أبى الله إلا أن يرى يدك العليا
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
أبى الله إلا أن يرى يدك العليا | فيبليها سعدا وتبليه سعيا |
ويوسعها سقيا ورعيا كمثل ما | سمت للمنى سقيا وسامت بها رعيا |
وأي حيا في الشرق والغرب للورى | وأي حمى للملك والدين والدنيا |
وأي فتى والنفس كاذبة المنى | وأي فتى والحرب صادقة الرؤيا |
علا فحوى ميراث عاد وتبع | بهمته العليا ونسبته الدنيا |
فأعرب عن إقدام يعرب واحتبى | فلم ينس من هود سناء ولا هديا |
ومن حمير رد القنا أحمر الذرى | ومن سبإ قادت كتائبه السبيا |
وما نام عنه عرق قحطان إذ فدى | عروق الثرى من غلة القحط بالسقيا |
ولا أسكنت عنه السكون سيادة | ولا رضيت طي لراحته طيا |
ولا كندت أسيافه ملك كندة | فيترك في أركان عزتها وهيا |
ولا أقعدته عن إجابة صارخ | تجيب ولو حبوا إلى الطعن أو مشيا |
وكائن له في الأوس من حق أسوة | بنصر الهدى جهرا وبذل الندى خفيا |
هم أورثوه نصر دين محمد | وحازوا له فخر الندى والقرى وحيا |
وهم أوجدوه الجود أعذب مطعما | من الريقة الشنباء في الشفة اللميا |
مناقب أدوها إليه وراثة | فكان لها صدرا وكان له حليا |
وروضة ملك عاهدتها عهاده | فأغدق بها ريا وأعبق بها ريا |
وصوت ثناء أسمع الله ذكره | ليسمع منه الصم أو يهدي العميا |
لمن يلحظ الأعلين في المجد من عل | وجارى فأعيا السابقين وما أعيا |
أنيس القلوب في الصدور ولم يكن | ليوحش مثواه الفراقد والجديا |
ومورد من أظمأ وإصباح من سرى | ومبرك من أعيا وغاية من أعيا |
فقصر ملوك الأرض سدة قصره | وإن سحقوا بعد وإن شحطوا نأيا |
وأهدت له بغداد ديوان علمها | هدية من والى ونخبة من حيا |
فكانت كمن حيا الرياض بزهرها | وأهدى إلى صنعاء من نسجها وشيا |
وحسب رواة العلم أن يتدارسوا | مآثره حفظا وآثاره وعيا |
ويكفي ملوك الأرض من كل مفخر | إذا امتثلوا من بعض أفعاله شيا |
وأن يسمعوا من ضيفه في ثنائه | غرائب حلى من جواهرها الدنيا |
وأن ينظروا كيف ازدهى مفرق العلا | بعقدي له تاجا من الكلم العليا |
أوابد حالفن الليالي أنها | تموت الليالي وهي باقية تحيا |
لمن كفل الإسلام أم سيادة | فبرت به حجرا ودرت له ثديا |
ومن ذعر الأعداء حتى توهموا | به الصبح جيشا والظلام له دهيا |
لطاعة من وصى المنايا بطوعه | فلم تعصه من الشرك أمرا ولا نهيا |
فكم رأس كفر قد أنافت برأسه | من الصرعة السفلى إلى الصعدة العليا |
فأوفت به في مرقب السور كالحا | يؤذن بالأعداء حي هلا حيا |
ونقلي الصبا منه ذوائب لمة | تفاخر أيدي المصيبات بها فليا |
فهامته للهام تستامها القرى | وأشلاؤه للريح تستامها السفيا |
وكم رد عن نفس ابن شنج سهامها | وقد أغرقت نزعا وأمكنها رميا |
طليقك من كف الإسار وقد هوت | به الرقم الرقماء والموبد الدهيا |
فحكمت فيه حد سيفك فاقتضى | وشاورت فيه الفضل فاستعجم الفتيا |
فأخرت عنه حكم بأسك بالردى | وأمضيت فيه حكم عفوك بالبقيا |
ووقيته حر الحمام لو اتقى | وزودته برد الحياة لو استحبا |
فأفلت ينزو في حبائل غدرة | بأوت بها عزا وباء بها خزيا |
فأتبعته تحت العجاجة راية | بهرت بها رايا وأعيتها رأيا |
وجردت سيف الحق مدرع الهدى | لمن سل سيف النكث وادرع البغيا |
وأعليتها في دعوة الحق دعوة | كفاك بها بشرى وأعداءها نعيا |
فجاءتك تحت الخافقات كتائبا | كما حدت الأفلاك أنجمها جريا |
مهلين بالنصر العزيز لمن دعا | ملبين بالفتح المبين لمن أيا |
بكل أمير طوع يمناك جيشه | وطاعتك العلياء غايته القصيا |
وكل كمي في مناط نجاده | دواء لداء الناكثين إذا أعيا |
وإن لم يبق داء ابن شنج بطبه | فقد بلغت أدواؤه النار والكيا |
بسابحة الأجياد في كل لجة | تريك عباب البحر من هو لها حسيا |
