كل حيّ قاضٍ عليه زوال
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
كل حيّ قاضٍ عليه زوال | والى هذه السبيل مآله |
يا جلالاً عن الزمان تقضى | عز ربٌّ قضى وجلّ جلاله |
ما اقتضى حظنا بقاءك فينا | واحداً تشمل الأنام ظلاله |
هادياً للندى وللعلم ترجى | كلّ يومٍ أقواله وفعاله |
أين ذاك الغمام يدنو الى النا | س ندى كفه ويعلو مناله |
أين أحكامه وأين علاه | أين أقلامه وأين نواله |
قف بقبر الامام يا نادب الفض | ل وخلّ البكاء تهمي سجاله |
و انثر الدمع حول مثواه نثراً | مثل ما يثنثر الكلام ارتجاله |
ودع الشعر كان للشعر وقت | بنداه وقد تغير حاله |
و سلا الصب واستراح المعنى | لا صباباته ولا عذَّاله |
أقفرت ساحة العلى فبيوت الش | عر من بعد بعده أطلاله |
آه للطالبين علماً ورفداً | بعد ما غاض عزمه واحتفاله |
طالب العلم فيه للنحو نوحٌ | لا تسل عنه كيف أصبح حاله |
طالب الجود مات من كان في الج | ود تباري يمنى يديه شماله |
طالب العلم مطلقاً خل عنه | قيد العلم حزنه وكلاله |
مات من كان ملتقى كل قصدٍ | والى الله قصده واتكاله |
عجباً من سريره يوم أودى | كيفما أورقت ورقّت ظلاله |
عجباً من زمانه حين ولى | كيفما سيرت ودكت جباله |
صعدت روحه لأمثالها الزه | ر وفي الأرض أين أين أمثاله |
فتهاوت كواكب الأفق تسعى | وانحنى يبدأ السلام هلاله |
و عدمنا نحن الندى ولقينا | يتقاضى وفد الرجال جلاله |
ياله من مصاب دين ودنيا | طال فينا اشتغاله واشتعاله |
شاب كالشيخ طفله وبكا الأش | ياخ فيه كأنهم أطفاله |
ونعت مصر والشام إماماً | طرزت مجد ذا وذاك خلاله |
كم مقام كما سمعت ملوكي | ولديه تصرفت أفعاله |
كم بيمناه قصة قد اجيب | وسؤولٌ بها أجيب سؤاله |
كم قريب دعا به وبعيد | وهو هامٍ يد الندى هطّاله |
كم أتتني مع الركاب لهاهُ | ووفت لي مع الزمان خصاله |
لو بقدر الأسى بكيت لسالت | مهجة كم وفت لها أفضاله |
في سبيل العلى غمامٌ تولى | بعد ما أخصب الورى إقباله |
هكذا عادة الزمان بنوه | بسط ظل كما ترى وزواله |
و دفين على بقايا دفين | مثل ما قال من سرت أمثاله |
كم الى كم هذا التغافل منا | عن يقين الردى وهذا التباله |
جاد يا قاضي القضاة ضريحاً | كنت فيه غيثٌ يسرّ انهماله |
و جزى الله جود كفك عنا | وتولاك جوده ونواله |
لك منا نشر النسيم ثناء | ولنا بالأسى عليك اعتلاله |