هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ، | وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ |
هذا ابنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِمُ، | هذا التّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَلَمُ |
هذا ابنُ فاطمَةٍ، إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ، | بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا |
وَلَيْسَ قَوْلُكَ: مَن هذا؟ بضَائرِه، | العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ |
كِلْتا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفعُهُمَا، | يُسْتَوْكَفانِ، وَلا يَعرُوهُما عَدَمُ |
سَهْلُ الخَلِيقَةِ، لا تُخشى بَوَادِرُهُ، | يَزِينُهُ اثنانِ: حُسنُ الخَلقِ وَالشّيمُ |
حَمّالُ أثقالِ أقوَامٍ، إذا افتُدِحُوا، | حُلوُ الشّمائلِ، تَحلُو عندَهُ نَعَمُ |
ما قال: لا قطُّ، إلاّ في تَشَهُّدِهِ، | لَوْلا التّشَهّدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَمُ |
عَمَّ البَرِيّةَ بالإحسانِ، فانْقَشَعَتْ | عَنْها الغَياهِبُ والإمْلاقُ والعَدَمُ |
إذ رَأتْهُ قُرَيْشٌ قال قائِلُها: | إلى مَكَارِمِ هذا يَنْتَهِي الكَرَمُ |
يُغْضِي حَياءً، وَيُغضَى من مَهابَتِه، | فَمَا يُكَلَّمُ إلاّ حِينَ يَبْتَسِمُ |
بِكَفّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ، | من كَفّ أرْوَعَ، في عِرْنِينِهِ شمَمُ |
يَكادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ رَاحَتِهِ، | رُكْنُ الحَطِيمِ إذا ما جَاءَ يَستَلِمُ |
الله شَرّفَهُ قِدْماً، وَعَظّمَهُ، | جَرَى بِذاكَ لَهُ في لَوْحِهِ القَلَمُ |
أيُّ الخَلائِقِ لَيْسَتْ في رِقَابِهِمُ، | لأوّلِيّةِ هَذا، أوْ لَهُ نِعمُ |
مَن يَشكُرِ الله يَشكُرْ أوّلِيّةَ ذا؛ | فالدِّينُ مِن بَيتِ هذا نَالَهُ الأُمَمُ |
يُنمى إلى ذُرْوَةِ الدّينِ التي قَصُرَتْ | عَنها الأكفُّ، وعن إدراكِها القَدَمُ |
مَنْ جَدُّهُ دان فَضْلُ الأنْبِياءِ لَهُ؛ | وَفَضْلُ أُمّتِهِ دانَتْ لَهُ الأُمَمُ |
مُشْتَقّةٌ مِنْ رَسُولِ الله نَبْعَتُهُ، | طَابَتْ مَغارِسُهُ والخِيمُ وَالشّيَمُ |
يَنْشَقّ ثَوْبُ الدّجَى عن نورِ غرّتِهِ | كالشمس تَنجابُ عن إشرَاقِها الظُّلَمُ |
من مَعشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ، وَبُغْضُهُمُ | كُفْرٌ، وَقُرْبُهُمُ مَنجىً وَمُعتَصَمُ |
مُقَدَّمٌ بعد ذِكْرِ الله ذِكْرُهُمُ، | في كلّ بَدْءٍ، وَمَختومٌ به الكَلِمُ |
إنْ عُدّ أهْلُ التّقَى كانوا أئِمّتَهمْ، | أوْ قيل: «من خيرُ أهل الأرْض؟» قيل: هم |
لا يَستَطيعُ جَوَادٌ بَعدَ جُودِهِمُ، | وَلا يُدانِيهِمُ قَوْمٌ، وَإنْ كَرُمُوا |
هُمُ الغُيُوثُ، إذا ما أزْمَةٌ أزَمَتْ، | وَالأُسدُ أُسدُ الشّرَى، وَالبأسُ محتدمُ |
لا يُنقِصُ العُسرُ بَسطاً من أكُفّهِمُ؛ | سِيّانِ ذلك: إن أثَرَوْا وَإنْ عَدِمُوا |
يُستدْفَعُ الشرُّ وَالبَلْوَى بحُبّهِمُ، | وَيُسْتَرَبّ بِهِ الإحْسَانُ وَالنِّعَمُ |