بطاقات التأمين الصحي
مدة
قراءة المادة :
7 دقائق
.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطاهرين وأصحابه الطيبين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.أما بعد:
فهذا بحث يتعلق بنازلة من النوازل المعاصرة وهي ما يعرف بـــ"بطاقات التأمين الصحي":
تعريف البطاقات:
لغة: جمع بطاقة وهي الرقعة التي تكون في الثوب[1].
اصطلاحًا: هي الرقعة الصغيرة من الورق أو غيره يكتب عليها بعض المعلومات المتعلقة بموضوع ما[2].
تعريف التأمين:
لغة: مصدر من الفعل الرباعي أمَّن يستعمل في سكون القلب وهو ضد الخوف[3].
اصطلاحا:قيل: هو عقد يضمن فيه أحد المتعاقدين ما يتلف من سلع الآخر مقابل مبلغ معين من المال يدفعه له[4].
وقيل: هو عقد معاوضة يلتزم أحد طرفيه وهو المؤمّن أن يؤدي إلى الطّرف الآخر وهو المؤمّن له أو إلى المستفيد الذي جعل التأمين لمصلحته عوضا ماليّا يتفق عليه، يدفع عند وقوع الخطر أو تحقق الخسارة المبيّنة في العقد، وذلك نظير رسم يسمى قسط التأمين يدفعه المؤمّن له بالقدر والأجل والكيفية التي ينصّ عليها العقد المبرم بينهما[5].
بطاقات التأمين: هي رقعة من الورق أو البلاستيك تحمل اسم الجهة المصدرة، واسم المنتفع، ورقم الملف، ومدة صلاحية البطاقة، ومكان العلاج، وتلصق على البطاقة صورة المنتفع، وتختم بخاتم الجهة المصدرة[6].
تعريف التأمين الصحي: هو اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو مؤسسة تتعهد برعايته بدفع مبلغ محدد أو عدد من الأقساط لجهة معينة على أن تلتزم تلك الجهة بتغطية العلاج أو تغطية تكاليفه خلال مدة معينة[7].
أنواع بطاقات التأمين الصحي وحكم كل نوع:
1- بطاقات مجانية: هي التي تعطى للمنتفع بها دون مقابل، فليس لها حكم مستقل وإنما حكمها يرجع إلى الجهة التي قدمت العلاج أو الدواء بما أنفقت على مؤسسة التأمين الصحي (شركة أو جمعية أو هيئة)، أي حكمها حكم العقد الأصلي، فإن كان العقد الأصلي:
أ - تأمين صحي تجاري: أي الذي يكون بين فرد أو مؤسسة وبين شركة تأمين تجاري، تلتزم شركة التأمين بمقتضاه أن تدفع مبلغًا معينًا دفعة واحدة أو على أقساط، وبأن ترد مصروفات العلاج وثمن الأدوية كلها أو بعضها من المستفيد من التأمين إذا مرض خلال مدة محددة، وذلك في مقابل التزام المؤمن له بدفع أقساط التأمين المتفق عليها، فلا يجوز استخدام بطاقته بناء على عدم مشروعية عقد التأمين التجاري شرعا كما قرر ذلك مجمع الفقه الإسلامي[8].
ب - تأمين صحي إجتماعي: أي الذي تقوم به الدولة لمصلحة الموظفين والعمال، فتؤمنهم من إصابة المرض والشيخوخة، ويسهم في حصيلته كل من المستفيدين وأرباب الأعمال والدولة بنسب محددة، ويكون في الغالب إجباريًا ولا يقصد من ورائه تحقيق الربح، فيجوز استخدام بطاقته بناء على مشروعية عقد التأمين الاجتماعي شرعا كما قررت مجلة البحوث الفقهية المعاصرة[9].
جـــ - تأمين صحي تعاوني: أي الذي يكون بين فرد أو مؤسسة وبين شركة تأمين تعاوني ينص على أن يدفع المؤمِّن له مبلغًا أو عدة أقساط مقابل أن تلتزم هذه الشركة بأن تدفع له مصاريف العلاج وثمن الأدوية إذا مرض خلال مدة التأمين، وفي الأماكن المحددة بالوثيقة، فيجوز استخدام بطاقته بناء على مشروعية عقد التأمين التعاوني شرعا، كما قرر ذلك مجمع الفقه الإسلامي[10].
د - تأمين صحي تبادلي: أي الذي تقوم به في الغالب جمعيات خيرية لتأمين المنتسبين إليها من غوائل المرض، على سبيل التبرع والمؤازرة، فيجوز استخدام بطاقته بناء على مشروعية العقد[11].
ه - تأمين صحي مباشر: أي الذي يقوم على تعاقد مباشر بين المستفيد وبين المستشفى التي تقدم العلاج والدواء طيلة فترة معينة لقاء مبلغ معين، فيجوز استخدام بطاقته لمشروعية العقد[12].
2- بطاقات برسوم: هي التي تمنح لمن يدفع مبلغا معينا مقطوعا أو اشتراكا سنويا مقابل تخفيضات لدى عدد من المراكز الصحية، تشبه هذه البطاقات بطاقات التخفيض برسوم وحكمها التحريم لما فيها من الغرر كما قرر ذلك المجمع الفقهي الإسلامي[13]؛ لأن صحابها دفع عوضا، فالغنم فيها محتمل مقابل غرم متحقق فتدخل تحت قاعدة الميسر[14].
[1] انظر: تهذيب اللغة (9/ 33)، معجم اللغة العربية المعاصرة (1/ 218).
[2] انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة (1/ 218).
[3] انظر: معجم مقاييس اللغة (1/ 133)، مختار الصحاح (1/ 22).
[4] انظر: معجم لغة الفقهاء ص(252).
[5] انظر: معجم المصطحات المالية ص(124 - 125).
[6] انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي (13/ 1447).
[7] انظر: قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 149 (7/ 16).
[8] انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي (2/ 545 وما بعدها).
[9] انظر: مجلة البحوث الفقهية المعاصرة ص(118 - 121).
[10] انظر: قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 200 (6/ 21).
[11] انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي (13/ 1449).
[12] انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي (13/ 1449).
[13] انظر: قرار المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الثامنة عشرة.
[14] أفتى بذلك الشيخ سعد الختلان في سؤال طرح عليه عن حكم بطاقات التأمين الطبي.