ممنعة مدة بممتلىء الجام
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ممنعة مدة بممتلىء الجام | ورامت به من بين صحبي إكرامي |
وأبدت برفع الكف نحو جبينها | إشارات ود في تحيّات إعظام |
وما لبثت أن غازلتني بأعين | لها في الحشا ما يفعل المرهف الظامي |
ومن عجب أني بأسهم لحظها | مصاب وأني أشهد الفضل للرامي |
سقتني على شرط الهوى صرف خمرة | بها رفعت في محفل العشق أعلامي |
وكنت بآيات الهوى قبل كافراً | فصح بها في الحب ديني وإسلامي |
يخال الغبي الإثم فيها وإنما | بها أرتجي تكفير سالف آثامي |
بها رفعت ما بيننا حجب الحيا | فما أحد للسر منّا بكتام |
ولم أنس إذ بتنا ضجيعي أريكة | طريحين في ورد وآس ونمام |
على أنني عن فعل ما لا يليق بي | وإن ذبت عشقاً ذو عفاف وإحجام |
وما غرضي والشاهد الله في سوى | سماع الأغاني أو حديث بلا ذام |
فباتت تناجيني وتخفض صوتها | حذار اطلاع من وشاة ولوام |
تساقط من المنظوم لؤلؤ ثغرها | لآلئ لفظ لا تقام لمستام |
تسائلني من أي رهط وبلدة | فلستَ العراقيَّ السِمَات ولا الشامي |
فقلت بلادي حيثما الدين قائم | بكل منيب في الهواجر صوام |
ورهطي أعز الناس بيتاً ومنبتاً | وسادات سامي الخليقة والحامي |
فقالت إذا أنت التريمي مسكناً | وما أنت عنها في الحديث برجام |
ورهطك هم رهط الحسين الذي به | تجر ذيول الفخر دور بلكرام |
عنيت عماد الدولة الآصفية التي | لم تزل مرفوعة العلم السامي |
حسيب الأصول الطاهرين الأولى لهم | ذرى الفلك الأسمى موطئ أقدام |
أكارم لو أن الفضائل شخّصت | لكانوا لها كالروح والقلب والهام |
وهم دوحة العز الصميم الذي سقى | ثراها سحاب الفضل بالوابل الهامي |
أتت بعلي والحسين وصنوه | وكم قانت جنح الدياجر قوَّام |
إلى أن أتت من كابر بعد كابر | بهذا الحسين الحبر فرعهم النامي |
خليفتهم في حمل ألوية العلا | ومن أشبه الآباء ليس بظلاَّم |
ومُعِلي منار العلم للمهتدي به | وملبسه بردي بيان وإتمام |
أشاد المليك الآصفي مقامه | وقرّبه من بين عرب وأعجام |
ونصّبه علماً بشامخ فضله | رئيساً وأستاذاً على كل علاّم |
فأضحت غواني المجد مغرمة به | وعاد فصيحاً كل فدم وتمتام |
وظلّت غواني المجد مغرمة به | ومعرضة عن كل لاه ونوّام |
هو الثابت الرأي المصيب فهل ترى | سواه لاملاك النظام بنظّام |
مذلّل صعب المعضلات بحدسه | وتدبيره في كل نقض وإبرام |
ومدرك مكنون الغيوب كأنه | يراها بفكر صائب وبإلهام |
يشاركه في اسم الوزارة غيره | وفي العود شرك بين رند وقلاّم |
ربيب الفخار الممتطي صهوة الوفا | مكيناً باسراج عليها والجام |
قرين المعالي المشتريها مغالياً | بنصل قناة أو ذبابة صمصام |
وليس بميّال لداعي سفاهة | ولا حول سفساف الأمور بحوّام |
كريم السجايا والشمائل منبع | الفضائل وضّاح الأسارير بسّام |
ومن يستجر في النائبات به يلذ | بركن شديد من صروف الردى حام |
بمن أو بماذا في المعالي أقيسه | بقس ومعن أم بباز وضرغام |
كذبت معاذ الله إن قلت في الورى | يرى مثله في المجد والمنصف السامي |
يجل عن التشبيه جوداً بحاتم | ويظلم مهما قيس بالمزيد الطامي |
هو الناحر الأكياس تبراً لضيفه | وإن أخا طيٍّ لناحر أنعام |
فيا أيها المولى السري ومن غدا | خلاصة أخوال كرام وأعمام |
إليك أتت عذراء نظم من امرئ | له بمقال الشعر جزئي إلمام |
تنوب عن المُهْدِي لتقبيل راحة | لها من ملوك العصر يا رب لثام |
منزّهة عن أن يكون زفافها | إليك لرجوى نيل جدوى وإنعام |
ولكنها وافتك مخبرة بما | لدى ربها من صدق حب وإعظام |
ولا سيما وهو المضاف إليكم | بنسبته آداب وأوشاج وأرحام |
أحَبَّك سمعاً والطباع بحب من | له العشر من علياك أصدق حكّام |
فعنه اصفحِ الصفح الجميل فنعتكم | يجل عن الإحصا بأقلام رقام |