بحكم العدل من قاضي السماء
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
بحكم العدل من قاضي السماء | حباك بحق أحكام القضاء |
وراثة مورث الأبناء مما | تحلى من تراث الأنبياء |
أب وفاك ميراث المساعي | كما وفيته عهدا لوفاء |
تهدى فارتدى حلما وعلما | فلم تسبق إلى ذاك الرداء |
لتلبسه فإفضال وفضل | وتنشره بهدي واهتداء |
نماك وقد بنى دينا ودنيا | لتخلفه على ذاك البناء |
وشيده بإخلاص الأماني | وأسسه بمقبول الدعاء |
عليما أن أرفع ما بناه | بناء أسه لك في السماء |
وأزكى من زكا صدقا وعدلا | زكي حاز ميراث الزكاء |
فما زك ذو الجلال بعلم غيب | وفرك ذو الرياسة عن ذكاء |
مليك كلما بلغ انتهاء | من العليا أهل إلى ابتداء |
فسودده كجود يديه جار | من الدنيا إلى غير انتهاء |
تجلى في بهاء ندى وعدل | ومد عليك من ذاك البهاء |
رجاء فيك صدق كي يجازى | كما استدعاك تصديق الرجاء |
وجزلا من عطاء الله أعدى | يديك به جزيلات العطاء |
لتصرف دعوة المظلوم عنه | كما صرف السوام إلى الرعاء |
وترعى موقف الملهوف عنه | يلبي نفسه قبل النداء |
وتبسط منك للغرباء وجها | يجلي عنهم كرب الجلاء |
فتبلي فيهم سير ابن يحيى | كما أبلاك محمود البلاء |
فأعطى القوس باريها وشدت | عراقي الدلو في كرب الرشاء |
ورد الروح في جسم المعالي | ولاح النجم في أفق السماء |
وجرد للهدى سيف صقيل | محلى بالمحامد والثناء |
فولى النكر مهزوم النواحي | وجاء العرف منشور اللواء |
وغار الظلم في ظلم الدياجي | ولاح العدل في حلل الضياء |
بيمن ألبس الأيام نورا | يديل من الشدائد بالرخاء |
وأحكاما بثثن العدل حتى | تقاسمها الأباعد بالسواء |
وأخلاقا خلقن من التمني | فلاقت كل هم بالشفاء |
فهن الماء في صفو ولين | وسوغ وهي نار في الذكاء |
فما بالنفس عنها من تناه | ولا بالسر عنها من خفاء |
فكم جليت من نظر جلي | قرأت به أساطير الدهاء |
وكم أوريت من زند ثقوب | أراك سراجه عيب الرياء |
وكم أحييت من ناء غريب | فقيد الأهل منبت الإخاء |
وكم نفست كربة مستكن | تأخر عنه نصر الأولياء |
وكم جليت من خطب جليل | وكم داويت من داء عياء |
ولا كبني سبيل شردتهم | عن الأوطان قاضية القضاء |
عواصف فتنة غمت بغيم | بوارقه سيوف الإعتداء |
فأصقعهم براعدة المنايا | وأمطرهم شآبيب الفناء |
وطاف عليهم طوفان روع | أفاض بهم إلى القفر الفضاء |
سهام نوى إلى بر وبحر | وأغراض لنشاب البلاء |
سروا فشروا بأفياء ضواف | فيافي لا يقين من الضحاء |
وحمر الموت من خضر المغاني | وسود البيد من بيض الملاء |
ومن كلل الستور كلال خوص | وعدنهم النجاة على النجاء |
وقد جدعت أنوف العز منهم | خطوب سمنهم أنف الإباء |
وألبسهم ثياب الذل خطب | يليهم في ثياب الكبرياء |
وألحقهم بلج البحر سيل | يمد مدوده فيض الدماء |
فوشكا ما هوى بهم هواء | تألفهم بأفئدة هواء |
وحال الموج دون بني سبيل | يطير بهم إلى الغول ابن ماء |
أغر له جناح من صباح | يرفرف فوق جنح من مساء |
يذكرهم زفيف الريح فيه | تناوحها بربعهم الخلاء |
ومحو الماء ما يختط فيه | ديارا خلفوها للعفاء |
وصك الموج فيها كل وجه | وجوها ساورتهم بالجفاء |
