من ناظرٌ لي بين سلعٍ و قباَ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
من ناظرٌ لي بين سلعٍ و قباَ | كيف أضاء البرقُ أم كيف خباَ |
نبهني وميضه ولم تنمْ | عيني ولكن ردَّ عقلا عزبا |
قرتْ له بناتُ قلبي خافقا | و استبردته أضلعي ملتهبا |
كأنه يجلو ثنايا بالغضا | روقاً وينهلُّ لمى أو شنبا |
يا لعبدٍ من منى ً دنا به | يوهمني الصدقَ بريقٌ كذبا |
و لنسيمِ سحرٍ بحاجرٍ | ردتْ به عهدَ الصبا ريحُ الصبا |
ألية ما فتح العطارُ عن | أعبقَ منه نفساً وأطيبا |
سل من يدلُّ الناشدين بالغضا | على الطريد ويردّ السلبا |
أراجعٌ لي والمنى هلهلة ٌ | فطالعٌ نجمُ زمانٍ غربا |
و طوفة ٌ بين القبابِ بمنى ً | لا خائفا عينا ولا مرتقبا |
مستقبلاً بهاهنا وهاهنا | مقترعا على ّ أو مجتذبا |
ألقى الوصالَ مسفراً لي وجههُ | و الغدرَ لي مع قبحهِ متنقبا |
هناك منْ باعَ الغواني حلمهُ | بالخرقِ عدَّ الحازمَ المجربا |
و لائمٍ ملتفتٍ عن صبوتي | ينكرها ولو أحبَّ لصبا |
إذا نسبتُ بهواي ساءه | مصرحاً ولو كنيتُ غضبا |
و ما عليه أن غرمتُ بابلا | بحاجرٍ و فاطما بزينبا |
يلومني لا مات إلا لائما | أو عاش عاش بالهوى معذبا |
قال عشقتَ أشيباً يعدها | منقصة ً نعم عشقتُ أشيبا |
هل شعرٌ بدلتهُ بشعرٍ | مبدلي من أربٍ لي أربا |
أبى الوفاءُ والهوى وبالغٌ | معذرة ً من سيمَ غدرا فأبى |
ما أنا من صبغة ِِ أيامكمُ | و لا الذي إن قبلوه انقلبا |
و لا ابنُ وجهين ألمُّ حاضرا | من الصديقِ وألومُ الغيبا |
قلبيَ للإخوانِ شطوا أو دنوا | و للهوى ساعفَ دهرٌ أو نبا |
من عاذري من متلاشٍ كلما | أذنبَ يوما وعذرتُ أذنبا |
يضحكُ في وجهي ملء فمهِ | و إن أغبْ وذكرَ اسمي قطبا |
يطيرُ لي حمامة ً فإن رأى | خصاصة ً دبَّ ورائي عقربا |
ما أكثرَ الناسَ وما أقلهم | و ما أقلَّ في القليل النجبا |
ليتهمُ إذ لم يكونوا خلقوا | مهذبين صحبوا المهذبا |
فعلمتهم نفسهُ كيف العلا | و ودهُّ كيف الصديقُ المجتبى |
و وردوا من خلقه ويدهِ | أبردَ ما بلَّ الصدى وأعذبا |
مثل أبي المنصورَ فلتلذَّ لي ال | دنيا ولا سرَّ سواه ابنٌ أبا |
أتركهُ لي غنيمة ً باردة ً | يا دهرُ واذهبْ ببنيك سلبا |
اللهُ جارٌ لفتى ً أجارني | على زمانٍ لم أفتهُ هربا |
و فرجتْ عنيّ يدا إسعادهِ | حوادثا ضغطنني ونوبا |
لما رأى الأيام في صروفها | نارا تشبُّ ورآني حطبا |
قام لها يصليَ بها وناشني | فلم أذق حداً لها ولا شبا |
و صان وجهي لاقيا بوجهه | ذلَّ السؤالِ وكفاني الطلبا |
عفتُ فلم أشربْ سوى أخلاقه | إذا كؤسَ الشرب دارتْ نخبا |
