أطيب بأنفاس تطيب لكم نفسا
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
أطيب بأنفاس تطيب لكم نفسا | وتعتاض من ذكراكم وحشتي أنسا |
وأسأل عنكم عافيات دوارس | غدت بلسان الحال ناطقة خرسا |
معاهدكم ما بالها كعهودكم | وقد كررت من درس آثارها درسا |
وقد كان في حدسي لكم كل طارق | وما جئتم من هجركم خالف الحدسا |
أرى حدثان الدهر ينسى حديثه | وأما حديث الغدر منكم فلا ينسى |
تزول الجبال الراسبات وثابت | رسيس غرام في فؤادي لكم أرسى |
حسبت حبيبي قاسي القلب وحده | وقلب الذي يهوى بحمل الهوى أقسى |
أما لكم يا مالكي الرق رقة | يطيب بها مملوككم منكم نفسا |
وإن سروري كنت أسمع حسه | فمذ سرت عنكم ما سمعت له حسا |
وإن نهاري صار ليلا لبعدكم | فما أبصرت عيني صباحا ولا شمسا |
بكيت على مستودعات قلوبكم | كما قد بكت قدما على صخرها الخنسا |
فلا تحبسوا عني الجميل فإنني | جعلت على حبي لكم مهجتي حبسا |
رأيت صلاح الدين أفضل من غدا | وأشرف من أضحى وأكرم من أمسى |
وقيل لنا في الأرض سبعة أبحر | ولسنا نرى إلا أنامله الخمسا |
سجيته الحسنى وشيمته الرضا | وبطشته الكبرى وعزمته القعسا |
فلا عدمت أيامنا منه مشرقا | ينير بما يولي ليالينا الدمسا |
جنودك أملاك السماء وظنهم | عداتك جن الأرض في الفتك لا الإنسا |
فلا يستحق القدس غيرك في الورى | فأنت الذي من دونهم فتح القدسا |
ومن قبل فتح القدس كنت مقدسا | فلا عدمت أخلاقك الطهر والقدسا |
وطهرته من رجسهم بدمائهم | فأذهبت بالرجس الذي ذهب الرجسا |
نزعت لباس الكفر عن قدس أرضها | وألبستها الدين الذي كشف اللبسا |
وعادت ببيت الله أحكام دينه | فلا بطركا أبقيت فيها ولا قسا |
وقد شاع في الآفاق عنك بشارة | بأن أذان القدس قد أبطل النقسا |
جرى بالذي تهوى القضاء وظاهرت | ملائكة الرحمن أجنادك الحمسا |
وكم لبني أيوب عبد كعنتر | فإن ذكروا بالبأس لا يذكروا عبسا |
وقد طاب ريانا على طبرية | فيا طيبها مغنى ويا حسنها مرسى |
وعكا وما عكا فقد كان فتحها | لإجلائهم عن مدن ساحلهم كنسا |
وصيدا وبيروت وتبنين كلها | بسيفك ألفى أنفه الرغم والتعسا |
ويافا وأرسوف وتبنى وغزة | تخذت بها بين الطلى والظبى عرسا |
وفي عسقلان الكفر ذل بملككم | فمنظره بل أمره اربد وارجسا |
وصار بصور عصبة يرقبونكم | فلا تبطئوا عنها وحسوهم حسا |
توكل على الله الذي لك أصبحت | كلاءته درعا وعصمته ترسا |
ودمر على الباقين واجتث أصلهم | فإنك قد صيرت دينارهم فلسا |
ولا تنس شرك الشرق غربك مرويا | بماء الطلى من صاديات الظبى الخمسا |
وإن بلاد الشرق مظلمة فخذ | خراسان والنهرين والترك والفرسا |
وبعد الفرنج الكرك فاقصد بلادهم | بعزمك واملأ من دمائهم الرمسا |
أقامت بغاب الساحلين جنودكم | وقد طردت عنه ذئابهم الطلسا |
سحبت على الأردن ردنا من القنا | ردينية ملدا وخطية ملسا |
حططت على حطين قدر ملوكهم | ولم تبق من أجناس كفرهم جنسا |
