سمونا لنجران اليماني وأهله
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
سَمَوْنَا لنَجْرَانِ اليَمَاني وَأهْلِهِ، | وَنَجْرَانُ أرْضٌ لم تُدَيَّثْ مَقاوِلُهْ |
بمُخْتَلِفِ الأصْوَاتِ تَسْمَعُ وَسطَهُ | كَرِزّ القَطَا لا يَفقَهُ الصّوْتَ قَائِلُهُ |
لَنا أمرُهُ لا تُعرَفُ البُلْقُ وَسْطَهُ، | كَثِيرُ الوَغَى مِنْ كُلّ حيٍّ قَبائِلُهْ |
كَأنّ بَنَاتِ الحارِثِيّينَ وَسْطَهُمْ | ظِبَاءُ صَرِيمٍ لمْ تُفَرَّجْ غَياطِلُهْ |
إذا حَانَ مِنْهُ مَنْزِلٌ أوْقَدَتْ بهِ | لأخرَاهُ في أعْلى اليَفَاعِ أوَائِلُهْ |
تَظَلّ بِهِ الأرْضُ الفَضَاءُ مُعَضِّلاً، | وَتَجْهَرُ أسْدَامَ المِيَاهِ قَوَابِلُهْ |
تَرَى عافِيَاتِ الطّيْرِ قَدْ وَثَّقَتْ لها | بشِبعٍ من السَّخْلِ العِتاقِ مَنازِلُهْ |
إذا فَزَعُوا هَزُّوا لِوَاءَ ابنِ حابِسٍ، | وَنَادَوْا كَرِيماً خِيمُهُ وَشَمَائِلُهُ |
سَعَى بِترِاتٍ للعَشِيرَةِ أدْرَكَتْ | حَفيظةَ ذي فضْلٍ على مَن يُفاضِلُهْ |
فأدَرَكَها وَازْدادَ مَجداً وَرِفْعَةً | وَخَيراً، وَأحظى النّاسِ بالخيرِ فاعِلُهْ |
أرَى أهلَ نَجَرانَ الكَوَاكبَ بالضّحى، | وَأدْرَكَ فِيهِمْ كُلَّ وِتْرٍ يُحَاوِلُهْ |
وَصَبّحَ أهْل الجَوْفِ وَالجَوْفُ آمِنٌ | بمِثْلِ الدَّبَا، والدّهْرُ جَمٌّ بَلابِلُهْ |
فَظَلّ على هَمْدانَ يَوْمٌ أتَاهُمُ | بنَحسِ نُحوسٍ، ظُهرُهُ وَأصَائلُهْ |
وَكِنْدَةُ لمْ يَترُكْ لُهمْ ذا حَفِيظَةٍ، | وَلا مَعْقِلاً إلاّ أُبِيحَتْ مَعاقِلُهْ |
وَأهْلَ حَبَوْنَا من مُرادٍ تَدارَكَتْ، | وَجَرْماً بِوَادٍ خالَطَ البَحْرَ ساحِلُهْ |
صَبَحْناهُمُ الجُرْدَ الجِيَادَ، كَأنّها | قَطاً أفْزَعَتْهُ يَوْمَ طَلٍّ أجَادِلُهْ |
إلا إنّ مِيرَاثَ الكُلَيْبيّ لابْنِهِ | إذا مَاتَ رِبْقَا ثَلّةٍ وَحَبَائِلُهْ |
فَأقْبِلْ على رِبْقَيْ أبِيكَ فَإنّمَا | لكُلّ امرِىءٍ مَا أوْرَثَتْهُ أوَائِلُهْ |
تَسَرْبَل ثَوْبَ اللّؤمِ في بَطْنِ أُمّهِ، | ذِراعَاهُ مِنْ أشْهَادِهِ وَأنَامِلُهْ |
كمَا شَهِدَتْ أيْدي المَجُوسِ عليهمُ | بأعمالِهمْ، وَالحَقُّ تَبدُو مَحاصِلُهْ |
عَجِبْتُ لِقَوْمٍ يَدّعُونَ إلى أبي، | وَيَهْجُونَني، والدّهْرُ جَمٌّ مجَاهلُهْ |
