أزائر يا خيال أم عائد
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أزَائرٌ يا خَيَالُ أمْ عَائِدْ | أمْ عِنْدَ مَوْلاكَ أنّني رَاقِدْ |
لَيسَ كما ظَنّ، غَشيَةٌ عرَضَتْ | فَجِئتَني في خِلالهَا قَاصِدْ |
عُدْ وَأعِدْهَا فَحَبّذا تَلَفٌ | ألصَقَ ثَدْيي بثَدْيِكَ النّاهِدْ |
وَجُدْتَ فيهِ بمَا يَشِحّ بِهِ | مِنَ الشّتيتِ المُؤشَّرِ البَارِدْ |
إذا خَيَالاتُهُ أطَفْنَ بِنَا... | أضْحَكَهُ أنّني لهَا حَامِدْ |
لا أجْحَدُ الفَضْلَ رُبّمَا فعلَتْ | ما لم يكُنْ فَاعِلاً وَلا وَاعِدْ |
مَا تَعرِفُ العَينُ فَرْقَ بَيْنِهِمَا | كُلٌّ خَيَالٌ وِصَالُهُ نَافِدْ |
يا طَفْلَةَ الكَفّ عَبْلَةَ السّاعِدْ | على البَعِيرِ المُقَلَّدِ الوَاخِدْ |
زِيدي أذى مُهجَتي أزِدكِ هوًى | فأجْهَلُ النّاسِ عَاشِقٌ حَاقِدْ |
حَكَيْتَ يا لَيلُ فَرْعَها الوَارِدْ | فاحكِ نَوَاهَا لجَفنيَ السّاهِدْ |
طَالَ بُكائي عَلى تَذَكُّرِهَا | وَطُلْتَ حتى كِلاكُمَا وَاحِدْ |
مَا بَالُ هَذي النّجُومِ حائِرَةً | كأنّهَا العُمْيُ ما لَها قَائِدْ |
أوْ عُصْبَةٌ مِنْ مُلُوكِ نَاحِيَةٍ | أبُو شُجاعٍ عَلَيْهِمِ وَاجِدْ |
إنْ هَرَبُوا أُدْرِكوا وَإنْ وَقَفُوا | خَشُوا ذَهابَ الطّرِيفِ وَالتّالِدْ |
فَهُمْ يُرَجَّوْنَ عَفْوَ مُقْتَدِرٍ | مُبَارَكِ الوَجْهِ جائِدٍ مَاجِدْ |
أبْلَجَ لَوْ عاذَتِ الحَمَامُ بِهِ | مَا خَشِيَتْ رَامِياً وَلا صَائِدْ |
أوْ رَعَتِ الوَحْشُ وَهْيَ تَذكُرُهُ | ما رَاعَها حابِلٌ وَلا طَارِدْ |
تُهدي لَهُ كُلُّ ساعَةٍ خَبراً | عَن جَحفَلٍ تحتَ سَيفِهِ بائِدْ |
وَمُوضِعاً في فِتَانِ نَاجِيَةٍ | يَحمِلُ في التّاجِ هامةَ العاقِدْ |
يا عَضُداً رَبُّهُ بِهِ العاضِدْ | وَسَارِياً يَبعَثُ القَطَا الهَاجِدْ |
وَمُمْطِرَ المَوْتِ وَالحَيَاةِ مَعاً | وَأنتَ لا بارِقٌ وَلا رَاعِدْ |
نِلتَ وَما نِلتَ من مَضَرّةِ وَهْـ | ـشوذانَ ما نالَ رَأيُهُ الفَاسِدْ |
يَبْدَأُ مِنْ كَيْدِهِ بغَايَتِهِ | وَإنّمَا الحَرْبُ غايَةُ الكَائِدْ |
ماذا على مَنْ أتَى يُحارِبُكُمْ | فَذَمّ ما اخْتارَ لَوْ أتَى وَافِدْ |
بِلا سِلاحٍ سِوَى رَجائِكُمُ | فَفَازَ بالنّصرِ وَانثَنى رَاشِدْ |
يُقارِعُ الدّهرُ مَن يُقارِعُكُمْ | على مَكانِ المَسُودِ وَالسّائِدْ |
وَلِيتَ يَوْمَيْ فَنَاءِ عَسْكَرِهِ | وَلم تَكُنْ دانِياً وَلا شَاهِدْ |
وَلم يَغِبْ غَائِبٌ خَليفَتُهُ | جَيشُ أبيهِ وَجَدُّهُ الصّاعِدْ |
وكُلُّ خَطّيّةٍ مُثَقَّفَةٍ | يَهُزّهَا مَارِدٌ عَلى مَارِدْ |
سَوَافِكٌ مَا يَدَعْنَ فَاصِلَةً | بَينَ طَرِيءِ الدّمَاءِ وَالجَاسِدْ |
إذا المَنَايَا بَدَتْ فَدَعْوَتُهَا | أُبْدِلَ نُوناً بِدالِهِ الحَائِدْ |
إذا دَرَى الحِصْنُ مَنْ رَماهُ بها | خَرّ لهَا في أسَاسِهِ سَاجِدْ |
ما كانَتِ الطِّرْمُ في عَجاجَتِهَا | إلاّ بَعِيراً أضَلّهُ نَاشِدْ |
تَسألُ أهْلَ القِلاعِ عَنْ مَلِكٍ | قدْ مَسَخَتْهُ نَعَامَةً شَارِدْ |
تَستَوْحِشُ الأرْضُ أنْ تُقِرّ بهِ | فكُلّها مُنكِرٌ لَهُ جَاحِدْ |
فَلا مُشادٌ وَلا مُشيدُ حِمًى | وَلا مَشيدٌ أغنى وَلا شائِدْ |
فاغْتَظْ بقَوْمٍ وَهشوذَ ما خُلِقوا | إلاّ لِغَيظِ العَدوّ والحاسِدْ |
رَأوْكَ لمّا بَلَوْكَ نَابِتَةً | يأكُلُهَا قَبْلَ أهْلِهِ الرّائِدْ |
وَخَلِّ زِيّاً لِمَنْ يُحَقّقُهُ | ما كلُّ دامٍ جَبينُهُ عَابِدْ |
إنْ كانَ لمْ يَعْمِدِ الأمِيرُ لِمَا | لَقيتَ مِنْهُ فَيُمْنُهُ عَامِدْ |
يُقْلِقُهُ الصّبْحُ لا يرَى مَعَهُ | بُشرَى بفَتْحٍ كأنّهُ فَاقِدْ |
وَالأمْرُ لله، رُبّ مُجْتَهِدٍ | مَا خابَ إلاّ لأنّهُ جَاهِدْ |
وَمُتّقٍ وَالسّهَامُ مُرْسَلَةٌ | يَحيدُ عَن حابِضٍ إلى صَارِدْ |
فَلا يُبَلْ قاتِلٌ أعَادِيَهُ | أقَائِماً نَالَ ذاكَ أمْ قاعِدْ |
لَيتَ ثَنَائي الذي أصُوغُ فِدى | مَنْ صِيغَ فيهِ فإنّهُ خَالِدْ |
لَوَيْتُهُ دُمْلُجاً عَلى عَضُدٍ | لِدَوْلَةٍ رُكْنُهَا لَهُ وَالِدْ |