قِرانُ المُشتري زُحَلاً يُرَجّى
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
قِرانُ المُشتري زُحَلاً يُرَجّى | لإيقاظِ النّواظِرِ، من كَراها |
وهيهاتَ البريّةُ في ضَلالٍ، | وقد فَطَنَ اللّبيبُ لما اعتراها |
وكم رأتِ الفَراقدُ والثّرَيّا | قَبائلَ، ثمّ أضحَتْ في ثَراها |
تَقَضّى النّاسُ جيلاً بعدَ جيلٍ، | وخُلّفَتِ النّجومُ كمَا تَراها |
قَراءُ الوحشِ، وهيَ مسوَّماتٌ، | برَبّاتِ المَعاطِفِ من قِراها |
وما ظَلَمَ العَشيرَ ولا قِراهُ، | ظليمُ المُقفِراتِ، ولا قُراها |
إذا رَجَعَ الحصيفُ إلى حِجاهُ، | تَهاوَنَ بالمّذاهبِ وازدَراها |
فخذْ منها بما أدّاهُ لُبٌّ، | ولا يَغمِسْكَ جَهلٌ في صَراها |
وهَتْ أديانُهم من كلِّ وَجهٍ | فهل عَقلٌ يُشَدُّ بهِ عُراها؟ |
أتَعلَمُ جارساتٌ في جبالٍ، | أراها قبلَها سلَفٌ، أراها |
بما فيهِ المَعاشرُ من فَسادٍ، | تَوارى في الجَوانحِ، أو وَراها |
قَضاءٌ من إلهِكَ مُستَمِرٌّ، | غَدَتْ منهُ المَعاطِسُ في بُراها |
يحطُّ إلى الفَوادرِ، كلَّ حينٍ، | منيعاتُ الفَوادرِ من ذَراها |
وما تَبقَى الأراقمُ في حِماها؛ | ولا الأُسْدُ الضّراغمُ في شَراها |
تَقدّمَ صاحبُ التّوراةِ موسَى، | وأوقعَ، في الخَسارِ، من اقتراها |
وقالَ رِجالُهُ: وحيٌ أتاهُ؛ | وقالَ الظّالمونَ: بل افتراها |
أعِبرِيٌّ تَهَوَّكَ في حَديثٍ، | فَباعَ المُشكِلاتِ، كما اشتراها |
وغاياتٌ بُسِطنَ إلى أُمورٍ، | جراها الآجرونَ، كما جراها |
أرى أُمَّ القُرى خُصّتْ بهَجرٍ، | وسارَتْ نملُ مكّةَ عن قِراها |
وكم سَرتِ الرّفاقُ إلى صَلاحٍ، | فَمارَستِ الشّدائدَ في سُراها |
يُوافونَ البّنيّةَ، كلَّ عامٍ، | ليُلقوا المخزياتِ على قُراها |
ضيوفٌ، ما قَراها اللَّهُ عَفواً، | ولكنْ من نَوائبها قَراها |
وما سَيري إلى أحجارِ بَيتٍ، | كؤوسُ الخَمرِ تُشرَبُ في ذَراها |
ولم تزَلِ الأباطحُ، منذُ كانتْ، | يدنَّسُ، من فواجِرها، بُراها |
وبينَ يدَيْ جميعِ النّاسِ خَطبٌ، | لَهُ نَسِيَتْ موَلَّعَةٌ غَراها |
مهالكُ، إنْ أجزْتَ الخَرْقَ منها، | فأنتَ سُلَيكُها، أو شَنفراها |
بدَتْ كُرَةٌ، كأنّ الوقتَ لاهٍ | بها، عزَّ المهَيمنُ إذْ كَراها |
تَبارَكَ مَن أدارَ بَناتِ نَعشٍ، | ومَن بَرَأ النّعائِمَ في حَراها |
تَمارى القومُ في الدّعوى، وهبّوا | إلى الدّنيا، فكلُّهُمُ مَراها |
وكم جَمَعَ النّفائس ربُّ مالٍ، | فلمّا جَدّ مرتحلاً ذَراها |
تظَلُّ عيونُ هذا الدّهرِ خزْراً، | تَعُدُّ الماشياتِ وخوزراها |
كتائبُ، مِنسَراها اللّيلُ يُتْلى | بصبحٍ، كيفَ يُؤمنُ من سراها |
وأدواءٌ ثَوَى بُقْراطُ، مَيتاً، | وجالينوسُ فادَ وما دَراها |
وما انفَكّ الزّمانُ بغيرِ جُرْمٍ، | طَوائفُهُ تُطيعُ من ادّراها |
أهذي الدّارُ مُلكٌ لابنِ أرضٍ، | بها رامَ المُقامَ أم اكتراها؟ |
على كُرْهٍ تَيَمّمَها، فألقَى | بها رَحْلاً، وعن سُخطٍ شراها |
وما بَرِحَ الوَجيفُ على المَطايا، | وتلكَ نُفُوسُنا حتى براها |
إذا ما حُرّةٌ هُرِيَتْ وسِيفَتْ، | فمَنْ سافَ الإماء ومن هَراها؟ |
ونحنُ كأنّنا هملٌ بجَدْبٍ، | عُراةٌ لا نُمكَّنُ من عَراها |
شبابُكَ مثلُ جِنحِ اللّيلِ، فانظرْ | أعادَ إلى الشّبيبةِ مَن سَراها |
وما نالَ الهجينُ من المَعالي، | إذا خطَبَ الكريمةَ، واستراها |
أنَرْهَبُ هذهِ الغبراءَ ناراً، | تُطَبِّقُ مثلَ ما تُهوي سَراها؟ |
فإنّ اللَّهَ غَيرُ مَلومِ فعلٍ، | إذا أورى الوَقودَ على وراها |