فَقُلْتُ لَهُ: رُدّ الحِمَارَ، فَإنّهُ | أبُوكَ لَئِيمٌ، رَأسُهُ وَجَحَافِلُهْ |
يَسِيلُ على شِدْقَيْ جَرِيرٍ لُعَابُهُ، | كَشَلشالِ وَطْبٍ ما تجِفّ شَلاشِلُهْ |
ليَغْمِزَ عِزّاً عَسا عَظْمُ رَأسِهِ، | قُراسِيَةً كالفَحَلِ يَصْرِفُ بَازِلُهْ |
بَنَاهُ لَنَا الأعْلى، فَطالَتْ فُرُوعُهُ، | فأعْيَاكَ واشْتَدّتْ عَليَكَ أسافِلُهْ |
فلا هُوَ مُسْطِيعٌ أبُوكَ ارْتِقَاءَهُ؛ | ولا أنتَ عمّا قَدْ بَنى الله عادِلُهْ |
فإنْ كُنْتَ تَرْجُو أن تُوَازِنَ دارِماً | فَرُمْ حَضَناً فانظُرْ متى أنتَ نَاقِلُهْ |
وَأرْسَلَ يَرْجو ابنُ المَرَاغَةِ صُلحَنا، | فُردّ وَلمْ تَرْجَعْ بنُجْحٍ رَسَائِلُهْ |
وَلاقَى شديدَ الدّرْءِ مُستحصِدَ القوَى | تَفَرّقُ بالعِصْيَانِ عَنْهُ عَوَاذِلُهْ |
إلى كُلّ حَيٍّ قَدْ خَطَبْنَا بَناتِهِمْ، | بأرْعَن مثْلِ الطّوْدِ جَمٍّ صَوَاهِلُهْ |
وَأنْتُمْ عَضَارِيطُ الخميسِ عَتادُكم، | إذا ما غَدا، أرْبَاقُهُ وَحَبَائِلُهْ |
وإنّا لمَنّاعُونَ تحْتَ لِوَائِنَا | حِمانا إذا ما عاذَ بِالسّيْفِ حامِلُهْ |
وَقالَتْ كُلَيْبٌ قَمِّشُوا لأخيكُمُ، | فَفِرّوا بِهِ إنّ الفَرَزْدَقَ آكِلُهْ |
فَهَلْ أحَدٌ يا ابنَ المَرَاغَةِ هَارِبٌ | مِنَ المَوْتِ، إنْ المَوْتَ لا بدّ نائلُهْ |
فإني أنَا المَوْتُ الّذِي هُوَ ذاهِبٌ | بنَفْسِكَ فانظُرْ كَيْفَ أنتَ مُحاوِلُهْ |
أنا البَدرُ يُعشي طرْفَ عينيك فالتمس | بكَفّيكَ يا ابنَ الكَلبِ هل أنت نائلُهْ |
أتَحسِبُ قَلبي خارجاً مِنْ حِجابِهِ، | إذا دُفُّ عَبّادٍ أَرنّتْ جَلاجِلُهْ |
فقُلتُ، ولَمْ أمِلكْ، أمالِ بن مالِكٍ | لأيّ بَني مَاءِ السّمَاءِ جَعائِلُهْ |
أفي قَمَليٍّ مِنْ كُلَيْبٍ هَجَوْتُهُ، | أبُو جَهْضَمٍ تَغْلي عَليّ مَرَاجِلُهْ |
أحارِثُ دارِي مَرّتَينِ هَدَمْتَهَا، | وَكنتَ ابن أُختٍ لا تُخافُ غَوَائِلُهْ |
وأنتَ امرُؤ بَطْحَاءُ مكّةَ لمْ يَزَلْ | بِها منكُمُ مُعطي الجَزِيلِ وَفَاعِلُهْ |
فقُلْنَا لَهُ: لا تُشْمِتَنّ عَدُوَّنَا، | ولا تَنسَ من أصْحابِنا مَن نُواصِلُهْ |
فَقَبْلَكَ ما أعْيَيْتُ كاسِرَ عَيْنِهِ | زِيَاداً، فَلَمْ تَقْدِرْ عَليّ حَبَائِلُهْ |
فأقْسَمْتُ لا آتِيهِ سَبْعِينَ حِجّةً، | وَلوْ نُشِرَتْ عينُ القُباعِ وَكَاهِلُهْ |
