أما وهواها عذرة ً وتنصُّلا
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
أما وهواها عذرة ً وتنصُّلا | لقد نقل الواشي إليها فأمحلا |
سعى جهده لكن تجاوز حدَّه | وكثَّر فارتابت ولو شاء قلَّلا |
وقال فلم تقبلْ ولكن تلوَّمتَ | على أنه ما قال إلا لتقبلا |
وطارحها أنِّي سلوتُ فهل رأى | له الذمُّ مثلي عن هوى مثلها سلا |
أأنفض طوعا حبَّها عن جوانحي | وإن كان حبّاً للجوانح مثقلا |
أبى الله والقلبُ الوفيّ بعهدهِ | وإلفٌ إذاعدَّ الهوى كان أوّلا |
أيا صاحبي نجوايَ يومَ سويقة ٍ | أناة ً وإن لم تسعدا فتجمَّلا |
سلا ظبية َ الوادي وما الظبيُ مثلها | وإن كان مصقولَ الترائب أكحلا |
أأنتِ أمرتِ البدرَ أن يصدعَ الدُّجى | وعلّمت غصنَ البان أن يتميَّلا |
وحرَّمتِ يومَ البين وقفة َ ساعة ٍ | على عاشقٍ ظنّ الوداعَ محلَّلا |
جمعتِ عليه حرقة َ الدمع والجوى | وما اجتمع الداءان إلا ليقتلا |
هبي ليَ عيني واحملي كلفة َ الأسى | على القلب إنّ القلبَ أصبرُ للبلا |
أراكِ بوجهِ الشمس والبعدُ بيننا | فأقنعُ تشبيها بها وتمثُّلا |
وأذكرُ عذبا من رضابك مسكرا | فما أشربُ الصهباءَ إلا تعلُّلا |
هنيئا لحبّ المالكيّة ِ إنه | رخيصٌ له ما عزّ منّى وما غلا |
تعلّقتها غرّاً وليدا وناشئا | وشبتُ وناشي حبّها ما تكهَّلا |
ووحَّدها في الحبّ قلبي فما له | وإن وجدَ الأبدالَ أن يتبدَّلا |
رعى الله قلبي ما أبرَّ بمن جفا | وأصبره في النائباتِ وأحملا |
وكرَّمَ عهدي للصديق فإنه | قليلٌ على الحالات أن يتحوَّلا |
وليَّنَ أيّامي عليَّ فإنني | أزاحم ثهلانا عليه ويذبلا |
وأهل زمانٍ لا هوادة َ بينهم | إذا استؤمنوا كانوا أخبَّ وأختلا |
صديقُ نفاقٍ أو عدوُّ فضيلة ٍ | متى طبّ عاد الداءُ أدهى وأعضلا |
ولوجٌ على الشرّ الذي يرصدونه | متى وجدوا يوما إلى الشرّ مدخلا |
إذا ما رأوا عند امرئٍ زادَ يومهِ | مشوا حسداً أو باتَ جوعان مرمِلا |
وفي الأرض عنهم مذهبٌ وتفسُّحٌ | فمن ليَ لو أسطيعُ أن أترحَّلا |
أهمُّ ولكن من ورائي جواذبٌ | أخافُ على أعطانها أن تشلَّلا |
وتعلقني الآمالُ في قللِ العلا | فأجعلها منهم ملاذاً ومعقلا |
نعم عند ركن الدين وابن قوامه | غنى ً ومرادٌ أن أضامَ وأهملا |
وفي يدهِ البيضاءِ يقطرُ ماؤها | ربيعٌ يردُّ الجدبَ أخضرَ مبقلا |
وبالقصر من دار السلام متوَّجٌ | بإشراقه أخزى البدورَ وأخجلا |
ترى خرزاتِ الملكِ فوق جبينه | كواكبَ نورٍ ضوءها يملأ الفلا |
يميت النفوسَ قاطبا متنمِّرا | ويحيى أوانا باسما متهلِّلا |
إذا كفروا النَّعماءَ شامَ سيوفه | وإن سألوا الإغضاء سامَ التفضُّلا |
قريبٌ إلى المولى بعيدٌ بعزّه | على مغمز الأعداء أن يتسهَّلا |
إذا منَّ أعطى حلمه متبيِّنا | وإن همَّ أعطى أمره متعجَّلا |