وعدمهم صفاء الماء منه | بعدمهم لإخوان الصفاء |
بحيث تبدلوا باللهو هولا | ورحب الماء من رحب الفناء |
ومن قصف وراح قصف ريح | ومن لعب الهوى لعب الهواء |
كأن البر والبحر استطارا | تجارا همهم بعد الثناء |
يبيعون الرغائب بيع بخس | ويشرون المصائب بالغلاء |
ولكن البضائع من هموم | علت بالربح فيهم والنماء |
فكم طلبوا الأماني بالأماني | وكم باعوا السعادة بالشقاء |
وكم فاضت مدامعهم فمدت | عباب البحر بالماء الرواء |
وقد وفدت جوانحهم بشجو | ينادي الشمس حي على الصلاء |
وكم خاضوا كهمهم بحورا | وكم عدموا الثرى عدم الثراء |
وجاء الموت مقتضيا نفوسا | لوت بقضائهن يد القضاء |
وما رد الردى عنها حنانا | ولكن مطل داء بالدواء |
فلأيا ما أهل بهم بشير | إلى أرض تخيل في سماء |
ولأيا ما تجافى اليم عنهم | تجافيه عن الزبد الجفاء |
ويا عجب الليالي أي بحر | تغلغل بين أثناء الغثاء |
ومن يسمع بأن نجوم ليل | هوت مع بدرها فهم أولاء |
وأخطأ سيرهم أفق ابن يحيى | ليخطئ علمهم بالكيمياء |
وكم سرت الرفاق بلا دليل | إليه والمطي بلا حداء |
وكم وقيت ركاب يممته | سهام النائبات بلا وقاء |
فما شربوا مياه الأرض حتى | تركن وجوههم من غير ماء |
ولا نشقوا حياة العيش إلا | وقد خلعوا جلابيب الحياء |
ولا جابوا إليه القفر حتى | تجاوبت الحمائم بالبكاء |
ولا دل الزمان عليه حتى | حسبت عداي قد ماتوا بدائي |
ولا ألقوا عصا التسيار حتى | عفت حلق البطان من اللقاء |
ولا بلغوا مناخ العيس إلا | وفي الحلقوم بالغة الذماء |
وفي رب العباد عزاء عز | لذل غاله عز العزاء |
وفي المنصور مأوى وانتصار | لمنبوذ الوسائل بالعراء |
وفي قاضي القضاة قضاء حق | لمن يرعاهم راعي الرعاء |
أبو الحكم الذي ألقت يداه | إليك الحكم في دان وناء |
وإنك منه في عدل وفضل | على أمد البعاد أو الثواء |
مكان الفجر أشرق من ذكاء | تألقه وأعرب عن ذكاء |
وإن يك قدوة الكرماء جودا | فإنك بالمكارم ذو اقتداء |
وإن أحب ما تقضي إليه | لمن آواهم حكم الحباء |
وأنت بسمع رأفته سميع | لهم وبعينه في العطف راء |
فإن لحظوك من طرف خفي | فقد نادوك من برح الخفاء |
لدين لا يدين به لنبع | وأغصان مشذبة اللحاء |
ودينهم على الإسلام أولى | ومال الله أوسع للأداء |
هو الحق الذي جاءتك فيه | شهود العدل من رب السماء |
وما في لحظ طرفك من نبو | ولا في نور رأيك من هباء |
فهل ببراءة والحشر ريب | يبين بالنفار أو الجلاء |
وإن تزدد فثانية المثاني | وإن تزدد فرابعة النساء |
وهل بعد الأسارى والسبايا | مكان للفكاك أو الفداء |
وقد قالوا افتقار أو إسار | كما قالوا الجلاء من السباء |
وهل بالبحر من ظمإ فيروى | صداه بغير أكباد ظماء |
وما في وعد رب العرش خلف | بما للمحسنين من الجزاء |
ومن يرغب بقاء العدل يسأل | لك الرحمن طولا في البقاء |
وأية حرة من حر نظمي | تجلت للخلائق في جلاء |
هدية واصل وهدي كفء | إلى كفء الهدايا والهداء |
متوجة بتاج من ودادي | مقلدة بدر من ثنائي |
. . . . . . . . . . . . | . . . . . . . . . . |
. . . . . . . . . . . . | . . . . . . . . . . |