فَما كانَ شَيْءٌ كَانَ مِمّا نُجِنّهُ | من الغِشّ إلاّ قَدْ أبانَتْ شَوَاكِلُهْ |
وَقُلْتُ لهُمْ: صَبراً كُلَيْبُ، فإنّهُ | مَقَامُ كَظَاظٍ لا تَتِمّ حَوَامِلُهْ |
فإنْ تَهْدِمُوا دارِي، فإنّ أرُومَتي | لها حَسَبٌ لا ابن المَرَاغَةِ نَائِلُهْ |
أبي حَسبٌ عَوْدٌ رَفِيعٌ وصَخْرَةٌ، | إذا قُرِعَتْ لمْ تَستَطِعها مَعاوِلُهْ |
تَصَاغَرْتَ يا ابنَ الكَلْبِ لمّا رَأيْتَني | مَعَ الشّمْسِ في صَعْبٍ عَزيزٍ مَعاقلُهْ |
وَقَدْ مُنِيَتْ مِني كُلَيبٌ بضَيغَمٍ | ثَقِيلٍ، على الحُبلى جَرِيرٍ، كَلاكِلُهْ |
شَتِيمُ المُحَيّا، لا يُخَاتِلُ قرْنَهُ، | وَلَكِنّهُ بالصَّحصَحانِ يُنَازِلهُ |
هِزَبْرٌ، هَرِيتُ الشّدْقِ، رِئبالُ غابةٍ، | إذا سَارَ عَزّتْهُ يَداهُ وَكَاهِلُهْ |
عَزِيزٌ مِنَ اللاّئي يُنَازِلُ قِرْنَهُ، | وَقَدْ ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ مَنْ يُنَازِلُهْ |
وَإنّ كُلَيْباً، إذْ أتَتْني بِعَبْدِها، | كمَنّ غَرَّهُ حتى رأى المَوْتَ باطِلُهْ |
رَجَوْا أنْ يَرُدّوا عَنْ جَرِيرٍ بدرْعه | نَوَافِذَ ما أرْمي، وَما أنَا قَائِلُهْ |
عَجِبْتُ لرَاعي الضّأنِ في حُطَمِيّةٍ، | وفي الدّرْعِ عَبدٌ قد أُصِيبَتْ مَقاتِلُهْ |
وَهَل تَلبسُ الحُبلى السّلاحَ وَبَطنُها | إذا انتَطقَتْ عِبْءٌ عَلَيها تُعادِلُهْ |
أفَاخَ وَألقَى الدّرْعَ عَنهُ، وَلمْ أكُنْ | لأُلْقيَ دِرْعي مِنْ كَمِيٍّ أُقاتِلُهْ |
ألَسْتَ تُرَى يا ابن المَرَاغَةِ صَامِتاً | لمَا أنْتَ في أضْعافِ بَطْنِكَ حامِلُهْ |
وَقَدْ عَلِمَ الأقوَامُ حَوْلي وَحَوْلكمْ | بَني الكَلْبِ أني رَأسُ عِزٍّ وَكاهِلُهْ |
ألمْ تَعْلَمُوا أني ابنُ صَاحبِ صَوْأرٍ، | وَعِنْدِي حُسَاما سَيفِهِ وَحَمَائِلُهْ |
تَرَكْنا جَرِيراً وَهوَ في السّوقِ حابسٌ | عَطِيّةَ، هَلْ يَلقَى بهِ مَنْ يُبادِلُهْ |
فقَالُوا لَهُ رُدّ الحِمَارَ، فَإنّهُ | أبُوكَ لَئِيمٌ رَأسُهُ وجَحَافِلُهْ |
وَأنتَ حَريصٌ أنْ يَكونَ مُجاشعٌ | أباكَ، ولكنّ ابنَهُ عَنكَ شَاغِلُهْ |
وَمَا ألْبَسُوهُ الدّرْعَ حتى تَزَيّلَتْ | من الخِزْيِ دُونَ الجِلدِ منه مَفاصِلُهْ |
وَهَلْ كانَ إلاّ ثعْلَباً رَاضَ نَفْسَهُ | بَموْجٍ تَسَامَى، كالجِبالِ، مَجاوِلُهْ |
