اللَّيلُ بعدَ اليأسِ أطمعَ ناظري
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
اللَّيلُ بعدَ اليأسِ أطمعَ ناظري | في عطفة ِ السَّالي ووصلِ الهاجرِ |
غلطَ الكرى بزيارة ٍ لمْ أرضها | مخلوسة ً جاءتْ بكرهِ الزَائرِ |
هاجَ الرُّقادُ بها غراماًَ كامناً | فذممتهُ وحمدتُ ليلَ السَّاهرِ |
ما كانَ إلاَّ لمحة ً منْ بارقٍ | منهُ تقاربُ أوَّلٍ منْ آخرِ |
ملَّتْ فكانَ الغادرُ النَّاسي بها | أحظى لديَّ منَ الوفيِّ الذاكرِ |
والوصلُ ما بردَ الغليلَ وشرَّهُ | ما عادَ يوقدُ في الغليلِ الفاترِ |
هلْ رفدُ ذاتِ الطَّوقِ يوماً عائدٌ | بسوى الخديعة ِ منْ سحابٍ عابرِ |
أمْ عندَ ليلاتي الطِّوالٍ ببابلٍ | منْ ردِّ أيامي القصارِ بحاجرِ |
راميتُ منْ خنساءَ من لا يتَّقى | بحشى ً تذوبُ ولا بجفنٍ قاطرِ |
وصبرتُ لكنْ ما صبرتْ جلادة ً | عنها ولم أظفر بأجرِ الصَّابرِ |
قدرتْ على قتلِ النُّفوسِ ضعيفة ً | يا للرجالِ منَ الضَّعيفِ القادرِ |
منْ منصفي منْ ظالمٍ لمْ أنتصرْ | منهُ على أنَّي كثيرُ النَّاصرِ |
عاصيتُ حكمَ العاذلينَ وسامني | فأطعتهُ حكمَ العسوفِ الجائرِ |
ومنَ البليَّة ِ أنْ تنكَّرَ عهدهُ | إذا أنكرتُ قصبي بنانُ الضَّافرِ |
لمْ أبكِ يوماً نضرة ً بوصالهِ | حتى بكيتُ على الشَّبابِ النَّاضرِ |
أعدى إلى شعري حؤولُ وفائهِ | بالغدرِ حتى حالَ لونُ غدائري |
فاليومَ أوراقي لأوَّلِ جاردٍ | خوراً وعيداني لأوَّلِ كاسرِ |
قدْ كنتُ أشوسَ لا تهزُّ خصائلي | كفُّ المهجهجِ بالحسامِ الباترِ |
آوى إلى حصنِ الشَّبابِ يجودُ لي | ما لا يحوطُ قبائلي وعشائري |
فالآنَ قلبي في ضلوعِ حمامة ٍ | حصَّاءَ سرَّبها صفيرُ الصَّافرِ |
لكنني ألقى الحوادثَ منْ بني | عبد الرَّحيمِ بباطشٍ وبقاهرِ |
همْ خيرُ ماحملتْ فقامتْ حرَّة ٌ | حصناءُ عنْ كرمٍ وذيلٍ طاهرِ |
ولدتهمْ أمُّ الفضائلِ أخوة ً | متشابهينَ أصاغراً كأكابرِ |
كالرَّاحُ كلُّ بنانها منها وإنْ | بانَ اختلافُ أباهمٍ وخناصرِ |
وتنجَّلتْ لتجيءَ بعدُ بمثلهمْ | فأبتْ على الميلادِ بطنُ العاقرِ |
أبناءَ تيجانِ الأسرَّة ِ قوبلوا | في الفخرِ بينَ مزاربٍ وأكاسرِ |
فإذا أنتضوها ألسناً عربيَّة ً | فسيوفُ أندية ٍ وقضبُ منابرِ |
وإذا الرِّواية ُ في السِّيادة ِ ضعِّفتْ | نقلوا الرِّياسة َ كابراً عنْ كابرِ |
كانوا الرءوسَ قديمها وحديثها | في مؤمنٍ في دهرهِ أو كافرِ |
وعلى كمالِ الملكِ منهمْ مسحة ٌ | فعليكَ صورة ُ غائبٍ في حاضرِ |
قفْ في شمائلِ فخرهِ متفرِّساً | وخذْ الخفيَّ على قياسِ الظَّاهرِ |
