ألا هكذا فليسم للمجد من سما
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ألا هكذا فليسم للمجد من سما | ويحم ذمار الملك والدين من حمى |
وإلا فللمنصور غايات ما شآ | إليه بني الدنيا وأغراض من رمى |
وحق لمن لاقى فأقدم سيفه | على غمرات الموت أن يتقدما |
ومن حقرت مستعظم الهول نفسه | إذا الخيل كرت أن يكون المعظما |
ومن مل أنس المال حتى تحكمت | على ما حوت كفاه أن يتحكما |
ومن حمت العلق النفيس سيوفه | من الضيم أن تختار مرتبع الحما |
ومن تيمته أوجه المجد أن يرى | وقلب العلا صبا إليه متيما |
ولله يا منصور آراؤك التي | بنيت بها نحو الكواكب سلما |
وهذا عظيم الشرك قد جاء خاضعا | وألقى بكفيه إليك محكما |
سليل ملوك الكفر في ذروة السنا | ووارث ملك الروم أقدم أقدما |
توسط أنساب القياصر فانتمى | من الصيد والأملاك أقرب منتمى |
ولما تقاضى غرب سيفك نفسه | وحاطت له الأقدار محتقن الدما |
ولم يستطع نحو الحياة تأخرا | بفوت ولا نحو النجاة تقدما |
تداركه المقدار في قبضة الردى | وخاطبه حنا عليه فأفهما |
وبشره التأميل منك بعطفة | تلقى بها روح الحياة تنسما |
فأشرع أرماح التذلل ظاعنا | وأصلت أسياف الخضوع مصمما |
وقابله النصر الذي لك صفوه | مع السعد حتى احتازه لك مغنما |
وقاد لحبل الرق نحوك نفسه | فلاقاك ممتنا ووافاك منعما |
وحفت به للحاجب القائد الذي | أبى الدهر إلا ما أمر وأحكما |
حماية آباء ومنعة قادر | يتيه على صرف الزمان محرما |
فراح ذليلا ثم أضحى مبجلا | وأمسى مهانا ثم أصبح مكرما |
وأصبح من حظ السلامة وافرا | بأن راح من عز الإمارة معدما |
ولاقاك فاستخذى لديك تذللا | ليحتاز من أدنى رضاك ترحما |
لئن خفرته منك ذمة قادر | لقد فارق الكفر الخذول مذمما |
لئن سمته البأساء في عقر داره | لقد عضته في دار ملكك أنعما |
لئن خاض في استقبالك الجود والندى | لقد خاض في آثارك النقع والدما |
ومر يبكي من معاهد ملكه | معالم عفتها السيوف وأرسما |
تراع بها الأجبال من رنة الصدى | ويذعر فيها الطير أن يترنما |
بسطت له أمنا وقد بسط القنا | ثرى أرضه من هلها بك أعظما |
سقيت به الإسلام أريا وطالما | سقاهم بكأس الموت صابا وعلقما |
وها هو ذا في راحتيك مذللا | رهينا لما أمضيت فيه محكما |
رمى نفسه قسرا إلى الملك الذي | رأى الدهر مملوكا له فتعلما |
ولولا سيوف النصر حين انتضيتها | لقد جل هذا الصنع أن يتوهما |
فجاء وقيد الروع يقصر خطوه | ويمتد في حبل الخضوع تقدما |
يخاطب عن رعب وإن كان مفصحا | ويفصح عن ذعر وإن كان أعجما |
إذا راعه هول الجنود فأحجما | تداركه ذكرى رضاك فأقدما |
وما كر رجع الطرف إلا وضيغم | يساور في رعب الأسنة ضيغما |
وأرقم يسطو بالهواء اضطرابه | يناهس في ليل من النقع أرقما |
وعقبان أعلام تمر يخالها | على نفسه في معرك الحرب حوما |
فلله يوم جل قدر عديده | وعدته عن مثلما وكأنما |
جنود كأن الأرض من لمعانها | بروق تلالا أو حريق تضرما |
سحاب من البيض الخوافق قد علا | وبحر من السرد المضاعف قد طمى |
بكل كمي عامري كأنما | تسربل من شمس الضحى وتعمما |
يحيي الأمير بالحياة مبشرا | وإن كان قد فاجاه بالموت معلما |
وقد طالما لاقاه قرنا مساورا | فوشكان ما لاقاه حزبا مسلما |
كأن النجوم الزهر حفت بوجهه | فأدته محروسا إلى قمر السما |
فقابل وجها بالجمال متوجا | وقبل كفا بالسماح مختما |
فهنيت يا منصور سعدا مجددا | وإقبال صنع بالبقاء متمما |
ومليت من أسباط مجدك حاجبا | يباشر منه المجد والفخر مقدما |
رميت به بحر الضلالة فانتهى | وجشمته عبء العلا فتجشما |