ليبك على الحجاج من كان باكيا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
لِيَبْكِ على الحَجّاجِ مَنْ كانَ باكياً | على الدِّينِ أوْ شارٍ على الثّغْرِ وَاقِفِ |
وَأيْتامُ سَوْداءِ الذّراعَينِ لمْ يَدَعْ | لها الدّهرُ مالاً بالسّنِينَ الجَوَالِفِ |
وما ذَرَفَتْ عَيْنانِ بَعْدَ مُحَمّدٍ | عَلى مِثْلِهِ، إلاّ نُفُوسَ الخَلائِفِ |
وَما ضُمّنَتْ أرْضٌ فتحملَ مِثْلَهُ، | وَلا خُطّ يُنْعى في بُطونِ الصّحائِفِ |
لحَزْمٍ وَلا تَنكِيلِ عِفْرِيتِ فِتْنَةٍ، | إذا اكتَحَلَتْ أنيابُ جَرْباءَ شارِفِ |
فَلمْ أرَ يَوْماً كانَ أنْكَى رَزِيّةً، | وَأكْثَرَ لَطّاً للعُيُونِ الذّوَارِفِ |
مِنَ اليَوْمِ للحَجّاجِ لمّا غَدَوْا بِهِ، | وَقد كانَ يَحمي مُضْلِعاتِ المَكالِفِ |
وَمُهْمِلَةٍ لَمّا أتَاهَا نَعِيُّهُ، | أرَاحَتْ عَلَيها مَهمَلاتِ التّنايِفِ |
فَقالَتْ لعَبْدَيْها: أرِيحا! فَعَقِّلا، | فَقدَ ماتَ راعي ذُوْدِنا بالطّراَيِفِ |
وَماتَ الّذي يَرْعَى على النّاسِ دِينَهم، | وَيَضرِبُ بالهِندّي رَأسَ المخالِفِ |
فَلَيْتَ الأكُفّ الدّافِناتِ ابنَ يوسف | تَقطّعَن إذْ يَحْثِينَ فَوْقَ السّقايِفِ |
وَكَيْفَ، وَأنْتُمْ. تَنظُرُونَ، رَمَيتُم | بِهِ بَينَ جَوْلَيْ هَوّةٍ في اللّفَايِفِ |
ألمْ تَعْلَمُوا أنّ الّذِي تَدْفنُونَهُ | بِهِ كانَ يُرْعَى قاصِياتُ الزّعانِفِ |
وَكانَتْ ظُباتُ المَشرَفِيّةِ قَدْ شَفَى | بها الدِّين والأضْغانَ ذاتَ الخَوَالِفِ |
ولَمْ يَكُ دُونَ الحُكْمِ مالٌ وَلم تكن | قُواهُ مِنَ المُستَرْخِياتِ الضّعايِفِ |
وَلكِنّها شَزْراً أُمرّتْ، فأُحكمَتْ | إلى عُقَدٍ تُلْوَى وَرَاءَ السّوَالِفِ |
يَقُولُونَ لَمّا أنْ أتَاهُمْ نَعيُّهُ، | وَهم من وَرَاءِ النهرِ جَيشُ الرّوَادِفِ |
شَقِينا وَماتَتْ قُوّةُ الجَيشِ وَالّذِي | بِهِ تُرْبَطُ الأحْشاءُ عِنْدَ المَخاوِفِ |
فإنْ يكُنِ الحَجّاجُ ماتَ فلَمْ تَمُتْ | قُرُومُ أبي العاصِي الكِراَمِ الغَطارِفِ |
ولَمْ يَعدَموا مِنْ آلِ مَرْوَانَ حَيّةً | تَمامَ بُدُورٍ، وَجْهُهُ غَيرُ كاسِفِ |
لَهُ أشْرَقَتْ أرْضُ العِرَاقِ لِنُورِهِ، | وَأُومِنَ، إلاّ ذَنْبَهُ، كُلُّ خائِفِ |