على كلِّ حالٍ جانبَ الحقِّ أمنعُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
على كلِّ حالٍ جانبَ الحقِّ أمنعُ | وكسبُ القتى بالعزِّ أولى وأمتعُ |
ويصعبُ أحياناًُ وينتظرِ الغنى | فيأتي ولمْ يخضعْ لهُ وهو طيِّعُ |
ولا تتركُ الحرَّ الأبيَّ طباعهُ | لتخطئهُ والذِلُّ ثمَّ التَّطبُّعُ |
سقى اللهُ مرَّ الحزمِ يعرفُ نفسهُ | إلى أينَ ما يجري وإلى أينَ ينزعُ |
إذا بذلََ الحرصُ الكرائمَ صانها | وغالى بها إنَّ الرَّخيصَ مضيَّعُ |
يلومونَ نصلاً كيفَ يزهي بحدِّهِ | ولا يعلمونَ الهندَ منْ أينَ تطبعُ |
دعوهُ مصونَ الماءِ يأكلُ غمدهُ | إذا كانَ في أيمانكمْ ليسَ يقطعُ |
وجرُّوا القنا الخوَّارَ فاطردوا بهِ | مخادعة ً ما دامَ في الحربِ مخدعُ |
أألآنَ لمَّا أن تفاقمَ داؤها | تبيَّنتمُ أيَّ العلاجينِ أنفعُ |
فقدْ علمًَ الصمصامُ أنَّ مصيركمْ | إليهِ إذا التفتْ رقابٌ وأذرعُ |
أضعتمْ أموراً باعتزالِ محمَّدٍ | فلمَّا مضتْ قلتمْ لهُ كيفَ ترجعُ |
إذا كانَ في الأولى التَّجاربُ قبلها | لمطَّلعٌ في آخرِ الأمرِ مقنعُ |
بعثتمْ لها الحاوي المدرَّبَ فانظروا | وشيكاً إلى صمَّائها كيفَ تسمعُ |
لقامَ بها منْ لمْ يكنْ طالباً لها | يدافعُ قومٌ دونها وهو يدفعُ |
فتى ً لمْ تفدهِ رفعة ٌ منْ حطيطة ٍ | وبعضُ الرِّجالِ بالولاية ِ يرفعُ |
لئنْ أخلفتْ فيها الولاة ُ وعودكمْ | لقدْ جازها منْ وعدهِ الصِّدقُ أجمعُ |
وإنْ خانَ عاميها الرَّبيعُ فإنَّها | بماءِ يديهِ الآنَ في القيظِ تربعُ |
رحيبُ نواحي الصَّدرِ يفضلُ باعهُ | ذراعاً إذا ضاقتْ صدورٌ وأضلعُ |
وقورُ الاناة ِ ضاحكٌ كما بكى | على الأمرِ في إدبارهِ المتسرِّعُ |
وجدتمْ بهِ الرأيَّ المبيَّتَ ناصحاً | لكمْ وبديهُ الرأيَ آلٌ مشعشعُ |
وجربتمْ من قبلهِ ومحمَّدٌ | أحدُّ وهزاتُ الهمانيِّ أقطعُ |
فذاكَ مغطِّي العجزَ بالحظِّ غالطٌ | بهِ الدَّهرُ مصنوعَ الرِّياسة ِ مبدعُ |
نفورٌ زجاجيُّ الإباءِ شفيفهُ | يكادُ بأولى غمزة ٍ يتصدَّعُ |
إذا ما أصابَ أرتابَ مما تعوَّدَ ال | خطاءَ فيرعى الامنَ وهو مروَّعُ |
فأنْ ساءهُ في نفسهِ العجزُ سرَّهُ اغ | تيابكَ والنُّقصانِ بالفضلِ مولعُ |
لئنْ قعدتْ منْ لؤمهِ أربعٌ بهِ | لقدْ نهضتْ أضدادها بكَ أربعُ |
تفيضُ إذا أصفى وتعفو إذا هفا | وتصمى إذا أشوى وتعطي ويمنعُ |
سقى الكوفة َ البيضاءَ ما سرَّ جدبها | بكفَّيكَ فيَّاضُ الجداولِ مترعُ |
أبعدَ أزورارِ العيشِ بالأمسِ بعدها | غدتْ وهي مرعى ً للعفاة ِ ومنجعُ |
وأسعدَ بغداداً على ما أظلَّها | منَ الشَّوقِ جفنٌ كلَّما جفَّ يدمعُ |
أعدتَ لدارٍ موضعِ الأنسِ قاطناً | وأوحشتَ أخرى لا خلا منكَ موضعُ |
وأخَّرني يومَ أنطلاقكَ أنْ أرى | على جمراتِ البينِ فيمنْ يشيّعُ |
فؤادٌ إذا قيلَ الفراقُ تسابقتْ | حقوقاً أواخي صبرهُ تقطَّعُ |
وجدتُ صليبَ العودِ في كلِّ حادثٍ | ولكنَّني الخوَّارُ يومَ أودِّعُ |
فمعذرة ً أنَّ المفارقَ حافظٌ | هواكَ ومثني الخيرِ بعدكَ مصقعُ |
وسمعاً على بعدِ المزارِ وقربهِ | لسيَّارة ٍ فيكمْ تحطُّ وترفعُ |
إذا أبتمُ سرَّتْ وإذا بنتمْ سرتْ | وراءكمُ تقفو علاكمْ وتتبعُ |
وقدْ كانَ بخلُ النَّاسِ باليأسِ صانها | فعلَّمها تأميلكمْ كيفَ تطمعُ |
لها سابقاتٌ كونها في زمامكمْ | ضمانٌ وعهدٌ عندكمْ لا يضيَّعُ |
ولانَ لها دهرٌ فما كلَّفتكمُ | وقدْ ضيَّقَ الآنَ الزَّمانَ فوسِّعوا |
لئنْ حلِّئتْ فاستحلبتكمْ صوادياً | لقدْ أنظرتكمْ برهة ً وهي نزَّعُ |
دعوها تردْ أورادها منْ حياضكمْ | ولا تدفعوها والغرائبُ تكرعُ |
إليكَ وقدْ عيَّا الخطيبُ أخو العصا | وخامَ عنِ النُّصحِ الكميُّ المقنعُ |
رغبتُ بها عنْ ناصلِ الودِّ قلبهُ | خبيثٌ وإنْ طابَ اللِّسانُ المصنَّعُ |
يريني بفرطِ البشرِ أنِّي قسيمهُ | وشافعهُ مما يضرُّ وينفعُ |
وقدْ كذبَ الإنسانُ في أنَّهُ أخي | دعيٌّ يراني جائعاً وهو يشبعُ |
إذا قمتُ أشكو عندَ الدَّهرِ ذمَّهُ | وإيِّاهُ أعني ما أقولُ وأسمعُ |