بطرفِّكَ والمسحورُ يقسمُ بالسَّحرِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
بطرفِّكَ والمسحورُ يقسمُ بالسَّحرِ | أعمداً رماني أم أصاب ولا يدري |
تعرَّضَ لي في القانصينَ مسدِّدَ ال | إشارة ِ مدلولَ السِّهامِ على النَّحرِ |
رمى اللَّحظة َ الأولى فقلتُ مجرِّبٌ | وكررها أخرى فأحسستُ بالشَّرِّ |
فهلْ ظنَّ ما قدْ حرَّمَ اللهُ منْ دمي | مباحاً لهُ أم نامَ قومٌ على الوترِ |
بنجدٍ ونجدٌ دارُ جودٍ وذمَّة ٍ | مطالٌ بلا عسرٍ ومطلٌّ بلا عذرِ |
وسمراءُ ودَّ البدرُ لو حالَ لونهُ | إلى لونها في صبغة ِ الأوجهِ السُّمرِ |
خليليَّ هلْ منْ وقفة ٍ والتفاتة ٍ | إلى القبَّة ِ السَّوداءِ منْ جانبِ الحجرِ |
وهلْ منْ أرانا الحجَّ بالخيفِ عائدٌ | إلى مثلها أو عدَّها حجَّة َ العمرِ |
فللهِ ما أوفى اللاتِ على منى ً | لأهلُ الهوى لو لمْ تحنْ ليلة ُ النَّفرِ |
لقدْ كنتُ لا أوتى منَ الصَّبرِ قبلها | فهلْ تعلمانِ اليومَ إلى أينَ مضى صبري |
وكنتُ ألومُ العاشقينَ ولا أرى | مزيَّة ً ما بينَ الوصالِ إلى الهجرِ |
فأعدي إلى الحبِّ صحبة ُ أهلهِ | ولمْ يدري قلبي أنَّ داءَ الهوى يسري |
أيشردُ لبِّي يا غزالة َ حاجرٍ | وأنتِ بذاتِ البانِ مجموعة ُ الأمرِ |
خذي لحظَ عيني في الغصوبِ إضافة ً | إلى القلبِ أو ردِّي فؤادي إلى صدري |
وإلاَّ فظهرَ الهجرِ أوطاُ مركبا | إذا خنتِ واستوطأتِ لي مركبَ الغدرِ |
وإنِّي لجلدُ العزمِ أملكُ شهوتي | وأعرفُ أيَّامي وأقوى على سرِّي |
وأحملُ أثقالَ الحبيبِ خفيفة ً | ولكنَّ حملَ الضَّيمِ ثقلٌ على ظهري |
ولا يملكُ المولى وفائي بنكثهِ | ولا يشتري معروف ودِّي بالنَّكرِ |
ومنْ دونِ ضيمي بسطة ُ الأرضِ والسَّرى | وخوضُ الدَّياجي وامتعاضُ الفتى الحرِّ |
وإنِّي منْ مولى الملوكَ ورأيهُ | وسلطانهُ بينَ المجرَّة ِ والنَّسرِ |
فلا انا مغمودٌ ولا أنا مسلمٌ | وفي سيفهِ عزِّي وفي يدهِ نصري |
تعالى بركنِ الدِّينِ صوتي وشيَّدتْ | محاسنهُ وصفي وسارَ بها ذكري |
وكانَ إلى الدَّهرِ بالشَّرِّ ناظراً | فغمَّضَ عني جودهُ ناظرَ الدَّهرِ |
وإنْ كانَ هذا القولُ قدماً يطيعني | فقدْ زادَ بسطاً في لساني وفي فكري |
وكنتُ لهُ نجماً فلمَّا مدحتهُ | كساني سنا إقبالهِ بلجة َ الفجرِ |
إليكَ مليكَ الأرضِ ألقتْ ملوكها اض | طراراً عنانَ النَّهيِ في الأرضِ والأمرِ |
ودانَ لكَ الغرُّ الميامينُ منْ بني | بويهْ كما دانَ الكواكبُ للبدرِ |
رأوكَ فتاهمْ في الشَّجاعة ِ والنَّدى | وشيخهمْ المتبوعَ في الرأيِ والعمرِ |
فأعطوكَ طوعاً ما تعذَّرَ منهمُ | على كلِّ باغٍ بالكراهة ِ والقسرِ |
