أيدري الربع أي دم أراقا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أيَدْري الرَّبْعُ أيَّ دَمٍ أراقَا | وَأيَّ قُلُوبِ هذا الرّكْبِ شَاقَا |
لَنَا ولأهْلِهِ أبَداً قُلُوبٌ | تَلاقَى في جُسُومٍ ما تَلاقَى |
ومَا عَفَتِ الرّياحُ لَهُ مَحَلاًّ | عَفَاهُ مَنْ حَدَا بِهِمِ وَسَاقَا |
فَلَيْتَ هوَى الأحبّةِ كانَ عَدلاً | فَحَمّلَ كُلّ قَلبٍ ما أطَاقَا |
نَظَرْتُ إلَيْهِمِ والعَينُ شَكْرَى | فَصارَتْ كُلّهَا للدّمعِ مَاقَا |
وَقَدْ أخَذَ التّمامَ البَدْرُ فيهِمْ | وَأعْطاني مِنَ السّقَمِ المُحاقَا |
وَبَينَ الفَرْعِ والقَدَمَينِ نُورٌ | يَقُودُ بِلا أزِمّتِهَا النّياقَا |
وَطَرْفٌ إنْ سَقَى العُشّاقَ كأساً | بهَا نَقْصٌ سَقانِيهَا دِهَاقَا |
وَخَصْرٌ تَثْبُتُ الأبْصارُ فِيهِ | كأنّ عَلَيْهِ مِن حَدَقٍ نِطاقَا |
سَلي عَنْ سِيرَتي فَرَسي ورُمحي | وَسَيْفي والهَمَلَّعَةَ الدِّفَاقَا |
تَرَكْنَا من وَرَاءِ العِيسِ نَجْداً | وَنَكّبْنَا السّماوَةَ والعِراقَا |
فَمَا زالَتْ تَرَى واللّيلُ داجٍ | لِسَيفِ الدّوْلَةِ المَلِكِ ائتلافَا |
أدِلّتُهَا رِياحُ المِسْكِ مِنْهُ | إذا فَتَحَتْ مَناخِرَهَا انتِشاقَا |
أبَاحَكِ أيّهَا الوَحْشُ الأعَادي | فَلِمْ تَتَعَرّضِينَ لَهُ الرّفَاقَا |
وَلَوْ تَبّعْتِ ما طَرَحَتْ قَنَاهُ | لَكَفّكِ عَن رذَايَانَا وَعَاقَا |
وَلَوْ سِرْنَا إلَيْهِ في طَرِيقٍ | مِنَ النّيرانِ لمْ نَخَفِ احتِرَاقَا |
إمَامٌ للأئِمّةِ مِنْ قُرَيْشٍ | إلى مَنْ يَتّقُونَ لَهُ شِقَاقَا |
يَكونُ لهُمْ إذا غَضِبُوا حُساماً | وَللهَيْجاءِ حينَ تَقُومُ سَاقَا |
فَلا تَسْتَنْكِرَنّ لَهُ ابْتِساماً | إذا فَهِقَ المَكَرُّ دَماً وَضَاقَا |
فَقَدْ ضَمِنَتْ لَهُ المُهَجَ العَوَالي | وَحَمّلَ هَمَّهُ الخَيْلَ العِتَاقَا |
إذا أُنْعِلْنَ في آثَارِ قَوْمٍ | وَإنْ بَعُدُوا جَعَلْنهُمُ طِرَاقَا |
وَإنْ نَقَعَ الصّريخُ إلى مَكَانٍ | نَصَبْنَ لَهُ مُؤلَّلَةً دِقَاقَا |
فَكَانَ الطّعْنُ بَيْنَهُمَا جَوَاباً | وَكانَ اللّبْثُ بَيْنَهُما فُوَاقَا |
مُلاقِيَةً نَواصِيهَا المَنَايَا | مُعاوِدَةً فَوَارِسُهَا العِنَاقَا |
تَبِيتُ رِمَاحُهُ فَوْقَ الهَوَادي | وَقَدْ ضَرَبَ العَجاجُ لَها رِوَاقَا |
تَميلُ كأنّ في الأبْطالِ خَمْراً | عُلِلْنَ بها اصْطِباحاً وَاغْتِبَاقَا |
تَعَجّبَتِ المُدامُ وَقَدْ حَسَاهَا | فَلَمْ يَسكَرْ وَجادَ فَما أفَاقَا |
أقامَ الشِّعْرُ يَنْتَظِرُ العَطَايَا | فَلَمّا فَاقَتِ الأمْطارَ فَاقَا |
وَزَنّا قِيمَةَ الدّهْمَاءِ مِنْهُ | وَوَفّيْنا القيَانَ بِهِ الصَّداقَا |
وَحاشا لارْتِياحِكَ أنْ يُبارَى | وَللكَرَمِ الذي لَكَ أنْ يُبَاقَى |
وَلَكِنّا نُداعِبُ مِنْكَ قَرْماً | تَرَاجَعَتِ القُرُومُ لَهُ حِقَاقَا |
فَتًى لا تَسْلُبُ القَتْلَى يَداهُ | ويَسْلُبُ عَفْوُهُ الأسرَى الوِثَاقَا |
وَلم تَأتِ الجَميلَ إليّ سَهْواً | وَلم أظْفَرْ بهِ مِنْكَ استِراقَا |
فَأبْلِغْ حاسِدِيّ عَلَيْكَ أنّي | كَبَا بَرْقٌ يُحاوِلُ بي لَحاقَا |
وَهَلْ تُغْني الرّسائِلُ في عَدُوٍّ | إذا ما لم يَكُنَّ ظُبًى رِقَاقَا |
إذا ما النّاسُ جَرّبَهُمْ لَبِيبٌ | فإنّي قَدْ أكَلْتُهُمُ وَذاقَا |
فَلَمْ أرَ وُدّهُمْ إلاّ خِداعاً | وَلم أرَ دينَهُمْ إلاّ نِفَاقَا |
يُقَصّرُ عَن يَمينِكَ كُلُّ بحْرٍ | وَعَمّا لم تُلِقْهُ مَا ألاقَا |
وَلَوْلا قُدْرَةُ الخَلاّقِ قُلْنَا | أعَمْداً كانَ خَلْقُكَ أمْ وِفَاقَا |
فَلا حَطّتْ لَكَ الهَيْجَاءُ سَرْجاً | وَلا ذاقَتْ لَكَ الدّنْيَا فِراقَا |