خذوا الحذر إن تَطَّوَفُوا بخيامها
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
خذوا الحذر إن تَطَّوَفُوا بخيامها | وإن تجهروا يوماً بردّ سلامها |
وإياكم أن نتعتوها وتعلنوا | محاسن يقضي حبّها باكتتامها |
فعنها وعن خلع العذراء بعشقها | عواذل تخفى الغل تحت ابتسامها |
يحاولن غضاً من كرامة قدرها | ويلحظن شزراً من قضى في هيامها |
يلاطفن من لم يصب نحو جمالها | ويغمزن من لبّى دعاة غرامها |
دعوهن في عشوائهن وعرضوا | بسلوانها واصغوا لِدعوى اتهامها |
ولا تنكروا إطراء ضراتها وقُوا | نفوسكمُ من ثلبها وانثلامها |
وعن غمرات الحب كونوا بمعزل | قصي ولا تستهدفوا لسهامها |
ولا تقتدوا بي حيث أقدمت انني | خبير بأخطار الهوى واقتحامها |
ذروني وشأني واقبلوا النصح واطبعوا | على جبهات الذل عار اهتضامها |
فليس لكم عزمي وبأسي ونجدتي | وإهدار روحي في مرامي مرامها |
سأحمل نفسي في هوى غادة النقا | على الصعب ركضاً أو تسام لسامها |
وأجري جيادي بين عشاق حسنها | إلى أن أرى قدحي معلى استهامها |
واصمي غوي العاذلات بثاقب | من الشهب حتى تنزوي في كمامها |
وخير لنفسي خوضها حومة الوغى | لمرضاتها من بردها وسلامها |
منازل سلمى وجهتي وهي كعبتي | أرى الفوز في تقبيلها واستلامها |
ينازعنها في إمرة الحسن نسوة | وأين خزامى رامة من ثمامها |
أفيهن كلاً من صباحة وجهها | مشابهة أو من قناة قوامها |
فما السحر إلا من سقيم جفونها | وما السكر إلا من مُروِّقِ جامها |
إليها صبا أهل البصائر والنهى | ومن خبروا خذم الظبا من كهامها |
وأسعدهم حظاً بها من لصدقه | إذا زارها منّت برفع لثامها |
وقد علمت أن ليس غيري من الأولى | بها شغفوا كفؤاً لعالي مقامها |
تجرعت مر الصاب صوناً لعهدها | وحفظ مواثيق الهوى وذمامها |
محاسنها الغرّاء عين محاسن الوصي | قريع الحرب حال احتدامها |
علي أخي المختار ناصر دينه | وملّته يعسوبها وإمامها |
وأعلم أهل الدين بعد ابن عمه | بأحكامه من حلّها وحرامها |
وأوسعهم حلماً وأعظمهم تقى | وأزهدهم في جاهها وحطامها |
وأوّلهم وهو الصبي إجابة | إلى دعوة الإسلام حال قيامها |
فكل امرء من سابقي أمة الهدى | وإن جلّ قدراً مقتد بغلامها |
أبي الحسن الكرّار في كل مأقط | مبدّد شوس الشرك نقاف هامها |
فتى سمته سمت النبي وما انتقى | مواخاته إلا لعظم مقامها |
فدت نفسه نفس الرسول بليلة | سرى المصطفى مستخفياً في ظلامها |
تعاهد فيها المشركون وأجمعوا | على الختر بئس العهد عهد لئامها |
على الفتك بالذات الشريفة عيلة | على طمس أنوار الهدى باصطلامها |
فبات علي في فراش محمد | ليبتاع ما تهذي به في سوامها |
لعمري هل تدري بأن أمامها | على الفرش ساقيها حميم حمامها |
له فتكات يوم بدر بها انثنت | صناديد فهر همها في انهزامها |
تذوب على أهل القليب قلوبها | أسى وترثيها بعض بنامها |
سقى عتبة كأس الحتوف وجرع الوليد | ابنه بالسيف مر زؤامها |
وفي أحد أبلى تجاه ابن عمه | وفل صفوف الكفر بعد التئامها |
بعزم سماوي ونفس تعوّدت | مساورة الأبطال قبل احتلامها |
اذاق الردى فيها ابن عثمان طلحة | أمير لواء الشرك غرب حسامها |
وفيها لعمري جاء جِبْرٍيلُ شاكرا | مواساته في كشف غمى غمامها |
ولا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى | سوى المرتضى جاءت بصدق حذامها |
وفي خيبر هل رحبت نفس مرحب | بغير شبا قرضابه لاخترامها |
حصونٌ حصان الفرج كان بسيفه | كما قيل أقواها وفض ختامها |
رماها إمام الرسل بالأسد الذي | فرائسه الآساد حال اغتلامها |
ولولاه قاد الجيش ما دك معقل | ولا أذعنت أبطالها باغتنامها |
وعمرو ابن ود يوم أقحم طرفه | مدى هوّة لم يخش عقبى ارتطامها |
دنا ثم نادى القوم هل من مبارز | ومن لسبنتى عامر وهمامها |
تحدى كماة المسلمين فلم تجب | كأن الكماة استغرقت في منامها |
فناجزه من لا يروع جنانه | إذا اشتبت الهيجاء لفح ضرامها |
وعاجله من ذي الفقار بضربة | بها آذنت أنفاسه بانصرامها |
