أُناشِد دَهْري أن يَعودَ كما بَدا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أُناشِد دَهْري أن يَعودَ كما بَدا | فقَد غارَ بي في الحادثاتِ وأنجَدا |
توعَّدَني من بَعْدِ ما وَعَدَ الغِنى | فأنجزَ إيعاداً وأخلَفَ مَوعِدا |
و كنتُ أرى الأيامَ ظِلاَّ مُمَدَّداً | و مُهْتَصَراً غَضّاً وعَيشاً مُمَهَّدا |
فَصِرْنَ لرَيْبِ الدَّهْرِ سَهْماً مُسَدَّداً | و أسمرَ خَطِّيّاً وعَضْباً مُجَرَّدا |
سَقاهاو ما السُّقْيا بكفِّ صَنيعِها | خَليعِ الحَيا إنْ جَرَّ بُرْدَيْهِ غَرَّدا |
فزارَ من الدَّيْرّيْنِ إلْفاً ومَألَفاً | و جادَ على النَّهرين عَهْداً ومَعْهَدا |
مَراقدُ من بُسْطِ الرِّياضِإذا اكتفى | بِهِنَّ صريعُ الرَّاحِ لم يَنْبُ مَرْقَدا |
و ليلٍ كأنَّ التُّرْبَ تحتَ رِواقِه | مُنّدًّى بماءِ الوَردِ ما باشَرَ النَّدى |
تُعانِقُنا فيه الرِّياحُ مَريضة ً | كأَنَّا لَقيناها معَ الصُّبحِ عُوَّدا |
أَرَتْنا اللَّيالي قَصْدَها دونَ جَوْرِها | و شأنُ اللَّيالي أن تجورَ وتَقْصِدا |
و من عَجَبٍ أنَّ الغَبِيَّينِ أبرَقا | مُغِيرَيْنِ في أقطارِ شِعْريو أرعَدا |
فَقَد نَقلاه عن بياضِ مَناسبي | إلى نَسَبٍ في الخالديَّة ِ أسودَا |
و إنَّ عَلِيّاً بائعَ الملحِ بالنَّوى | تجرَّدَ لي بالسَّبِّ فيمَن تجرَّدا |
و عندي له لو كان كُفءَ قوارضي | قوارضُ يَنثُرْنَ الدِّلاصَ المُسَرَّدا |
و مغموسَة ٌ في الشَّرْيِ والأرْيِ هذه | ليَرْدَى بها باغٍو تلكَ لتُرتَدَى |
إذا رامَ عِلْجُ الخالديَّة ِ نيلَها | أَخذْنَ بأعنانِ النُّجومِ وأخلَدا |
لكَ الويلُ إن أطلقْتُ بيضَ سيوفِها | و أطلقْتُها خُزْرَ النَّواظِرِ شُرَّدا |
و لستَ لجِدِّ القَوْلِ أهلاًفإنما | أُطيرُ سِهامَ الهَزْلِ مثنى ً ومَوْحِدا |
نَصَبْتَ لِفتيانِ البَطالَة ِ قُبَّة ً | ليَدخُلَها الفِتيانُ كَهْلاً وأمرَدا |
و كان طريقُ القَصْفِ وعراً عليهمُ | فسهَّلْتَه حتى رَأَوه مُعبَّدا |
و كم لَذَّة ٍ لا مَنَّ فيها ولا أذًى | هَدَيْتَ لها خِدْنَ الضَّلال فأفسدا |
قصدتَهمُ وزناًفساوَيْتَ بينَهُم | و لم تأخذِ السَّيفَ الشَّديدَ لتَقْصِدا |
و جئتَهمُ قبلَ ارتدادِ جُفونِهِم | بمائدة ٍ تُكْسَى الشَّرائِحَ والمِدَى |
و مبيضَّة ٍ مما قراه محمدٌ | أبوك لكي تَبيضَّ عِرْضاً ومَحتِدا |
نَثَرْتَ عليها البَقْلَ غَضّاًكأنما | نَثَرْتَ على حُرِّ اللُّجَيْنِ الزَّبَرْجَدا |
و مصبوغَة ٍ بالزَّعفرانِ عريضة ٍ | كأنَّ على أَعْضائِها منه مِجْسَدا |
تَرَقَّبَها الصَّيَّادُ يَوْماًفقادَها | كما قُدْتَ بالرِّفقِ الجَوادَ المُقَيَّدا |
و لم يَدْرِ إذ أنجى لها بِردائِه | أكانَ رِداً ما ارتدَّ منه أَم رَدى |
تُريكو قد عُلَّت بياضاً بصُفرَة ٍ | مِثالاً من الكافورِ أُلبِسَ عَسْجَدا |
يَحُفُّ بها منهم كهولٌ وفتية ٌ | كأنهمُ عِقْدُ يَحُفُّ مُقلَّدا |
فلا نَظَرُ الدَّاعي إلى الزَّادِ كَفَّهم | و لا خَجلَة ُ المدعوِّ ردَّتْ لهم يَدا |
و مِلْتَ بهم من غيرِ فَضلٍ عليهمُ | إلى الوَرْدِ غضّاً والشَّرابِ مُورَّدا |
فيا لَكَ يوماً ما أَخَفَّ مؤونَة ً | و أعذبَ في تلكَ النُّفوسِ وأرغدا |
مُناهدة ٌ إن باتَ مثلُكَ طيَّها | تَنفَّسَ مجروحَ الحشاأو تنهَّدا |
فلا عَدِمَ الفِتيانُ منكَ قَرارة ً | أَيسلُّهُم سَعْداً عليَّ مُسْعِدا |
مُعِدّاً لهم في كلِّ يومٍ مُجَوَّدٍ | من الرَّاحِ والرَّيحانِعيشاً مُجدَّدا |
إذا وصَلوا أضحى الخِوانُ مُدَبَّجاً | و إن وصَلوا أمسى الخِوانُ مُجرَّدا |
و إن شرَعوا في لَذَّة ٍ كنتَ بِيعَة ً ؛ | و إن طَعِمُوا في مَرفِقٍ كنتَ مَسجدا |
لك القُبَّة ُ العَلياءُ أوضحْتَ فَتقَها | و أطلعْتَ منها للفُتوَّة ِ فَرْقَدا |
يُصادِفُ فيها الزَّوْرَ جَدْياً مُبرَّزاً | و باطية ً ملأىو ظبياً مُغرِّدا |
و قد فَضُلَت بِيضُ القِبابِ لأنني | نصبْتُ عليها بالقصائدِ مِطرَدا |