما اشتهتْ وددنِ |
وولدتْ من جوده أياديا | شرطَ المنى وقُرّة ً للأعينِ |
في كلِّ يومٍ قادمٍ يصبحني | به بشيرُ الخير أو يغبقُني |
ما ضرَّني منهم أصمُّ لحزٌ | وأنت من كسورهم تجبرني |
كنتَ إليهم سلَّما فقعدوا | فهدموا المجد وقمتَ تبتني |
فمن رأى قبلَ صداي شفة ً | جفَّ القليبُ فارتوت بالشَّطنِ |
فغمرتنا ولأعراضهمُ | ماساءها في فالقٍ ومدجنٍ |
كلُّ مشيهٍ للوجوهِ فاضح | للذكر في شراده والعطنِ |
وعندك المرصوع من حليِّهِ | والمصطفى من سرّه المكتمنِ |
والسارياتُ بعلاك ما انتهتْ | بوعُ المهارى وقلوعُ السفنِ |
لا تأتلي تحفرُ عن كنزٍ لها | تنفقُ منه عاجلا وتقتني |