ضَغَا ضَغَوةً في البَحرِ لمّا تَغَطْمَطَتْ | عَلَيْهِ أعَالي مَوْجِهِ وَأسَافِلُهْ |
فَأصْبَحَ مَطْرُوحاً ورَاءَ غُثَائِهِ، | بحَيثُ التَقى من ناجخِ البَحرِ ساحِلُهْ |
وَهَلْ أنْتَ إنْ فاتَتكَ مَسعاةُ دارِمٍ | وَمَا قَدْ بَنى، آتٍ كُلَيْباً فَقاتِلُهْ |
وَقَالُوا لِعَبّادٍ أغِثْنَا، وَقَدْ رَأوْا | شَآبِيبَ مَوْتٍ يُقْطِرُ السّمَّ وَابِلُهْ |
وَمَا عِنْدَ عَبّادٍ لهُمْ من كَرِيهَتي | رَوَاحٌ إذا ما الشرُّ عَضّتْ رَجَائِلُهْ |
فَخَرْتَ بِشَيْخٍ لمْ يَلِدْكَ وَدُونَهُ | أبٌ لَكَ تُخفي شَخَصَهُ وَتُضَائِلُهْ |
فَلِلّهِ عِرْضِي، إنْ جَعَلْتُ كَرِيمَتي | إلى صَاحِبِ المِعْزَى المُوَقَّعِ كاهِلُهْ |
جَبَاناً، وَلمْ يَعْقِدْ لِسَيْفٍ حِمالَةً، | وَلكِنْ عِصَامُ القِرْبَتَينِ حَمائِلُهْ |
يَظَلّ إلَيهِ الجَحشُ يَنهَقُ إن عَلَتْ | بهِ الرّيحُ مِنْ عِرْفان مَنْ لا يُزَايلُهْ |
لَهُ عانَةٌ أعْفَاؤهَا آلِفَاتُهُ، | حُمُولَتُهُ مِنْهَا وَمِنْهَا حَلائِلُهْ |
مَوَقَّعَةٌ أكْتَافُهَا، مِنْ رُكُوبِهِ، | وَتُعْرَفُ بالكَاذاتِ، مِنها مَنَازِلُهْ |
ألا تَدّعي إنْ كانَ قَوْمُكَ لمْ تَجِدْ | كَرِيماً لَهُمْ، إلاّ لَئيماً أوائِلُهْ |
ألا تَفْتَرِي إذْ لمْ تَجِدْ لكَ مَفخَراً، | ألا رُبّمَا يَجْرِي مَعَ الحَقّ بَاطِلُهْ |
فَتَحْمَدَ ما فِيهِمْ، وَلوْ كنتَ كاذِباً، | فيَسْمَعَهُ، يا ابنَ المَرَاغَةِ، جاهلُهْ |
وَلكنْ تَدَعّى مَنْ سَواهُمْ إذا رَمَى | إلى الغرَضِ الأقصَى البَعِيدِ مُناضِلُهْ |
فتَعْلَمُ أنْ لَوْ كنتَ خَيراً عَلَيِهمُ، | كَذَبْتَ، وَأخزَاكَ الذي أنتَ قائِلُهْ |
تَعاطَ مكانَ النّجمِ، إنْ كنتَ طالباً | بَني دارِمٍ، فانْظُرْ مَتى أنتَ نائلُهْ |
فَلَلنّجْمُ أدْنَى مِنْهُمُ أنْ تَنَالَهُ | عَلَيْكَ فأصْلحْ زَرْبَ ما أنتَ آبِلُهْ |
ألمْ يَكُ مِمّا يُرْعِدُ النّاسَ أنْ ترَى | كُلَيْباً تَغَنّى بِابْنِ لَيلى، تُنَاضِلُهْ |
أبي مالِكٌ، مَا مِنْ أبٍ تَعرِفُونَهُ | لكمْ دونَ أعرَاقِ التّرَابِ يُعادِلُهْ |
عَجِبْتُ إلى خَلْقِ الكُلَيْبيّ عُلّقتْ | يَداهُ، وَلمْ تَشْتَدّ قَبْضاً أنَامِلُهْ |
فَدُونَكَ هَذِي، فَانْتَقِضْها، فإنّها | شَدِيدُ قوَى أمْرَاسِها وَمَوَاصِلُهْ |