وكم غيرها من غمة كان عضبه | مبدد غماها وجالي قتامها |
به في حنينأيّد الله حزبه | وقد روعت أركانه بانهدامها |
تقدم إذ فر الجماهير وانبرى | لسفك دم الأعدا وشل لهامها |
سل العرب طراً عن مواقف بأسه | تجبك عراقاها ونازح شامها |
وناشد قريشاً من أطل دماءها | وهد ذرى ساداتها وكرامها |
وكَسّرَ معبوداتها ثم قادها | إلى دين طه المصطفى بخزامها |
أجنّت له الحقد الدفين وأظهرت | له الود في إسلامها وسلامها |
ولما قضى المختار نحباً تنفّست | نفوس كثير رغبة في انتقامها |
أقامت مليّاً ثم قامت ببغيها | طوائف تلقى بعد شرّاً ثامها |
قد اجتهدت قالوا وهذا اجتهادها | لجمع قوى الإسلام أم لانقسامها |
أليس لها في قتل عمّار عبرة | ومزدجر عن غيها واجترامها |
أليس بخم عزمة الله أمضيت | إلى الناس إنذاراً بمنع اختصامها |
بها قام خير المرسلين مبلّغاً | عن الله أمراً جازماً بالتزامها |
ألست بكم أولى ومن كنت صادعٌ | بمن هو مولاها وحبل اعتصامها |
هو العروة الوثقى التي كل من بها | تمسك لا يعروه خوف انفصامها |
أما حبه الإيمان نصّاً وبغضه | جليّ إمارات النفاق وشامها |
أما حبه حب النبي محمد | بلى وهما والله أزكى أنامها |
صغار معالي المرتضى تملأ الفضا | فقس أي حد جامع لضخامها |
تزاحمن في فكري إذا رمت نظمها | فتحجم أقلامي لفرط ازدحامها |
أأنعته بالعلم وهو عبابه | فسائِلْه عن أمواجه والتطامها |
أو الكرّ والإقدام هو هزبره الغضوب | فما العبسي وابن كدامها |
أو الجود وهو السحب منهلة أو البلاغة | وهو المرتقي في سنامها |
هو الحبر قوّام الليالي تحنّثاً | وفي وقدات القيظ خدن صيامها |
شمائل مطبوع عليها كأنها | سجايا أخيه المصطفى بتمامها |
حنانيك مولى المؤمنين وسيد المنيبين | والساقي بدار سلامها |
أبثك شكوى لوعة وصبابة | يهيجها بالليل سجع يمامها |
فلي قلب متبول ونفس تدلهت | بحبك يا مولاي قبل فطامها |
وداد تمشَّى في جميع جوارحي | وخامرها حتى سرى في عظامها |
هو الحب صدقاً لا اللغو الذي به | يفوه معاذ الله بعض طغامها |
ولا كاذب الحب ادعته طوائفٌ | تشوب قلاها بانتحال وئامها |
تخال الهدى والحق فيما تأًوّلت | غروراً وترميني سفاهاً بذامها |
وتنبزني بالرفضِ والزيغ إن صبا | إليك فؤادي في غضون كلامها |
تلوم ويأبى الله والدين والحجا | وحرمة آبائي استماع ملامها |
فإني على علم وصدق بصيرة | من الأمر لم أنقد بغير زمامها |
ألا ليت شعر والتمني محبب | إلى النفس تبريداً لحر أوامها |
متى تنقضي أيام سجني وغربتي | وتنحل روحي من عقال اغتمامها |
وهل لي إلى ساح الغريين زورة | لاستاف ريّاً رندها وبشامها |
إذا جئتها حرمت ظهر مطيتي | وحررتها من رحلها وخطامها |
وأخلعُ نعلي في طواها كرامة | لساكنها الثاوي أريض أكامها |
إذا شاهدت عيناي أنوار قبة | بها مركز الأسرار قطب انتظامها |
سجدت إليها سجدة الشكر خاشعاً | وعفرت وجهي من شذي رغامها |
هنالك ذات المرتضى ومقرها | وجنّة مأواها وحسن مقامها |
وثمة يحيى من موات القلوب ما | سقته شآبيب الرضا بانثجامها |
يُفيضون من تلك المشاعر مالئي | الحقائب من جم الهبات جسامها |
وإني على نأي الديار وبينها | وصدعالليالي شعبنا واحتكامها |
منوط بها ملحوظ عين ولائها | قريب إليها مرتو من مدامها |
أمت إليها بالنبوّة واقتفا | سبيل هداها صادعاً باحترامها |
إليك أبا الريحانتين مديحه | بعلياك تعلو لا بحسن انسجامها |
مقصرة عن عشر معشار واجب الثناء | وإن أدت مزيد اهتمامها |
إذا لم تصب ريّاً فنغبة طائر | وطل إذا لم يهم وبل رذامها |
ونفثة مصدور تخفّف بعض ما | تراكم في أحنائه من جمامها |
مؤملة زلفى لديك وحظوة | ومعذرة عن عيها واحتشامها |
وأزكى صلاة بالجلال تنزّلت | من المنظر الأعلى وأذكى سلامها |
على المصطفى والمرتضى ما ترنمت | على عذبات البان ورق حمامها |
وفاطمة الطهر التي المجد كله | محيط بها من خلفها وأمامها |
وسبطي رسول الله ريحانتيه | والأئمة من أعقابه وفئامها |
وأصحابه الموفين إيمان عهده | وبيعته في بدئها واختتامها |