أرشيف المقالات

زاحم على باب العتق [6] هل قُبل؟! - سارة خليفة

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
ونحن في ختام هذا الشهر الكريم..
وما بقى فيه إلا ساعات..
وها هي الشياطين قاربت أن تُفك قيودها مرة آخرى..
فدعونا نستعد لما بعد رمضان ..
حتى لا نكون كالتي قال الله تعالى عنها: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا} [النحل من الآية:92]!

وكان دأب السلف الصالح بعد أي عمل صالح هو هل قُبل العمل أم لا؟ قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " كونوا لقبول العمل أشد أهتماماً من العمل، ألم تسمعوا قول الله عز وجل: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين} [المائدة من الآية:27]"، " وسئل الإمام أحمد عن معنى المتقين في هذه الآية فقال: يتقي الأشياء فلا يقع فيما لا يحل له" (جامع العلوم والحكم [1/257]).

صدق عليهم إبليس ظنه! 
في رمضان..
عندما صُفدت الشياطين، ولأنها إيام رحمة وخير كانت القلوب فيها مختلفة وإقبالها على الله مختلفة..
ولكن ماذا بعده؟
هل تريد أن تكون من هؤلاء؟ {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سبأ:20]..
الذين صدق إبليس ظنه فيهم..
فجعلوا من رمضان فترة قصيرة عادوا فيها إلى الله..
ثم عادوا لما كانوا عليه قبله من غفلة ولهو؟!

أم تريد أن تكون من هذا الفريق: {إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}؟

فكما كان الاستعداد قبل رمضان مهمًّا..
فالاستعداد لما بعد رمضان حتى رمضان المقبل مهم أيضًا! وخاصة أول أيام بعد رمضان..
ففيها يتمايز بين الكثيرين!
فهناك من يعود لسابق عهد في ليلة العيد! وهناك من يقاوم تلك الشياطين التي أُطلقت ويحافظ على قلبه مستعين بربه..
فكيف يكون هذا الاستعداد؟
نقطة بداية
1.
احذر خطوات الشيطان ! فعيد الفطر: هذا العيد نتعبد الله به بالفرح فيه..
لا أن نعصي الله! فالفرح لا يكون بمعصية..
فانتبه!
2.
حافظ على مراقبة قلبك! فلا تترك الاستغفار والتوبة.
3.
صيام النوافل..
وأبدأ بالست من الشوال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صامَ رمضانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ ستًّا مِنْ شوَّالٍ، كانَ كصيامِ الدَّهْرِ» ( صحيح مسلم : [1164])..
ولعل صيام شوال يذكرك بأيام رمضان ويحفظ قلبك، وأيضًا صيام 3 أيام القمرية عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ صَوْمِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَلاةِ الضُّحَى وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ»(رواه البخاري [1178]).
  
4.
اتْبِع الحسنة الحسنة..
وحافظ على ما كنت تحافظ عليه في رمضان حتى وإن كان المقدار أقل: 
- فلا تترك ورد القرآن اليومي من القراءة والتدبر، ولعلك لامست أثر مصاحبة القرآن على قلبك.
- حافظ على السنن الرواتب والنوافل التي كنت تقوم بها في رمضان، يقول الله في الحديث القدسي: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ» ( صحيح البخاري [6502])!
والنوافل مثل صلاة الضحى فهي لك صدقة كل يوم عن مفاصل جسدك، كما إنها من الثلاث التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم أبي هريرة رضي الله عنه في الحديث، وقيام الليل فكما جاهدت نفسك وحافظ على صلاة القيام في رمضان..
فلا تحرم نفسك من هذا الفضل ولعلك ترجع للمقال رقم 3 في تلك السلسلة التي تحدثنا فيها عن القيام وفضله.

- حافظ على الصدقة وحق الله عزوجل في مالك..
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن اللهَ قال لي : أَنفق أُنفق عليك، وقال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : يمينُ اللهِ ملآى» (صحيح مسلم [993]).

5. جد صحبة صالحة! وهذه كانت من معالجات القرآن لقضية الفتنة في الدين والثبات على الإيمان وما حدث مع الفتية أصحاب الكهف: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف:28].
هذه كانت بعض الوسائل التي تساعدنا على الاستعداد لما بعد رمضان..
أعاننا الله وإياكم..
وتقبل الله منا ومنكم الشهر 

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١