هو البدر في فلك المجد دارا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هو البدر في فلك المجد دارا | فما غسق الخطب إلا أنارا |
تجلى لنا فأرتنا السعود | غيوب المنى في سناه جهارا |
وأوفى فكادت صوادي القلوب | تفوت العيون إليه بدارا |
وحل فحلت جسام الفتوح | تبأى اختيالا وتزهى افتخارا |
وحق له اليوم رق الكرام | طوعا ورق العداة اقتسارا |
فيا رب غاية مجد شأوت | إلى فخرها معجزا أن تجارى |
ومن يسم في ذروتي حمير | ويحتل من يمن الملك دارا |
ينازع إلى شبه ذاك السناء | وتنح مساعيه ذاك النجارا |
وحسب الخليفة إيثاره | لكم دون هذا الأنام اقتصارا |
تنقاكما عامريين قاما | بأعبائه فاستجدا الفخارا |
فلم يأل بحبوحة الملك حظا | ولا ادخر المسلمين اختيارا |
رمى بك بحر الأعادي وأدنى | من الملك حاجبه مستشارا |
فكان الحسام وكنت السنان | وكان الشعار وكنت الدثارا |
ولألأ منه على الدين نورا | وأضرم منك على الشرك نارا |
فأوليت نعماه في الله عزما | ترى النصر يقدمه حيث سارا |
فصنت العلا وأبحت الندى | وحطت الهدى وحميت الذمارا |
فأصبح سيفك للدين حصنا | وأمسى سنانك للثغر جارا |
وفي شنت ياقب أوردتها | شوارب يبغين في البحر ثارا |
فسرت هلالا تباري الهلال | إليها وبحرا يخوض البحارا |
وشمسا تطلع بالمغربين | بحيث توافي ذكاء الغبارا |
فما رمت حتى علت جانباها | بأيدي المذاكي عجاجا مثارا |
تهب بها في الهواء الرياح | إما دخانا وإما غبارا |
ولم يستطع ياقب نصرها | ولا دفع الخسف عنه انتصارا |
لئن غورت في شغاف الشمال | لقد أنجد الفتح منها وغارا |
وأخلف برمند منها الرجاء | وما زاده الشرك إلا تبارا |
أطرت إلى ناظريه عجاجا | تركت به عقله مستطارا |
فما يعرف العهد إلا امتراء | ولا يوقن العهد إلا ادكارا |
ولما ادرعت إليه اليقين | لم يدرع منك إلا الفرارا |
وشام غراري حسام المنايا | فما يطعم النوم إلا غرارا |
ولنيوش أمطرتها صائبات | تصيب النفوس وتعفو الديارا |
هززت إليها رماحا طوالا | تصير أعمار قوم قصارا |
فغادرتها في ضمان الإله | ويممت أعلى وأنأى مزارا |
وقد يفرس الليث أروى الهضاب | ويهمل حرش الضباب احتقارا |
وخلفت فيها مبيد الضلال | يقربها لك ثوبا معارا |
يكفكف أدمع عين سجاما | ويبرد أحشاء صدر حرارا |
فإن أخطأته كئوس المنايا | لقد خلدت في حشاه خمارا |
وعم بها فتحك الأرض نورا | كما ذرت الشمس فيها النهارا |
فعرج على الحج بالمسلمين | بعقب اصطلامك حج النصارى |
فقد نشرت مصر والقيروان | ومدت عيون الحجاز انتظارا |