فَرَقٌ بدا، ومن الحَوادثِ يَفْرَقُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
فَرَقٌ بدا، ومن الحَوادثِ يَفْرَقُ | شيخٌ يُغادى، بالخطوبِ، ويُطرَقُ |
سبحانَ خالِقِنا، وطاءٌ أغبرٌ، | من تحتِنا، ولَه غِطاءٌ أزْرَقُ |
والشُّهبُ، في بحرِ السّماءِ، سوابحٌ، | تَطفو لناظِرَةِ العُيونِ، وتَغرَقُ |
أعرَقْتَ خَيلَكَ في محاوَلَةِ الغِنى، | وحَواهُ غَيرُكَ مُشئِمٌ، أو مُعرِقُ |
وأخو الحِجَى، في أمره، مُتَحَيّرٌ، | جمعَ، التّجاربَ، عُمرُهُ المتفرّقُ |
وتَعَهّدَ ابنُ العَبدِ بُرْقَةَ ثهمدٍ، | فمضى وشيكاً، واستَقَرّ الأبرقُ |
عزّ الذي أعفى الجَمادَ، فما تَرى | حجراً يَغَصُّ بمأكَلٍ، أو يَشرَقُ |
متَعَرّياً في صيفِهِ وشِتائِهِ، | ما ريعَ، قطُّ، لملبسٍ يتَخَرّقُ |
متَجَلّداً، أو خِلتُهُ متَبَلّداً، | لا دَمعَ فيهِ، بفادحٍ، يترقرَقُ |
لا حِسّ يؤلمهُ، فيُظهرُ مُجزَعاً، | إن راحَ يَضرِبُ مِلطَسٌ، أو مطرقُ |
لم يَغدُ غُدوَةَ طائرٍ متَكَسِّبٍ، | وافاهُ، يلقطُ، أجدَلٌ أو زُرّقُ |
أحِمامُ ما لكَ في ركوبِ حَمائمٍ | وُرقٍ، ومن شرّ الرّكابِ الأوْرَقُ؟ |
والصّخرُ يَلبَثُ، لا يُقارِفُ مرّةً | ذَنباً، ولا هو، من حياءٍ، مُطرِق |
والدّهرُ أخرقُ، ما اهتدى لصنيعة، | وبَنوهُ كلُّهمُ سَفيهٌ أخرَق |
وتَشابهَتْ أجسامُنا، وتَخالَفَتْ | أغراضُنا، فمغرِّبٌ ومُشرِّقُ |
يا هِمُّ! ويحَكَ غَيّرَتْكَ نَوائِبٌ؛ | والغُصنُ يُورِقُ، في الزّمان، ويُورَق |
ملأتْ صَحِيفتَكَ الذّنوبُ، وفعلُكَ | الحِبرُ الأحمُّ، وفَودُ رأسك مُهرَق |
وكأنّما نُفِضَ الرّمادُ، كآبةً، | فوقَ الجَبينِ، وقلبُكَ المُتَحَرّق |
لِصُّ الكَرى مَلَكَ الرّدى، في زَعمهم؛ | إنّ الحَياةَ، من الأنامِ، لتُسرَق |
مَن يُعطَ شيئاً يُستَلَبهُ، ومن يَنَم، | جِنحَ الظّلامِ، فإنّهُ سيؤرَّق |
زُجِرَ الغُرابُ، تطيّراً، ونَقيضُهُ | ديكٌ، لأهلِ الدّارِ، أبيَضُ أفرق |
هذا السّفاهُ، كأنّنا حمضِيّةٌ، | أو خَيطُ بلقعةٍ غَذاهُ العِشرق |