حسم الصلح ما اشتهته الأعادي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
حَسَمَ الصّلْحُ ما اشتَهَتْهُ الأعادي | وَأذاعَتْهُ ألْسُنُ الحُسّادِ |
وَأرَادَتْهُ أنْفُسٌ حَالَ تَدْبِيـ | ـرُكَ مَا بَيْنَهَا وَبَينَ المُرَادِ |
صَارَ ما أوْضَعَ المُخِبّونَ فيهِ | مِن عِتابٍ زِيادَةً في الوِدادِ |
وَكَلامُ الوُشَاةِ لَيسَ على الأحْـ | ـبَابِ، سُلطانُهُ على الأضْدادِ |
إنّمَا تُنْجِحُ المَقَالَةُ في المَرْ | ءِ إذا وَافَقَتْ هَوىً في الفُؤادِ |
وَلَعَمْرِي لَقد هُزِزْتَ بمَا قِيـ | ـلَ فأُلْفِيتَ أوْثَقَ الأطْوَادِ |
وَأشَارَتْ بمَا أبَيْتَ رِجَالٌ | كُنتَ أهدَى منهَا إلى الإرْشَادِ |
قد يُصِيبُ الفَتى المُشيرُ وَلم يَجْـ | ـهدْ وَيُشوِي الصّوَابَ بعد اجتهادِ |
نِلْتَ ما لا يُنالُ بالبِيضِ وَالسُّمْـ | ـرِ وَصُنْتَ الأرْوَاحَ في الأجْسَادِ |
وَقَنَا الخَطِّ في مَراكِزِها حَوْ | لَكَ وَالمُرْهَفَاتُ في الأغْمادِ |
ما دَرَوْا إذ رَأوْا فُؤادَكَ فيهِمْ | سَاكِناً أنّ رَأيَهُ في الطّرَادِ |
فَفَدَى رَأيَكَ الذي لم تُفَدْهُ | كُلُّ رَأيٍ مُعَلَّمٍ مُسْتَفَادِ |
وَإذا الحِلْمُ لمْ يَكُنْ عن طِباعٍ | لم يَكُنْ عَن تَقَادُمِ المِيلادِ |
فَبِهَذا وَمِثْلِهِ سُدْتَ يا كا | فُورُ وَاقتَدْتَ كُلّ صَعبِ القِيادِ |
وَأطَاعَ الذي أطَاعَكَ وَالطّا | عَةُ لَيْسَتْ خَلائِقَ الآسَادِ |
إنّمَا أنْتَ وَالِدٌ وَالأبُ القَا | طعُ أحنى من وَاصِلِ الأوْلادِ |
لا عَدا الشرُّ مَن بَغَى لكُما الشرّ | وَخَصّ الفَسَادُ أهلَ الفَسَادِ |
أنتُمَا مَا اتّفَقْتُما الجِسْمُ وَالرّو | حُ فَلا احتَجتُما إلى العُوّادِ |
وَإذا كان في الأنابيبِ خُلْفٌ | وَقَعَ الطّيْشُ في صُدورِ الصِّعادِ |
أشمَتَ الخُلْفُ بالشُّراةِ عِداهَا | وَشَفَى رَبَّ فَارِسٍ من إيَادِ |
وَتَوَلّى بَني اليَزِيدِيّ بالبَصْـ | ـرَةِ حتى تَمَزّقُوا في البلادِ |
وَمُلُوكاً كأمْسِ في القُرْبِ مِنّا | وَكَطَسْمٍ وَأُخْتِها في البعادِ |
بكُمَا بِتُّ عَائِذاً فِيكُمَا مِنْـ | ـهُ وَمن كَيدِ كُلّ باغٍ وَعَادِ |
وَبِلُبّيْكُمَا الأصِيلَينِ أنْ تَفْـ | رُقَ صُمُّ الرّمَاحِ بَينَ الجِيَادِ |
أوْ يَكُونَ الوَليُّ أشْقَى عَدُوٍّ | بالذي تَذخَرَانِهِ مِن عَتَادِ |
هَلْ يَسُرّنَ بَاقِياً بَعْدَ مَاضٍ | مَا تَقُولُ العُداةُ في كلّ نَادِ |
مَنَعَ الوُدُّ وَالرّعَايَةُ وَالسّؤ | دُدُ أنْ تَبْلُغَا إلى الأحْقَادِ |
وَحُقُوقٌ تُرَقّقُ القَلْبَ للقَلْـ | ـبِ وَلَوْ ضُمّنَتْ قُلُوبَ الجَمادِ |
فَغَدَا المُلْكُ باهِراً مَنْ رَآهُ | شَاكِراً ما أتَيْتُمَا مِنْ سَدادِ |
فيهِ أيْديكُمَا عَلى الظّفَرِ الحُلْـ | ـوِ وَأيدي قَوْمٍ عَلى الأكْبَادِ |
هذِهِ دَوْلَةُ المَكارِمِ وَالرّأ | فَةِ وَالمَجْدِ وَالنّدَى وَالأيَادِي |
كَسَفَتْ ساعةً كما تكسِفُ الشّمْـ | ـسُ وَعادَتْ وَنُورُها في ازْدِيادِ |
يَزْحَمُ الدّهرَ رُكنُها عن أذاهَا | بِفَتًى مَارِدٍ على المُرّادِ |
مُتْلِفٍ مُخْلِفٍ وَفِيٍّ أبِيٍّ | عَالِمٍ حَازِمٍ شُجَاعٍ جَوَادِ |
أجفَلَ النّاسُ عن طَرِيقِ أبي المِسـ | ـكِ وَذَلّتْ لَهُ رِقَابُ العِبَادِ |
كَيْفَ لا يُتْرَكُ الطّرِيقُ لسَيْلٍ | ضَيّقٍ عَنْ أتِيّهِ كُلُّ وَادِ |