و صحَّ لي جوهرة ً من معدنٍ | أملسَ لا ينبتُ إلا الذهبا |
من معشرٍ تنمى العلا اليهمُ | هم أهلها والناسُ منها غربا |
كما اقترحتَ حربهم وسلمهم | شدوا رباط الخيلِ أو شدوا الحبا |
ساسوا يعدون الملوكَ واحتبوا | وسطَ الندى َّ يصفون العربا |
يرضيك من حديثهم ساهدهم | و في القديم ما سألتَ الكتبا |
إذا رجال طأطأَ اللؤمَ بهم | قعصاً فشموا بالأنوف الركبا |
طالوا ينالون ثعالبَ القنا | تحسبُ ماشيهم بسوقاً ركبا |
و حدثتْ فروعهم عن أصلهم | تحدث الناجم عما غربا |
لبيك مشكورا كما لبيتني | و قد دعوتُ قذفاً لا كثبا |
و كنتَ لي بابا إلى مطالبي | لولا قعود الحظّ بي وسببا |
تعجبَ الناسُ وقد وليتها | أكرومة ً فقلتُ لا لا عجبا |
عينيَ مني ويدي فهل ترى | يفوتني ما سلما ما طلبا |
و كيف لا تحفزهُ لأربي | مودة ٌ تمت فعادت نسبا |
و مقة ٌ لو خلصتْ لابنِ أبي | منى هزَّ عطفه وطربا |
و إن يكن هومَ فيها ناسيا | و عاجَ عن طريقها وجنبا |
و قدحتْ في أملي عندهمُ | قادحة ٌ لم يك فيها مذنبا |
فقد قبلتُ العذرَ أو قتلتهُ | علما وقد عاتبته فأعتبا |
و استقبل الرأيَ وأعطى ذمة ً | تصفحُ للآنفِ عما ذهبا |
فاشكر لها وكالة ً منيَّ على | نفسيَ واقض دينها إذ وجبا |
من لك مثلي بأخٍ مسامحٍ | ترضيه بالعذرِ إذا ما غضبا |
و احذر على مجدك أخرى تنتقي | عظم الوفاءِ وتجرُّ الريبا |
شمرْ عن الساقين في استداركها | و امحُ بوادي شرها معتقبا |
و لا يزالُ أملي يقنعُ لي | بدون ما سدّ خصاصي نشبا |
ذاك ودعني شاكيا وسائلا | و خذْ حديثي منسبا |
كان جناحُ الشوق أمس طائري | منسرا في كبدي مخلبا |
و أكلَ البينُ سمينَ جلدي | حتى غدا سنامُ صدري ذنبا |
بانَ بك العيشُ الذي يسرني | و عاد لما عدتَ لي مقتربا |
قال البشير قادماً فقلتُ منْ | قال أبو منصورَ قلتُ مرحبا |
و قمتُ لا أملكُ ما يسعهُ | غير نعمتَ من جزاءٍ وحبا |
أرشفُ من فيه مكانَ اسمك لا | أحسبني أرشفُ إلا الضربا |
عطفٌ من الأيام لي ونظرٌ | جاء وما كنتُ له محتسبا |
لكنني بالبعدِ في أثنائه | أصبحُ أو أمسى مروعا متعبا |
إذا اطمأنتْ أضلعي تذكرتْ | نواك فاهتزتْ جوى لا طربا |
فادفعْ به صدرك ما استطعتهُ | يوما تردّ شملَ أنسى شعبا |
راخِ يديكَ في امتدادِ حبلهِ | و طاول الوقتَ به أن يجذبا |
و خفْ على قلبي غداً من وقفة ٍ | يكون لي فيها الوداعُ العطبا |
و لا تدعني أسأل الركبانَ عن | قلبٍ دوٍ وأستطبُّ الكتبا |
لا أقفرتْ منكَ ربوعٌ عمرتْ | أنسا ولا أيبسَ عيشٌ رطبا |
و لا برحتَ مالكا مقتسرا | نواصيَ الإقبالِ أو مغتصبا |
حتى يكونَ باديا وحاضرا | بين النجوم بانياً مطنبا |