هو الحي إن بلغته فاقصد الحانا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
هو الحي إن بلغته فاقصد الحانا | وحي الأولى تلقاهم فيه سكّانا |
ومرّغ خدود الذلّ في مسك تربه | وحصبائه وانثر على الدرّ مرجانا |
فثَمَّ البنات العامريات رتّع | به والحسان البابليات أعيانا |
غصون من البانات يحملن نرجساً | وورداً وعناباً ويثمرن رمّانا |
معاطير لا من مسّ جام لطيمة | وأذكى شذاً من مسك دارين أردانا |
من اللآءِ ما عيبت عليهن خلّة | سوى نهب أرواح المحبيّن عدوانا |
أوانس كالأقمار يسفرن في الدجى | ويسمون أن يدنين منهن ندمانا |
حواضر آداباً وتيهاً ورقّة | أعاريب إن حاورن نطقاً وتبيانا |
تديرن حيث الحسن ألقى جرانه | وحيث بزوغ الشمس من نحو شمسانا |
ولي من أولاك الفاتنات حبيبة | على شكلها لم يخلق الله إنسانا |
كتمت هواها واتّخذت لحبّها | وتذكارها في السر سوراً وعمرانا |
ولم أدر لولاها بأن الهوى هدى | ولا عاد كفري بالمحبة إيمانا |
وما غرس هذا الحب إلا التفاته | بها اشتعلت مني الجوانح نيرانا |
نظرت إليها وهي فضل وقد بدت | محاسنها للعين معنى وجثمانا |
ولم أنس لما أن رأتني وعاينت | على لوعتي من شاهد الحال عنوانا |
تنفّست الصعداء وقالت متيّم | كساه الضنى من صبغة الوجد ألوانا |
ولكنها من غير ذنب تنكّرت | على وأولتني صدوداً وهجرانا |
على أنني والشاهد الله ليس لي | مرام ينافي ما به الشرع أوصانا |
وإني لمن غير الحديث مبرّأ | وإن وسوس الواشي براءة صفوانا |
أأبقى كذا مالي إلى الوصل حيلة | ولم أستطع لا قدّر الله سلوانا |
فكم نحوها وجهت من ذي فطانة | لشكوى الهوى طوراً وللعتب أحيانا |
وحاولت أن ترضى بكل وسيلة | وقربت لو شاءت لها الروح قربانا |
فقالت لهم نعم الفتى غير أنه | غريب وأنى للغريب بلقيانا |
ولم تدر أني بابن فضل بن محسن | أصبت بذاك الحي آلاً وأوطانا |
أغر الملوك الأعظمين عميدهم | وأرجحهم عند التفاخر ميزانا |
وأكرمهم نفساً وأنداهم يداً | وأشمخهم في قنّة المجد بنيانا |
أسمى مليك قاد خضر كتائب | إلى مأقط الهيجاء رجلاً وفرسانا |
إذا صبحت مثوى أعاديه لم تذر | به ساكنا إلاّ يتامى ونسوانا |
يلف السرايا بالسرايا مغيرة | فتستأصل العاصين أسراً وإثخانا |
ويذكى لظى الحرب العبوس تنزّهاً | يخال مجال الضرب والطعن بستانا |
نمته البهاليل العبادلة الأولى | بهم ناهزت في السبق قحطان عدنانا |
بناة المعالي بالعوالي وباذلوا | نفوسهم في مشترى العز أثمانا |
فمن ذا كفضل في العلا أو كمحسن | وآبائه بأساً وجاهاً وسلطانا |
إذا نازلو الشوس المساعير عفرت | لهيبتهم في موطئ النعل أذقانا |
أولئك آباء الذي ما استماحه | ولاذ به راج فصادف حرمانا |
شأى كيف شاءت نفسه في مدارج | عنت لأدانيها ذرى أوج كيوانا |
تحابيه أملاك الزمان تزلّفاً | فتعقد ميثاقاً وتحلف أيمانا |
فهذا مليك الإنجليز استماله | وقلّده ألقاب فخر ونيشانا |
هنيئاً لِإدوارد بن ألبرت صفقة | قبول ابن فضل منه فليمرح الأنا |
سأحلف لا مستثنياً في أليتي | ولا حانثاً والحنث أقبح ما كانا |
لكل ملوك العصر ليسوا كأحمد | مقاماً خلا عبد الحميد بن عثمانا |
تبوّأ من لحج الفسيحة معقلاً | يذكرنا إيوان كسرى وغمدانا |
هناك مقر الجد والمجد والندى | ومنتجعوا الجدوى مشاة وركبانا |
وثَمَّ جلال الملك تحمي ذماره | مغاوير غاب عودوا الفتك ولدانا |
إذا ركبوا الخيل الجياد حسبتهم | عليها وقد شدّوا على الخصم عقبانا |
يدبرهم ماضي العزيمة نافذ | البصيرة أعلاهم وأعظمهم شانا |
ومن غادر الثغر اليماني مفعماً | بحكمته أمناً ويمناً وإيمانا |
فأشبه أو كاد اقتداراً وسيرة | يضاهي نزيلاً في ثرى دير سمعانا |
بسنّته استنّ الرعايا فأصبحوا | بنعمته بعد التضاغن إخوانا |
وأخلاقه روض تضاحك نوره | وباكره ودق السحابة هتانا |
فعن ذاته سل من رآه وعن ندى | يديه سل الأملاك والإنس والجانا |
تجول أياديه البلاد كأنه | يرى كل سكّان البسيطة ضيفانا |
ومن ذا لعمري من نبيه وخامل | أتاه ولم يغمره فضلاً وإحسانا |
جزافاً يهيل المال لا متصنّعاً | وليس بمنّان بما كان منّانا |
ألا أيها المولى وما غيرك أمرؤ | نسمّيه من بعد الوصي بمولانا |
فداك من الأسواء حسادك الأولى | عليه ضربت الذل جمعاً ووحدانا |
ولا زلت خفّاق اللواء مظفّرا | مقيماً على دعوى معاليك برهانا |
وأزكى تحيّات معطّرة الشذى | تضَوَّع منها الكون مسكاً وريحانا |
توافيكمُ من ذي فؤاد بحبكم | بنى عبدلٍ لا يبرح الدهر ملآنا |
ودونكم عذراء تزهو بحسنها | محبرة لفظاً ومعنى واتقانا |
تجر على الكندي ذيل بيانها | وتطرب بشاراً وأستاذ همذانا |