نظمتَ لهمْ عقدَ العلا وفضلتهمْ | فأصبحتَ وسطَ العقدِ في ذلكَ النَّحرِ |
لكمْ أوَّلُ الدُّنيا القديمُ وعنكمُ | يكونُ قيامُ الأمرِ في ساعة ِ الحشرِ |
وما الملكُ إلاَّ ما اختبى متمدِّحاً | بأيَّامكمْ فيهِ المحجَّلة َ الغرِّ |
ولا الدَّهرُ إلاَّ ما تقلَّبَ صرفهُ | على ما قسمتمْ منْ يسارٍ ومنْ عسرِ |
ولا تطعمُ الدُّنيا بنيها سوى الذي | تشيرونَ منْ حلوٍ إليهِ ومنْ مرِّ |
بكمْ يصبحُ الدِّينَ الحنفيُّ آمناً | إذا باتَ مخلوعَ الفؤادِ منَ الذُّعرِ |
ما برحتْ أبياتكمْ في ابتنائهِ | دعائمَ للخطِّيِّ والقضبِ البترِ |
وأنتَ الذي كنتَ الذَّخيرة َ منهمُ | قديماً إذا الرحمنُ باركَ في الذُّخرِ |
فلو بقى الماضونَ منهمْ تمثَّلوا | مملككَ في ملكٍ وعصركَ في عصرِ |
إذا ما أرادَ اللهُ إحياءَ دولة ٍ | بغاكَ بنوها بالخديعة ِ والمكرِ |
وإنْ شاءَ في دهمانِ قومٍ إبادة ً | رماهمْ بدهمٍ منْ جيادكَ أو شقرِ |
ومنْ ملَّ طولَ العمرِ والعزِّ قادهُ | لكَ الحينُ في حبلِ الشَّناءة ِ والغمرِ |
قسمتَ بكفَّيكَ المنيَّة َ والغنى | للهفانَ يستجدي وعضبانَ يستشري |
فأنتَ غذا شمتَ الظبا قاتلُ العدا | وأنتَ إذا شمتَ النَّدى قاتلُ الفقرِ |
فلا زالَ معقوداً عطاؤكَ بالغنى | ولا زالَ معقودا لواؤكَ بالنَّصرِ |
وزاركَ بالنَّيروزِ أيمنُ قادم | سرى لكَ في وفدِ الرَّجاءِ الذي يسري |
جديداً على العامِ الجديدِ مؤمِّراً | ِكما أمركَ الماضي على العبدِ والحرِّ |
تزخرفُ منهُ الأرضُ في حلى روضها | بما كسيتْ منْ صبغِ أيَّامكَ الخضرِ |
كأنَّ الربيعَ منْ صفاتكَ يمتري | وشائعهُ ومنْ سجاياكَ يستقري |
فطاولْ بهِ عدَّ السَّنينِ مفاوتاً | بعمركَ مقدارَ الإحاطة ِ والحصرِ |
متى تطوِ ملكاً تنتشرُ لكَ بعدهُ | ممالكُ لا تبلى على الطيِّ والنَّشرِ |
وحيَّاكَ منِّي بالمديحِ مبشِّرٌ | خمائلُ لمْ تنبتْ على سبلِ القطرِ |
لها مددٌ منْ خاطرٍ غيرِ ناضبٍ | ملئٍ إذا كافا الصَّنيعة بالشُّكرِ |
خدمتكَ منها بالمحصَّنة ِ التي | عليها أحامي والمخدَّرة ِ البكرِ |
فكرَّمتني لما قبلتَ نكاحها | وزيَّدتَ من فضلي وضاعفتَ منْ قدري |
وملَّكتني قلباً كريماً ولمْ أكنْ | أظنُّ قلوبَ الأسد تُملكُ بالشِّعرِ |
فقمتُ على ظلٍّ منَ الأنسِ باردٍ | ومن هيبة ِ الملكِ العقيمِ على الجمرِ |
ولكنَّها قدْ موطلتْ بمهورها | ولا بدَّ في عقدِ النِّكاحِ منَ المهرِ |
وممَّا شجاها أنْ تضلَّ وسيرها | مع النَّجمِ أو تظما على ساحلِ البحرِ |
وخيرُ العطايا ما يرادُ بهِ العلا | وما كلُّ جودٍ باللُّجينِ وبالتَّبرِ |
وما بي إلاَّ أنْ نسيتَ فراعني | لتعلمَ أنِّي منْ رعاكَ على ذكرِ |