عج بالمطي على اليباب الغامر
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
عج بالمطي على اليباب الغامر | واربع على قبر تضمن ناظري |
فستستبين مكانه بضجيعه | وينم منه إليك عرف العاطر |
فلكم تضمن من تقى وتعفف | وكريم أعراق وعرض طاهر |
واقر السلام عليه من ذي لوعة | صدعته صدعا ما له من جابر |
فعساه يسمح لي بوصل في الكرى | متعاهدا لي بالخيال الزائر |
فأعلل القلب العليل بطيفه | علي أوافيه ولست بغادر |
إني لأستحييه وهو مغيب | في لحده فكأنه كالحاضر |
ارعى أذمته وأحفظ عهده | عندي فما يجري سواه بخاطري |
إن كان يدثر جسمه في رمسه | فهواي فيه الدهر ليس بداثر |
قطع الزمان معي بأكرم عشرة | لهفي عليه من أبر معاشر |
ما كان إلا ندرة لا أرتجي | عوضا بها فرثيته بنوادر |
ولو انني أنصفته في وده | لقضيت يوم قضى ولم أستاخر |
وشققت في خلب الفؤاد ضريحه | وسقيته أبدا بماء محاجري |
أجد الحلاوة في الفؤاد بكونه | فيه وأرعاه بعين ضمائري |
لسألت مغفرة له وتجاوزا | عنه من الرب الجواد الغافر |
أخلق ببمثلي أن يرى متطلبا | حوراء ذات غدائر وأساور |
مقصورة في قبة من لؤلؤ | ذخرت ثوابا للمصاب الصابر |
لخلت ذراعي وانفردت فإن أكن | تاجرت فيها كنت أربح تاجر |
ولئن حرمت ولم يفز قدحي بها | فأنا لعمر الله أخسر خاسر |
من جاوز الستين لم يجمل به | شغل بجمل والرباب وغادر |
بل شغله في زاده لمعاده | فالزاد آكد شغل كل مسافر |
والشيخ ليس قصاره إلا التقى | لا أن يهيم صبابة بجاذر |
نفرت طباع الغيد عنه كراهة | ومن العناء علاقة بمنافر |
هل يلتقي قرن بقرن في الوغي | إلا بأزرق أو بعضب باتر |
وإذا تقحم أعزل في مأزق | كان الأسير ولم يكن بالآسر |
ما يشتهي نهدا ولحظا فاترا | إلا خلي في زمان فاتر |
حسبي كتاب الله فهو تنعمي | وتأنسي في وحشتي بدفاتري |
أفتض أبكارا بها يغسلن من | يفتضهن بكل معنى طاهر |
وإذا أردت نزاهة طالعتها | فأجول منها في أنيق زاهر |
وأرى بها نهج الهداية واضحا | ينجو به من ليس عنه بجائر |
قد آن لي أن أستفيق وأرعوي | لو أنني ممن تصح بصائري |
فلكم أروح وأغتدي في غمرة | مترددا فيها كمثل الحائر |
وأرى شبابي ظاعنا في عسكر | عني وشيبي وافدا بعساكر |
فغدت مظفرة علي ولم تزل | قدما معلاة قداح الظافر |
ولقد رأيت من الزمان عجائبا | جربتها بمواردي ومصادري |
فوجدت إخوان الصفا بزعمهم | يلقاك أمحضهم بعرض سابري |
ولر بما قد شذ منهم نادر | وأصولنا أن لا قياس بنادر |
وإذا نبا بي منزل أو رانبي | صفقت عنه كالعقاب الكاسر |
فأجوب أرضا سهلها كحزونها | عندي وأول قطرها كالآخر |
ولقد عجبت لمؤمن في شدقه | جرس كناقوس ببيعة كافر |
لسن يهينم دائبا ولما يرى | أن اللسان كمثل ليث هاصر |
ولو أنني أدعو الكلام أجابني | كاجابة المأسور دعوة آسر |
لكن رأيت نبينا قد عابه | من كل ثرثار وأشدق شاعر |
فصمت إلا عن تقى ولربما | قذفت بحار قريحتي بجواهر |
ما استحسنوا طول الخطابة بل رأوا | تقصيرها مهما ارتقوا بمنابر |
ولما رأوا سرد الكلام بسائغ | إلا لعبد قارىء أو ذاكر |
فالعي في الإكثار لا في منطق | يهدي إلى الألباب نفثة ساحر |
ولقد أقول لبعض من هو عاذلي | في القصد في شاني وليس بعاذري |
لما رأيت الأرض أصبح ماؤها | رنقا كفتني منه حسوة طائر |
ولو أنني أرضى القذا في مشربي | لكرعت كرعة ظامىء بهواجر |
وعبرت بحر الرزق التمس الغنى | حرصا عليه وكنت أمهر ماهر |
لكنني عوضت منه عناية | بقناعة وتجمل في الظاهر |
فمن الغنى ما قد يضر بأهله | والفقر عند الله ليس بضائر |
ولقد أصبت من المطاعم حاجتي | ومن الملابس فوق ما هو ساتري |
وأنا لعمرك مكرم في جيرتي | ومعظم ومبجل بعشائري |
وغذا بميدان السباق سنلتقي | فيرى الثقيل من الخفيف الضامر |
واسوأتا إن كنت سكيتا به | أرجو اللحاق على هجين عاثر |