إذا شئت هاجتني ديار محيلة
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إذا شِئْتُ هَاجَتْني دِيَارٌ مُحِيلَةٌ | وَمَرْبِطُ أفْلاءٍ أمَامَ خِيَامِ |
بحَيْثُ تَلاقَى الدّوُّ وَالحَمْضُ هاجَتا | لِعَيْنيَّ أغْرَاباً ذَوَاتِ سِجَامِ |
فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا غَيرُ أثْلَمَ خاشَعٍ | وَغَيرُ ثَلاثٍ للرّمَادِ رِئَامِ |
ألَمْ تَرَني عاهَدْتُ رَبّي، وَإنّني | لَبَيْنَ رِتَاجٍ قَائِمٌ وَمَقَامِ |
على قَسَمٍ لا أشْتمُ الدّهْرَ مُسْلِماً، | وَلا خارِجاً مِنْ فيّ سوءُ كَلامِ |
ألَمْ تَرَني وَالشِّعْرَ أصْبَحَ بَيْنَنَا | دُرُوءٌ مِنَ الإسْلامِ ذاتُ حُوَامِ |
بهنّ شَفَى الرّحمنُ صَدرِي، وقَد جلا | عَشَا بَصَرِي مِنْهُنّ ضَوْءُ ظَلامِ |
فأصْبَحْتُ أسْعَى في فَكَاكِ قِلادَةٍ | رَهِينَةِ أوْزَارٍ عَلَيّ عِظَامِ |
أُحاذِرُ أنْ أُدْعَى وَحَوْضِي مُحَلِّقٌ، | إذا كانَ يَوْمُ الوِرْدِ يَوْمَ خِصامِ |
وَلَمْ أنْتَهِ حَتى أحاطَتْ خَطِيئَتي | ورَائي وَدَقّتْ للدّهُورِ عِظَامي |
لَعَمْرِي لَنِعمَ النِّحيُ كان لقَوْمِهِ | عَشِيّةَ غَبَّ البَيْعُ نِحْيُ حُمَامِ |
بِتَوْبَةِ عَبْدٍ قَدْ أنَابَ فُؤادُهُ، | وَمَا كانَ يُعْطي النّاسَ غَيرَ ظِلامِ |
أطَعْتُكَ يا إبلِيسُ سَبْعِينَ حِجّةً، | فَلَمّا انْتَهَى شَيْبي، وَتمّ تَمامي |
فَرَرْتُ إلى رَبّي، وَأيْقَنْتُ أنّني | مُلاقٍ لأيّامِ المَنُونِ حِمَامي |
ولمّا دَنَا رَأسُ الّتي كُنْتُ خَائِفاً، | وَكُنْتُ أرَى فِيهَا لَقَاءَ لِزَامِ |
حَلَفْتُ على نَفْسي لأجْتَهِدَنّهَا | على حَالِهَا مِنْ صِحّةٍ وَسَقَامِ |
ألا طالَ مَا قَدْ بِتُّ يُوضِعُ نَاقَتي | أبُو الجنّ إبْلِيسٌ بِغَيرِ خِطَامِ |
يَظلُّ يَمَنّيني على الرّحْلِ وَارِكاً، | يَكُونُ ورَائي مَرّةً وَأمَامي |
يُبَشِّرُني أنْ لَنْ أمُوتَ، وَأنّهُ | سَيُخُلِدُني في جَنّةٍ وَسَلامِ |
فَقُلْتُ لَهُ: هَلاّ أُخَيَّكَ أخرَجَتْ | يَمِينُكَ مِنْ خُضرِ البُحُورِ طَوَامِ |
رَمَيْتَ بِهِ في اليَمّ لَمّا رَأيْتَهُ | كَفِرْقَةِ طَوْدَيْ يَذْبُلٍ وَشَمَامِ |
فَلَمّا تَلاقَى فَوْقَهُ المَوْجُ طَامِياً، | نَكَصْتَ، وَلَمْ تَحْتَلْ لَهُ بمَرَامِ |
ألمْ تَأتِ أهلَ الحِجرِ والحِجرُ أهلُهُ | بأنْعَمِ عَيْشٍ في بُيُوتِ رُخَامِ |
فَقُلْتَ اعْقِرُوا هذي اللَّقوحَ فإنّها | لكُمْ، أوْ تُنيخُوها، لَقُوحُ غَرَامِ |
فَلَمّا أنَاخُوها تَبَرّأتَ مِنْهُمُ، | وَكُنْتَ نَكُوصاً عَنْدَ كلّ ذِمامِ |
وَآدَم قَدْ أخرَجْتَهُ، وَهوَ ساكِنٌ | وَزَوْجَتَهُ، مِنْ خَيرِ دارِ مُقَامِ |
وَأقْسَمْتَ يا إبْلِيسُ أنّكَ ناصِحٌ | لَهُ وَلَهَا، إقْسَامَ غَير إثَامِ |
فَظَلاّ يُخِيطِانِ الوِرَاقَ عَلَيْهِما | بأيْدِيهِمَا مِنْ أكْلِ شَرّ طَعامِ |
فكمْ من قُرُونٍ قد أطاعوكَ أصْبَحوا | أحادِيثَ كَانُوا في ظِلالِ غَمَامِ |
وَمَا أنْتَ يا إبْلِيسُ بالمَرْءِ أبْتَغي | رِضَاهُ، وَلا يَقْتَادُني بِزِمَامِ |
سأجزِيكَ من سَوْءاتِ ما كنتَ سُقتَني | إلَيْهِ جُرُوحاً فِيكَ ذاتَ كِلامِ |
تُعَيِّرُها في النّارِ، وَالنّارُ تَلْتَقي | عَلَيْكَ بِزَقّومٍ لَهَا وَضِرَامِ |
وإنّ ابنَ إبْلِيسٍ وَإبْلِيسُ ألْبَنَا | لَهُمْ بِعَذَابِ النّاسِ كُلَّ غُلامِ |
هُمَا تَفَلا في فيَّ مِنْ فَمَوَيْهِمَا، | عَلى النّابِحِ العَاوِي أشَدُّ رِجَامِ |