قدحت بأيديها صفا الشرك قدحة | جعلت ضرام المشرفي لها وريا |
خواطف إبراق جلاهن عارض | من النقع لا يوني دماء العدى مريا |
عقدن بأيمان الضراب وعوقدت | بأيمان عهد لا انثناء ولا ثنيا |
وزرقا تشكى من ظماء كعوبها | وتسقي ربوع الكفر من دمه ريا |
إذا غربت ناءت بمنهمر الكلى | وإن طلعت فاءت بملء الملا فيا |
فأبت بأعداد النجوم مساعيا | وأمثالها سمرا وأضعافها سبيا |
وجوها سلبن العصب والحلي فاكتست | محاسن أنسين المجاسد |
كأن لم تدع بالبيد أيكا ولا غضى | ولا في شعاب الرمل خشفا ولا ظبيا |
إياب مليك قلدت عزماته | من الرشد والتوفيق ما دمر الغيا |
يقر عيون الخيل في حومة الوغى | إذا ما قدور الحرب فارت بها غليا |
ويعرض عن فرش القصور وثيرة | ليركب ظهر الحرب محدودبا عريا |
ويحسو ذعاف السم في جاحم الوغى | ليروي آمال النفوس بها أريا |
ويصلي بحر الشمس حر جبينه | ليبسط للإسلام من نوره فيا |
ويا شامتا أني طريد حجابه | ليخزك أني حزته بين جنبيا |
ويا حاجبا قد رد طرفي دونه | تأمل تجده وهو إنسان عينيا |
صفاء وداد إن رمى فوقه القذى | ظنونا من الاشفاق طيرها نفيا |
وصدق رجاء كلما مت رحمة | على مثل أفراخ القط ردني حيا |
ظماء وما يدرون في الأرض مشربا | سوى كبدي الحرى ومهجتي الظميا |
وكم عسفوا بحرا ولا بحر للندى | وخاضوا سراب البيد نهيا ولا نهيا |
وماتوا يراعون النجوم وقد رأت | وسائلهم ألا حفاظ ولا رعيا |
ولا خلة إلا الهجير إذا التظى | فكان لهم جمرا وكانوا له شيا |
ولا نسب إلا الثريا إذا انتحت | فكانت لهم نصفا وكانوا لها ثنيا |
وكم زجروها باسمها وخفوقها | فما صدقتهم لا ثراء ولا ثريا |
ولا صدق إلا للرجاء الذي سرى | فقصر طول الليل واستقرب النأيا |
وبارى هوي الريح يسبقها هوى | وغال قفار البيد ينسفها طيا |
إلى سابق الأملاك علم سيفه | ندى كفه أن يسبق الوعد والوأيا |
أبو الحكم الممضي لحكم عفاته | رغائب لا يعرفن سوفا ولا ليا |
ومثل لي في الحرب حسر ذراعه | بحسري في حرب الخطوب ذراعيا |
إذا لمعت بيض الصورام حوله | كإضرام نيران الهموم حواليا |
وقد عاذ أبطال الجلاد بعطفه | كما عاذ أطفال الجلاء بعطفيا |
وقد قصرت عنه رماح عداته | كما قصرت عنهم رياش جناحيا |
ولكن أواسي بين عار ولابس | أقلص عن ذيا لأثني على تيا |
وإن لوت اللألواء من شأو همتي | وألحق ذل العسر وجهي بنعليا |
فلم تلو عن مدح ابن يحيى مدائحي | بأطيب ذكر في الممات وفي المحيا |
يصيخ إليه كل سمع موقر | ويجلو سناه كل ناظرة عميا |
وأنشيك عنه المسك ما عشت يا ورى | وأكسوك منه الدر ما دمت يا دنيا |
وإن برت الأيام من حد همتي | وفلت سلام الحادثات غراريا |
فهل قلم خطت به الأرض كلها | نظاما ونثرا ينكر القط والبريا |
وزند ينير الشرق والغرب قدحه | جدير بأن يستلحق المحق والوهيا |
ويا لك من ذكرى سناء ورفعة | إذا وضعوا في الترب أيمن جنبيا |
وفاحت ليالي الدهر مني ميتا | فأخزين أياما دفنت بها حيا |
وكان ضياعي حسرة وتندما | إذا لم يفد شيئا ولم يغنني شيا |
وأصبحت في دار الغنى عن ذوي الغنى | وعوضت فاستقبلت أسعد يوميا |
سوى حسرتي عرض ووجه تضعضعا | لقارعة البلوى وكانا عتاديا |
وللستر والصبر الجميل تأخرا | فأمهما حرصي وكانا إماميا |
فيا عبرتي سحي لعلي مبلل | ببحريك ما أنزفت من ماء عينيا |
ويا زفرتي هل في وقودك جذوة | تنير لنا صبحا ثناه الأسى مسيا |
ويا خلتي إن سوف الغوث بالمنى | ويا غلتي إن أبطأ الغيث بالسقيا |
قوما إلى رب السماء فأسعدا | نقلب وجهي في السماء وكفيا |
سقى ميت الأظماء في روضة الندى | سيرجع عن رب السماء وقد أحيا |
ويا أوجه الأحرار لا تتبدلي | بظل ابن يحيى بعد ظلا ولا فيا |
ويا حلبة الآمال زيدي على المدى | بقاء ابن يحيى ثم حيي على يحيى |