سرب محاسنه حرمت ذواتها
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سِرْبٌ مَحاسِنُهُ حُرِمتُ ذَوَاتِها | داني الصّفاتِ بَعيدُ مَوْصوفاتِهَا |
أوْفَى فكُنْتُ إذا رَمَيْتُ بمُقلَتي | بَشَراً رأيتُ أرَقَّ مِن عَبَراتِهَا |
يَسْتَاقُ عيسَهُمُ أنيني خَلفَها | تَتَوَهّمُ الزّفَراتِ زَجرَ حُداتِهَا |
وكأنّها شَجَرٌ بَدَتْ لَكِنّهَا | شَجَرٌ جَنَيتُ الموْتَ من ثمَراتِهَا |
لا سِرْتِ مِن إبلٍ لوَانّي فَوْقَها | لمَحَتْ حرارَةُ مَدمَعيّ سِماتِهَا |
وحمَلتُ ما حُمّلتِ من هذي المَها | وحَملتِ ما حُمّلتُ من حسراتِها |
إنّي على شَغَفي بِما في خُمْرِها | لأعِفُّ عَمّا في سَرابِيلاتِهَا |
وتَرَى المُرُوّةَ والفُتُوّةَ والأبُوّ | ةَ فيّ كُلُّ مَليحَةٍ ضَرّاتِهَا |
هُنّ الثّلاثُ المانِعاتي لَذّتي | في خَلْوَتي لا الخَوْفُ من تَبِعاتِهَا |
ومَطالِبٍ فيها الهَلاكُ أتَيْتُها | ثَبْتَ الجَنانِ كأنّني لم آتِهَا |
ومَقانِبٍ بمَقانِبٍ غادَرْتُهَا | أقْوَاتَ وَحْشٍ كُنّ من أقواتِهَا |
أقْبَلْتُها غُرَرَ الجِيادِ كأنّما | أيْدي بَني عِمرانَ في جَبَهاتِهَا |
ألثّابِتينَ فُرُوسَةً كَجُلُودِها | في ظَهْرِها والطّعنُ في لَبّاتِهَا |
ألعارِفِينَ بها كَما عَرَفَتْهُمُ | والرّاكِبِينَ جُدودُهُمْ أُمّاتِهَا |
فكأنّما نُتِجَتْ قِياماً تَحْتَهُمُ | وكأنّهُمْ وُلِدوا على صَهَواتِهَا |
إنّ الكِرامَ بِلا كِرامٍ مِنْهُمُ | مِثْلُ القُلوبِ بلا سُوَيداواتِهَا |
تِلْكَ النّفُوسُ الغالِباتُ على العُلى | والمَجْدُ يَغْلِبُها على شَهَواتِهَا |
سُقِيتْ مَنابتُها التي سقَتِ الوَرَى | بنَدَى أبي أيّوبَ خيرِ نَبَاتِهَا |
لَيسَ التّعَجّبُ من مَواهِبِ مالِه | بَلْ مِنْ سَلامَتِها إلى أوْقاتِهَا |
عَجَباً لهُ حَفِظَ العِنانَ بأُنْمُلٍ | ما حِفْظُها الأشياءَ مِنْ عاداتِهَا |
لوْ مرّ يَرْكضُ في سُطورِ كتابَةٍ | أحْصَى بحافِرِ مُهْرِهِ مِيماتِهَا |
يَضَعُ السّنانَ بحيثُ شاءَ مُجاوِلاً | حتى مِنَ الآذانِ في أخْراتِهَا |
تَكْبو وراءَكَ يابنَ أحمدَ قُرَّحٌ | لَيْسَتْ قَوائِمُهُنّ مِنْ آلاتِهَا |
رِعَدُ الفَوارِسِ مِنكَ في أبْدانِها | أجرَى من العَسَلانِ في قَنَواتِهَا |
لا خَلْقَ أسمَحُ منكَ إلاّ عارِفٌ | بك راءَ نَفسَكَ لم يقلْ لك هاتِهَا |
غَلِتَ الذي حَسَبَ العُشورَ بآيَةٍ | تَرْتيلُكَ السُّوراتِ مِنْ آياتِهَا |
كَرَمٌ تَبَيّنَ في كَلامِكَ مَاثِلاً | ويَبِينُ عِتْقُ الخَيلِ في أصواتِهَا |
أعْيَا زَوالُكَ عَن مَحَلٍّ نِلْتَهُ | لا تَخْرُجُ الأقمارُ عن هالاتِهَا |
لا نَعذُلُ المرَضَ الذي بك شائِقٌ | أنتَ الرّجالَ وشائِقٌ عِلاّتِهَا |
فإذا نَوَتْ سَفَراً إلَيْكَ سَبَقْنَها | فأضَفْتَ قَبلَ مُضافِهَا حالاتِهَا |
ومَنازِلُ الحُمّى الجُسومُ فقُلْ لنا | ما عُذرُها في تَرْكِها خَيراتِهَا |
أعْجَبْتَها شَرَفاً فَطالَ وُقُوفُها | لِتأمُّلِ الأعضاءِ لا لأذاتِهَا |
وبَذَلْتَ ما عَشِقَتْهُ نَفسُك كلّه | حتى بذَلْتَ لهَذِهِ صِحّاتِهَا |
حقُّ الكواكبِ أن تعودَكَ من عَلٍ | وتَعُودَكَ الآسادُ مِنْ غاباتِهَا |
والجِنُّ من سُتَراتِها والوَحشُ من | فَلَواتِها والطّيرُ منْ وُكَناتِهَا |
ذُكرَ الأنامُ لَنا فكانَ قَصيدَةً | كُنتَ البَديعَ الفَرْدَ مِنْ أبياتِهَا |
في النّاسِ أمثِلَةٌ تَدورُ حَياتُها | كَمماتِها ومَماتُها كَحَياتِهَا |
فاليَوْمَ صِرْتُ إلى الذي لوْ أنّهُ | مَلَكَ البَرِيّةَ لاستَقَلّ هِباتِهَا |
مُستَرْخَصٌ نَظَرٌ إلَيهِ بما بهِ | نَظَرَتْ وعَثْرَةُ رِجْلِهِ بدِياتِهَا |