أيا سكرَ الزمانِ متى تفيقُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أيا سكرَ الزمانِ متى تفيقُ | ويا سعة َ المطالبِ كمْ تضيقُ |
يا نيلَ الحظوظِ أما إليها | بغيرِ مذلّة ٍ لفتى طريقُ |
أكلُّ فضيلة ٍ كانتْ عليها | تعينَ هي الّتي عنها تعوقُ |
قضى عكسُ الزمانِ الحقِّ ألاّ | يفوقُ بحالهِ منْ لا يموقُ |
ولا يحمي رقيقَ العيشِ فيهِقضاءُ ظلَّ رشدُ الرأي فيه وكاذَبَ دونه الظنُّ الصدوقُ | سوى حر له وجه صفيق سقط بيت ص |
وعتبٌ طالَ والأيّامُ صمٌّ | كما يشكو إلى الموجِ الغريقُ |
تهشِّمهُ الخزائمُ وهو صعبٌ | وتخفضهُ الخصاصة ُ وهو نيقُ |
ألا بابي يفارقني أبيٌّ | عظاتُ الدّهرِ فيهِ لا تحيقُ |
ونفسٌ لمْ يبتْ حادي الأماني | يسوقُ رجاءها فيما يسوقُ |
إذا روَّضتها حملَ الأيادي | فقدْ كلفتها ما لا تطيقُ |
عصتْ حتّى مخادعة َ الغواني | وطاعاتُ الشّبابِ بها تليقُ |
أحسّتْ في الهّوى هوناً فاضحتْ | تراعُ منَ الحسانِ بما يروقُ |
وذي خضرٌ دقيقٌ لا جليلٌ | غذاهُ منَ الحمالِ ولا دقيقُ |
هجرتُ وغيرَ أدمعيَ الجواري | عليهِ وغيرَ أضلعي الخفوقُ |
سأسلكَ طرقها البيضاءَ فرداً | وأينَ إنْ ارتفعتْ بها الرفيقُ |
لأحرزَ كابنُ أيّوبَ صديقاً | ألا طالتْ على الساري الطريقُ |
تركتُ العالمينَ لهُ وإنّي | بتركهمُ لواحدهمْ خليقُ |
خليلي منْ بني الوزراءِ خرقٌ | تصحُّ بفرعهمْ منهُ العروقُ |
شهيدُ أنْ مجدهمُ مقامٌ | على أقدامِ غيرهمُ زليقُ |
لأيوّبٍ مخايلُ فيهِ دلّتْ | كما دلّتْ على الغيثِ البروقُ |
ومنهُ الفضلُ إسماعيلَ خالٌ | كما إكمالِ موقِ العينِ موقُ |
مناسبُ ساقَ دوحتها طويلٌ | عريضٌ في مفاخرهمْ عميقُ |
بأحسابٍ يزلُّ العارُ عنها | وأموالٍ مشتْ فيهِ الحقوقُ |
ذوي لسنَ وأفواهٍ رطابٍ | إذا يبستْ منَ العيِّ الحلوقُ |
أولئكَ ماهمُ وفضلة َ شيئاً | كانّكَ لاحقاً بهمُ سبوقُ |
فداؤكَ مكمدٌ بكَ لا تداوى | بريقٍ بينَ جنبيهِ الفتوقُ |
إذا رماكَ منْ حسدٍ فأقصى | مكايدِ سهمكَ فيهِ المروقُ |
يريدُ علاكَ وهو بها غريبٌ | وأنتَ مدرّبٌ فيها لبيقُ |
إذا جاراكَ بانَ لمنْ يدافُ ال | سوادُ منْ لجهتهِ الخلوقُ |
رآكَ وأنتَ حسرتهُ بعينٍ | كعينِ الطّرفِ ماطلها العليقُ |
بقيتْ لكبتهِ ولنا سروراً | فكمْ حسنٍ يغيظُ كما يشوقُ |
يعودُ العيدُ داركَ ألفُ شمسٍ | عليكَ غروبها وبكَ الشروقُ |
اذا هرمَ الزمانُ أتاكَ وهو ال | مهفهفِ في غضارتهِ الرشيقُ |
حديثُ العزِّ ما وافى حديثٌ | وحجَّ لمثلهِ البيتُ العتيقُ |
عدلتُ بكَ النوائبَ فاضمحلّتْ | وهلْ يبقى على السيلِ الحريقُ |
وسدَّ بفضلِ همتّكَ اختلالي | وقدْ جلّتْ عنْ النصحِ الخروقُ |
فككتَ توحشي وأسرتَ ودّي | فهأنا ناشطٌ بكَ بلْ ربيقُ |
جعلتَ الدّهرَ يملكُ لي جواباً | إذا ناديتهُ أينَ الصديقُ |
ليسقِ مكارماً لكَ واصلتني | سكوبٌ منْ حيا شكري دفوقُ |
تناقلهُ الرواة ُ فكلَّ بيتٍ | لهُ رهجٌ كما هدرَ الفنيقُ |
تسهّلَ في فمي الصعبانَ منهُال | كلامُ الحلوُ والمعنى الدقيقُ |
سبى الابصارَ والاسماعَ حتّى | لطالَ بهِ اللّسانُ المستذيقُ |
ولو قدْ لاكهُ غيري لأعيا | عليهِ فماتَ وهو بهِ شريقُ |
يبثُّ علاكَ في النعمِ اللّواتي | نسيمُ المكرماتِ بهِ عبيقُ |
فلو كتمتْ أبتْ إلاّ انتشاراً | كما يتضوَّعُ المسكُ الفتيقُ |
وقاؤكَ مهجة ٌ قسمتْ ثلاثاً | فريقاها إليكَ ولي فريقُ |
وثقتُ بحسنِ ظنِّ فيكَ ألاّ | يقومَ لغيرِ ودّي فيهِ سوقُ |
وخفتُ عليكَ عينَ الدّهرِ غضّتْ | فأزرقها بأغراضي علوقُ |
فما أرجو فمنْ أنّي مدلٌّ | وما أخشى فمنْ أنّي شفيقُ |