ونعم مجال الخيل حطين لم تكن | معاركها للجرد ضرسا ولا دهسا |
غداة أسود الحرب معتقلوا القنا | أساود تبغي من نحور العدا نهسا |
أتوا شكس الأخلاق خشنا فلينت | حدود الرقاق الخشن أخلاقها الشكسا |
طردتهم في الملتقى وعكستهم | مجيدا بحكم العزم طردك والعكسا |
فكيف مكست المشركين رؤوسهم | ودأبك في الإحسان أن تطلق المكسا |
كسرتهم إذ صح عزمك فيهم | ونكستهم إذ صار سهمهم نكسا |
بواقعة رجت بها الأرض جيشهم | دمارا كما بست جبالهم بسا |
بطون ذئاب الأرض صارت قبورهم | ولم ترض أرض أن تكون لهم رمسا |
وطارت على نار المواضي فراشهم | صلاء فزادت من خمودهم قبسا |
وقد خشعت أصوات أبطالها فما | يعي السمع إلا من صليل الظبى همسا |
تقاد بدأ ماء الدماء ملوكهم | أسارى كسفن اليم نطت بها القلسا |
سبايا بلاد الله مملوءة بها | وقد شريت بخسا وقد عرضت نخسا |
يطاف بها الأسواق لا راغب لها | لكثرتها كم كثرة توجب الوكسا |
شكا يبسا رأس البرنس الذي به | تندى حسام حاسم ذلك اليبسا |
حسا دمه ماضي الغرار لقدره | وما كان لولا غدره دمه يحسى |
فلله ما أهدى فتكت به | وأطهر سيفا معدما رجسه النجسا |
نسفت به رأس البرنس بضربة | فاشبه رأسي رأسه العهن والبرسا |
تبوغ في أوداجه دم بغيه | فصال عليه السيف يلحسه لحسا |
وليس لقلبي في السرور تصرف | فقلبي على الأحزان وقف محبس |
لفتك محبيه تيقظ طرفه | وتحسبه من سقم عينيه ينعس |
له ناظر عند الخلاف مناظر | يقول دليل الدل عندي أقيس |
إذا درست ألحاظه السحر أصبحت | رسوم اصطباري درسا حين تدرس |
ولم أنس أنسي بالحمى رعى الحمى | عشية لي مجنى ومجلى ومجلس |
لحى الله أبناء الزمان فكلهم | صحيفته أودى بها المتلمس |
ولولا ابتسامات المظفر بالندى | لما راق نفسي صبحه المتنفس |
جلت شمس لقياه الحنادس بعدما | عرتنا وهل يبقى مع الشمس حندس |
وصار به هذا الزمان جميعه | نهارا فما للناس ليل معسعس |
إذا صال فالمغلول ألف مدرع | وإن جاد فالمبذول ألف مكيس |
وليس بمغبون على فضل رأيه | ويغبن في الأموال منه ويبخس |
إذا أطلق الملك المظفر في الوغى | أعنته فالشمس بالنقع تحبس |
فداك ملوك لا يلبون داعيا | وكلهم عن دعوة الحق يخنس |
تشكى إليك الغرب جور ملوكه | فأشكيته والجور بالعدل يعكس |
سيهدي إلى المهدية النصر والهدى | بهديكم فيها وتونس تؤنس |
رددت كراديس الفرنج وكلهم | لدى الأسر في غل الصغار مكردس |
وبيضت وجه الدين يوم لقيتهم | وأبيضكم من أسود القصر أشوس |
أفاد دم الأنجاس طهر سيوفكم | وما يستفاد الطهر لولا التنجس |
شموس ظبى تغدو لها الهام سجدا | فلله نصرانية تتمجس |
وكم كفي الإسلام سوءا بملككم | كفيتم على رغم المعادين كل سو |
ولا يفتح البيت المقدس غيركم | وبيتكم من كل عاب مقدس |
لهم كل يوم في جهاد مثلث | إذا نصروا التوحيد فيء مخمس |
إذا ما تقي الدين صال تساقطت | لأقدامه من عصبة الشرك أرؤس |
وما عمر إلا شبيه سميه | شديد على الأعداء ثبت عمرس |