جمعَ الغرائبَ في السِّيادة ِ رأيهُ | حتى التأمنَ وهنَّ غيرَ نظائرِ |
ورمى صدوراً لحادثاتٍ بعزمة ٍ | فأصابهنَّ بقاصدٍ وبعائرِ |
ملأَ الوسائدَ منْ سطاهُ وبشرهُ | قمرٌ يناطُ بصدرِ ليثٍ خادرِ |
وورى لهُ زندُ العواقبِ رأيهُ | فأراهُ واردها طريقَ الصَّادرِ |
شدَّ الوزارة َ منهُ كفٌّ فاتلٌ | من بعدِ ما انتقضتْ بكفِّ النَّاسرِ |
وسطتْ يمينُ أخيهِ منهُ بمثلها | فهما يمينا قوَّة ٍ وتآزرِ |
كالنَّيرينِ متى تغيبُ شمسُ الضُّحى | تخلفُ بدرٍ في الدُّجنَّة ِ باهرِ |
بأبي المعالي ريضَ كلُّ محارنٍ | ونمى الكسيرُ على عصابِ الجابرِ |
منْ كانَ مقهورَ الرَّجاءِ مخيَّبَ ال | مسعي فراجيهِ شريكُ القاهرِ |
يا منْ يسدُّ فريجَ كلِّ ثنيَّة ٍ | فتقتْ ويكعمُ كلَّ خطبٍ فاغرِ |
ويتمُّ كلَّ نقيصة ٍ بكمالهِ | كالرمحِ متموعاً بباعٍ عاشرِ |
لا تهتدي طرقُ الصَّلاحِ بغيركمْ | والنَّاسُ بينَ مضلِّلٍ أو حائرِ |
والملكُ ما لمْ تقدحوهُ دجنَّة ٌ | يقتافُ سائرها بنجمٍ غائرِ |
فإنْ اعترتكمْ هفوة ٌ أو صدَّكمْ | غضبُ المنيلِ على الغموطِ الكافرِ |
ورأيتمُ نعماءكمْ وصنيعكمْ | لا في المقرِّ لكمْ ولا في الشَّاكرِ |
فلكمْ غداً أيامَ وصلٍ طولها | موفٍ على اليومِ القصيرِ الهاجرِ |
لا غرَّني هذا الصُّدودِ فإنَهُ | صدُّ المدلِّ وليسَ صدَّ الغادرِ |
كانتْ لكمْ وغداً تصيرُ إليكمُ | طوعاً بخيرِ عواقبٍ ومصادرِ |
ولربَّ معتزلٍ تعطَّلَ فاغتدى | سببَ البلاءِ على المولَّى النَّاظرِ |
ومقلِّدٍ أمراً يكونُ بجيدهِ | حلى الذَّبيحة ِ سوِّمتْ للجازرِ |
خلِّدتْ للحسناتِ تنثرها يداً | فيداً وينظمها لسانُ الشَّاعرِ |
بكَ ذدتَ عنْ ظهري فلمْ أربعْ على | ظلعٍ ولمْ أصفقْ بكفِّ الخاسرِ |
إما حضرتَ فجنَّتي أو بنتَ عنْ | وطني فجودكَ خيرُ زادِ مسافرِ |
ما غابَ وجهكَ لا يغبْ عنْ ناظري | إلاَّ ذكرتكَ بالهلالِ الزَّاهرِ |
فإذا عدمتُ ندى يديكَ تعلَّلتْ | خلاَّتُ حالي بالغمامِ الماطرِ |
عوضاً وهلْ شيءٌ يحلُ بعائضٍ | منْ بعدِ وجهكَ أو نداكَ الغامرِ |
فاذهبْ على كرمٍ شرعتَ طريقهُ | والنَّاسُ فيهِ على مدقِّ الحافرِ |
واذكرْ نسايا الشِّعرِ عندكَ إنَّها | لا تنفعُ الذِّكرى لغيرِ الذَّاكرِ |
وتلقَّ يومَ المهرجانِ بأوَّلٍ | منْ عمرِ عزِّكَ لا يراعُ بآخرِ |
يومٌ يمتُّ إليهِ طالعُ سعدهِ | بوشائجٍ منْ سعدهِ وأواصرِ |
ويقومُ مفتخراً بأنَّكَ وهو منْ | بيتِ العلا فيبذُّ كلَّ مفاخرِ |
ولعمرُ منْ نسكَ الحجيجُ لبيتهِ | دأباً وخاطرَ فيهِ كلَّ مخاطرِ |
لأحقُّ يومٍ أنْ يكونَ معظَّماً | يومٌ يضمُّكَ وهو طينُ الفاطرِ |