شهدت لك الأعياد أنك عيدها
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
شهدت لك الأعياد أنك عيدها | بك حن موحشها وآب بعيدها |
وأضاء مظلمها وأفرخ روعها | وأطاع عاصيها ولان شديدها |
وصفت لنا الدنيا فشب كبيرها | في إثر ما قد كان شاب وليدها |
ما كان أجمد قبل يومك بحرها | فالآن فجر بالندى جلمودها |
والريح للإقبال تزجي للمنى | ديما تدفق بالحياة مدودها |
ولقد تغيم وما لنا من ودقها | إلا خواطف برقها ورعودها |
وارتاح بيتك في أباطح مكة | لمعاد أيام دنا موعودها |
لمواكب صهلت إليك خيولها | وكتائب خفقت عليك بنودها |
شغفا بدعوتك التي قد طالما | عمرت تهائمها بها ونجودها |
وأهل محرمها ولبى ركبها | وتلاحقت حجابها ووفودها |
فالآن أنجز موعد الدنيا لنا | ولها وأخلف روعها ووعيدها |
حين استقل بك السرير وفوقه | بأس الخلائف منجبيك وجودها |
وبهاؤها وسناؤها ووفاؤها | وصفوفها وسيوفها وجنودها |
وتلبست منك الخلافة تاجها | وتلألأت لباتها وعقودها |
أعظم بها نعما وفيت بشكرها | فولي عهد المسلمين مزيدها |
تاليك تحتاز المدى فيحوزه | وتؤود شاهقة الربا فيؤودها |
إن تزرع المعروف فهو غمامة | أو تبدأ النعماء فهو معيدها |
نستفتح السراء وهو يسيرها | وتشيد العلياء وهو يشيدها |
وإذا ازدهتك من المحامد زهرة | في روضة غناء فهو يرودها |
وإذا تقحمت العداة مواردا | فلنعم طعان الكماة يذودها |
فطرته من قطب النجوم ولادة | وكلت إليه الخيل فهو يقودها |
واختصه بدر السماء بنسبة | حكمت على السادات أن سيسودها |
وسرت إليه من يديك شمائل | أغرته بالآفاق فهو يحودها |
وكسوته ثوبي وغى ورياسة | زهيت عليه سيوفها وبرودها |
أيام أزهرت البلاد كواكبا | بقباب جندك والرجاء عبيدها |
حججا ثلاثة ما تأنس حضرها | شوقا إليك ولا توحش بيدها |
وسرادق النصر العزيز عليكما | مرفوع أروقة الهدى ممدودها |
حتى ارتقيت من المنابر رتبة | غرت بها غر الرجال وصيدها |
في قبة الملك الذي صنهاجة | وزنانة أطنابها وعمودها |
وسراتها ودعاتها ورعاتها | وبناتها وحماتها وأسودها |
هم نوروا لك ليل كل مضلة | سمرا وبيضا ما تجف غمودها |
نور لمن والاك فهي وقيده | أو نار من عاداك فهو وقودها |
أذهلتها بعلاك عما أورثت | من ملكها آباؤها وجدودها |
وتعوضت بذراك من أوطانها | أمنية حسب النفوس وجودها |
صدقتك أيام النزار سيوفها | ضربا وفي يوم النفار عهودها |
في ساعة مقطوعة أرحامها | لا البر شاهدها ولا مشهودها |
يوم أذل كرامة للئامه | وسطت بأحرار الملوك عبيدها |
وتواكلت أبطالها في كربة | أعيت بها ساداتها ومسودها |
لا يهتدي سمت النجاة دليلها | دهشا ولا وجه السداد سديدها |
حتى طلعت لهم بأسعد غرة | طلعت عليهم في السماء سعودها |
فتنسموا نفس الحياة لأنفس | قد حان من حوض الحمام ورودها |
دلفوا إلى شهباء حان حصادها | بظبى رئوس الدارعين حصيدها |
وشعاب قنتيش وقد حشرت لهم | أمم بغاة لا يكت عديدها |
فكأنما مرضت قلوبهم لهم | غلا فجاءوا بالرماح تعودها |
تركوا بها ظهر الصعيد وقد غدا | بطنا وأجساد الغواة صعيدها |
وكتائب الإفرنج إذ كادتك في | أشايعها والله عنك يكيدها |
بسوابح في لج بحر سوابغ | فاضت على الأرض الفضاء مدودها |
ولقد أضافوا نسرها وغرابها | وقراهما طاغوتها وعميدها |
شلو لأرمنقورها حشرت به | للزحف ثم إلى الجحيم حشودها |
ودنت لها في آر تحت صوارم | وريت بعز المسلمين زنودها |
من بعد ما قصفوا الرماح وأصلتوا | بيضا يشيع حدها توحيدها |
فكأنما رفعت لها صلبانها | في ظل هبوتها فحان سجودها |
وبجانب الغربي إذ أقدمتها | شعثاء بشر بالفتوح شهيدها |
ضربوا على الأخدود هام حماته | حتى عبرت وجسرهن خدودها |
في وقعة قامت بعذر سيوفهم | لو ذاب من حر الجلاد حديدها |
ويضيق فيها العذر عن خطية | سمراء لم يورق بكفك عودها |
فبها رأينا العز حيث توده | وسوابغ النعماء حيث تريدها |
إلا كرائم من كرائمك التي | بك كرمت أخطارها وجدودها |
ذعرت بحكم الجاهلية أن ترى | قد دس في ترب الثرى موئودها |
أو ملكت من في يديه مماتها | ونأت على من في يديه خلودها |
فاقبل فقد ساقت إليك مهورها | أكفاء حمد لا يذم حميدها |
بدعا من النظم النفيس تشاكهت | فيها الجواهر درها وفريدها |
ولتهننا أيام عز كلها | عيد وأنت لمن أطاعك عيدها |
ولقد يحول على وليك حولها | في مشفق الأهلين وهو فقيدها |
إن يطرق الأوطان فهو أسيرها | أو يشعر الأعداء فهو طريدها |
لا حرمة الرحمن ناهية ولا | معلوم أيام ولا معدودها |
عن مسلم ضحى به غاو وعن | نفس حرام والعداة تصيدها |
قد عاندوا الرحمن في حرماته | أن تعتدى في المسلمين حدودها |
بيض السيوف علي فيك حدادها | متوقد الأكباد نحوي سودها |
هذا جناي وغارة مشهودة | عدلت بحب المستعين شهودها |
وكفاك من نفس كفيت رجاءها | ذخرا فهان طريفها وتليدها |
كانت وحيدة دهرها من نكبة | منكوبها فذ الدهور وحيدها |
ولئن أجد لي الحسود نفاسة | أن قد دعاك لنعمة تجديدها |
فأنا الذي لم تغض عين الدهر عن | نعمى ولا نقمى ينام حسودها |
ولذاك في عنقي موثق غلها | باق وفي القدمين بعد قيودها |