حوى حوزة َ الدنيا فدبَّر أمرها | مليّاً بتقويمِ الأمور معدِّلا |
أطاعته أعناقُ البلادِ وأقبلتْ | إليه القلوبُ رغبة ً لا تعمُّلا |
ودانت له الأقدارُ حتى تصرَّفتْ | على أمره الماضي صعودا ونزَّلا |
إذا طلبَ الأعداءَ أنفذَ جحفلا | لهاماً من الإقبال يتبعَ جحفلا |
كفاه مكانَ السيفِ والرمحِ جدُّهُ | فلو شاء يوم الروعِ حاربَ أعزلا |
وكم عادة ٍ لله في النصر عنده | تضمَّن باستمرارها وتكفَّلا |
ومن آية ٍ قامتْ بتثبيتِ ملكه | وقد كادت الأقدامُ أن تتزيَّلا |
ظهرتَ جلالَ الدولتين بفضلها | ومعجزها حتى ظنناك مرسلا |
رأى اللهُ أنّ الأرضَ أصلحُ سيرة ً | عليك وان الناسَ أجملُ محفلا |
وأنك تأوي في أمورك كلِّها | إليه منيبا نحوه متبتِّلا |
فولاَّك في ضيق الشدائد فرجة ً | وأعطاك منجى ً في الخطوب وموئلا |
وكم آبقٍ من رقِّ ملكك غامطٍ | لنعماك لم ينهضْ بما قد تحمَّلا |
عفوتَ مرارا عن تمادي ذنوبه | فأنظرتهُ بالعفو حتى توغَّلا |
وبالأمس لجُّوا في الشِّقاقِ وأجلبوا | عليك وظنَّوها وحاشاك فيصلا |
فلم يجنِ ضعفُ الرأى إلا عليهمُ | ولا ازددتَ إلا قوّة ً وتأثُّلا |
فسائلْ بهم إما طريدا مشرَّدا | يلوذ بصفح أو قتيلا مجدَّلا |
فلا زالَ من عاداك أبعد شقّة ً | وأخبثَ أيّاما وأخشنَ منزلا |
ولا زالت الراياتُ واسمك حليها | خوافقَ تحوى الأرضَ سهلا وأجبلا |
إلى أن ترى بيضَ الملوك وسودها | قياما على أخرى بساطك مثَّلا |
وبلِّغتَ في نجميك يا بدرُ كلَّ ما | تؤمِّل في نجمٍ على أفقٍ علا |
قديمها والطالعُ الآن قابسا | ضياءك حتى يستقيمَ ويكمُلا |
فكانا على الأعداءِ سيفى تناصرٍ | شبيهك فيما أحدثا وتقيَّلا |
وشدَّاك والضِّرغامُ أمنعُ جانبا | وأنهضُ إقداما إذا كان مُشبِلا |
وكثِّرتَ بالأولادِ ترهفُ منصُلا | طريرا إلى الدنيا وتطبعُ منصُلا |
فإنك من قومٍ ثوى الملكُ فيهمُ | فلم ينوِ من بعد الحلولِ ترحُّلا |
أصولهمُ منصورة ٌ بفروعهم | إذا قام منهم آخرٌ كان أوّلا |
لكم في رقابِ الناس أمراسُ ذمّة ٍ | بعيدٌ على استحصافها أن تحلَّلا |
مفاتيحُ هذا الرزقِ بين أكفِّهم | ونصرة ُ دين الله بيضاً وذبَّلا |
فما يشهدون الحرب إلا إذا غلتْ | ولا يشترون الحمدَ إلا إذا غلا |
أتعرف يا مولى الملوك كقصِّة ٍ | بليتُ بها الأمس والحرُّ يبتلى |
أبعدَ قنوعي بالثمادِ تعفّفا | وهجري أبوابَ الملوك تعزُّلا |
وظلمي فضلي واهتضامي توحُّدي | مخافة أن أوذى وأن أتبذَّلا |
يسيئ رعاعُ الناس عندك سمعتي | ويشعر أنّي حزتُ مالاً مؤثَّلا |
ويغرى بإفقارى وأنت الذي ترى | لمثلي أن يغنى وأن يتموَّلا |
ولكنَّها ما غيَّرتْ لك شيمة ً | كرمتَ بها إلا قليلا كلاَ ولا |
ولما سعى الساعي فجاءك كاذبا | عليَّ بجورٍ كنتَ أعلى وأعدلا |
