إنّ التّجارِبَ طيرٌ تألَفُ الخَمَرا،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
إنّ التّجارِبَ طيرٌ تألَفُ الخَمَرا، | يَصيدُها مَن أفادَ اللُّبَّ والعُمُرَا |
كم جُزْتُ شهراً وكم جرّمتُ من سنةٍ، | وما أرانيَ إلاّ جاهلاً غُمُرا |
والغيُّ كالنّجْمِ عُرْياناً، بلا سُتُرٍ، | وللحقوقِ وُجُوهُ أُلبِسَتْ خُمُرا |
ألا سفينَةَ، أو عِبراً أمُدُّ له | كَفّي، فأنجوَ من شَرٍّ لها غَمرَا |
فلا يَغُرّنْكَ من قُرّائنا زُمَرٌ، | يتلونَ، في الظُّلَمِ، الفُرقانَ والزُّمَرا |
يُقامِرون بما أُوتوهُ منْ حِكَمٍ، | وصاحبُ الظّلمِ مَقمورٌ إذا قَمَرا |
يُبدي التديّنَ، محتالاً، ضمائرُهُ | غيرُ الجميلِ، إذا ما جسمُهُ ضَمَرا |
يشدو مزاميرَ داودٍ، ويفضُلُه، | في النُّسكِ، نافخُ مزمارٍ له زمَرا |
ولا تشيفَنْ، على دارٍ، لتنظُرَها، | فمنْ أشافَ على قومٍ كمن دَمرا |
يوفي، على المِنْبرِ العالي، خَطيبُهُمُ؛ | وإنّما يَعِظُ الآسَادَ والنُّمُرا |
همُ السّباعُ، إذا عَنّتْ فرائسُها؛ | وإنْ دعوتَ لخيرٍ حُوّلوا حُمُرا |
قد صَدّقَ النّاسُ ما الألبابُ تُبطِلُه، | حتى لظنّوا عَجوزاً تحلُبُ القَمَرا |
أناقةٌ هو أمْ شاةٌ، فيمنَحَها | عُسّاً تغيثُ به الأضيافَ، أو غُمَرا |
وحَدّثَتْكَ رجالٌ عن أوائِلها؛ | فاسمَعْ أحاديثَ مَينٍ تُشبِهُ السَّمَرا |
رجوتُ أغصانَ سِدرٍ أن تُظَلّلَني، | وقد تقلّصَ منها الظلُّ وانشَمَرا |
يخالفُ، الطبعَ، معقولٌ خُصصْتَ به، | فاقبلْ إذا ما نهاكَ العَقلُ، أو أمَرا |
والدّارُ تدمُرُ من كلٍّ، وما غرضي | كونٌ بتدمُرَ لكن منزِلٌ دَمرا |
والإنسُ أشجارُ ناسٍ أثمرتْ مَقِراً، | وأكثرُ القومِ شاكٍ يفقدُ الثّمَرا |
وما التّقيُّ بأهلٍ أن تُسَمّيَهُ | بَرّاً، ولو حَجّ بيتَ اللَّهِ، واعْتمرا |
والقَلبُ يَغرى بما تُهدي الرّياحُ لهُ، | كحَملِها الرّيحَ من زيدٍ إلى عُمرا |
ثبْ من طَمارٍ، إذا لم تستطعْ سَرَباً؛ | وثِبْ شبيهَ التميميّ الذي طَمَرا |