أتاك بزورٍ فاتحا فمهُ به | فألقمته بالردِّ تربا وجندلا |
تسرَّع فيها جالبا لك إثمها | ولكن أراك الحقُّ أن تتمهَّلا |
فلم تألني كشفاً لصدقِ براءتي | ولا نظراً في قصّتي وتأمُّلا |
وزنتَ بذكر المالِ مجدك في العلا | فكان وزانُ المجد عندك أثقلا |
وحكَّمتَ رأيا طاهرياوهمّة ً | بويهيَّة ً ما طبَّقتْ كان مفصلا |
فأرضاك منّى الصدقُ لما علمته | ببيّنة ٍ لم أستعرها تقوُّلا |
فإن فاجأتني همّة ٌ من طروقها | تروَّع منها جانبي وتوجَّلا |
حبستُ ولكن كان حبسا مشرِّفا | أناف بذكرى واعتقالا مجمِّلا |
ولم أر مثلي مستضاما مكرَّما | ولا كاسبا للعز من حيث ذلِّلا |
لئن عدَّ قومٌ نكبة ً حبسَ ليلة ٍ | لقد كنتُ منكوباً من الناس مقبلا |
وسبَّب لي هذا المقامَ تروُّعي | وقد كنتُ عنه ساهيا أو مغفَّلا |
مكانٌ تمناه الكواكبُ عزَّة ً | فتبغى إليه مهبطا وتنزُّلا |
ومن لجبين الشمس لو خرّ ساجدا | لأرضك أو وافى ثراك مقبِّلا |
لبست به ثوبا ضفا ليَ فخرهُ | بمدحك مجرورا عليّ مذيَّلا |
سيعلم منْ جرَّ السعاية َ أنه | بكرهي إلى ما ساق نفعي توصَّلا |
لقد غرس التعريضَ بي في وبيئة ٍ | متى استثمرتْ أجنته صابا وحنظلا |
إذا وسمتْ عرضَ اللئيم بميسمٍ | من الذمِّ باقٍ ودَّ لو كان أغفلا |
فكان شقيّاً خاب عندك سعيهُ | وفزتُ وكنتَ المنعمَ المتفضِّلا |
أقمْ فيَّ من عاداتِ سيبك سنّة ً | هي الغيثُ أو كانت أعمَّ وأجزلا |
فكم من نوالٍ مسرفٍ قد حقرته | وفلَّلتَ من جمَّاعهِ فتفلَّلا |
وعارفة ٍ لو يسألُ البحرُ بعضها | تعذَّر في إخراجها وتمحَّلا |
فمر فيّ بالمعروف من سيب راحة ٍ | معوّدة ٍ أن تستهلَّ وتهطلا |
وكن مرغما خصمى بأمر مشرِّفٍ | توفِّرُ لي منه الضمان المعجَّلا |
وتجبرُ من جاهى الكسير وخلَّتي | فأجدرُ من أسمنتَ من كنتَ مُهزلا |
وثق بجزاءٍ شعرُ عبدك ضامنٌ | لما طاب منه في الشِّفاهِ وما حلا |
من الباقياتِ الصالحاتِ أروضها | بنفسي إذا طابت وقلبي إذا خلا |
سوائرَ يقطعن البلاد حواملا | دعاء مجاباً أو ثناءً منخَّلا |
إذا ما كسوتُ العيدَ منهنَّ لبسة ً | ترفَّلَ فيها تائها وتخيَّلا |
ومدّ يدَ الراجي نوالكَ مدلياً | بحرمتها مستشفعا متوسِّلا |
يبشِّرُ عنها أنه عائدٌ بها | عليك مدى الأيام عمرا مطوَّلا |
هو اليومُ أعطاه الإله فضيلة ً | كما كنتَ ممّن يحملُ الأمرَ أفضلا |
فقابل به وجهَ الخلود مبلَّغا | شروطَ المنى ما كرَّ عيدٌ وأقبلا |
وكن مفطراً بالبرِّ والبسَ على التقى | ثوابكَ وانزع صومك المتقبَّلا |
تزخرفُ جنّاتُ العلا لك مفطرا | وصائمَ فرصٍ كنتَ أو متنفِّلا |
إلى أن ترى صمَّ الجبال فلائقا | مسيَّرة ً والجوَّ ماءً مسلسلا |
إذا ما انجلى صبحٌ ولستَ مملَّكا | علينا فلا انشقَّ الظلامُ ولا انجلى |