ترى كل منشق القميص كأنما
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
تَرَى كُلّ مُنشَقّ القَميصِ كَأنّما | عَلَيْهِ بِهِ سِلْخٌ تَطِيرُ رَعَابِلُهْ |
سَقاهُ الكَرَى الإدْلاجُ حتى أمَالَهُ | عَنِ الرّحْلِ عَيْناً رَأسُهُ وَمَفاصِلُهْ |
وَنَادَيْتُ مغْلوْبِينَ هَلْ من مُعاوِنٍ | على مَيّتٍ يَدنُو من الأرْضِ مائلُهْ |
فَمَا رَفَعَ العَيْنَيْنِ حتى أقَامَهُ | وَعِيدِي، كَأنّي بِالسّلاحِ أُقَاتِلُهْ |
أقَمْتُ لَهُ المَيْل الذي في نُخاعِهِ | بتَفْدِيَتي، واللّيْلُ داجٍ غَياطِلُهْ |
قد اسْتَبْطَأتْ مني نَوَارُ صَرِيمَتي، | وَقَد كان هَمّي يَنفُذُ القلبَ داخِلُهْ |
رَأتْ أيْنُقاً عَرّيْتُ عاماً ظُهُورَهَا، | وَما كانَ هَمّي تَسْترِيحُ رَوَاحِلُهْ |
حَرَاجِيجُ، لمُ يَتْرُكْ لَهُنّ بَقِيّةً، | غُدُوُّ نَهَارٍ دايِمٍ، وَأصَايِلُهْ |
يُقاتِلنَ عن أصْلابِ لاصِقَةِ الذُّرَى، | مِنع الطّيْرِ غِرْباناً عَلَيها نَوَازِلُهْ |
فَإنْ تَصْحَبِينَا يا نَوَارُ تُنَاصِفي | صَلاتَكِ في فَيْفٍ تكُرّ حَوَاجِلُهْ |
مَوَاقِعَ أطْلاحٍ على رُكَبَاتِهَا | أُنيخَتْ وَلَوْنُ الصّبحِ وَرْدٌ شَوَاكلُهْ |
وَتَخْتَمري عَلى عجلى ظَهرِ رَسْلَةٍ | لِها ثَبَجٌ عَاري الَمعَدَّين كاهِلُهْ |
وَما طَمِعَتْ بِالأرْضِ رَائِحَةً بِنا | إلى الغَدِ حَتى يَنْقُل الظّلَّ نَاقِلُهْ |
تَسُومُ المَطايا الضّيمَ يَحفِدنَ خَلفَها | إذا زَاحَمَ الأحقابَ بالغَرْض جائلُهْ |
ولَمّا رَأتْ ما كان يَأوِي وَرَاءَها، | وَقُدَّامَها قَدْ أمْعَرَتْهُ هَزَايِلُهْ |
كَبابٌ مِنَ الأخْطارِ كانَ مُرَاحُهُ | عَليها فأوْدى الظّلْفُ مِنهُ وَجامِلُهْ |
بكَتْ خَشيةَ الإعطابِ بالشأمِ إنْ رَمى | إلَيْهِ بِنَا دَهْرٌ شَدِيدٌ تَلاتِلُهْ |
فَلا تَجْزَعي، إني سأجْعَلُ رِحْلَتي | إلى الله والبَاني لَهُ، وَهْوَ عامِلُهْ |
سُلَيْمانُ غَيْثُ المُمْحِلِينَ وَمَنْ بهِ | عن البائسِ المِسكينِ حُلّتْ سَلاسلُهْ |
وَمَا قام مُذْ ماتَ النّبيُّ مُحَمّدٌ | وَعُثمانُ فَوْقَ الأرْضِ رَاغٍ يعادلُهْ |
أرى كلَّ بَحْرٍ غَيرَ بحرِكَ أصْبَحَتْ | تَشَقَّقُ عَن يَبسِ المَعينِ سَوَاحِلُهْ |
كَأَنَّ الفُراتَ التجَوْنَ يَجْري خبَابُهُ | مُفَجّرَةً بيْنَ البيُوتِ جَدَاوِلُهْ. |
وَقَدْ عَلِموا أنْ لَنْ يميلَ بك الهَوى، | وَمَا قُلْتَ من شَيء فإنّكَ فاعلْهُ |
ومَا يَبتَغي الأقْوامُ شيَئاً وَإنْ غَلا | مِنَ الخَيرِ إلاّ في يَدَيْكَ نَوَافِلُهْ |
أرى الله في تِسْعِينَ عاماً مَضَتْ لَهُ | وَسِتٍّ مَعَ التّسعينَ عادتْ فَواضِلُهْ |
عَلَيْنَا، وَلا يَلْوِي كما قَد أصَابَنا | لدَهْرٍ عَلَينا، قَد ألحّتْ كَلاكِلُهْ |
تَخَيّرَ خَيْرَ النّاسِ للنّاسِ رَحَمَةً، | وَبَيْتاً، إذا العاديُّ عُدّتْ أوَائِلُهْ |
وَكَانَ الّذي سَمَّاهُ باسْمِ نَبِيّهِ | سُلَيْمانَ إنّ الله ذا العَرْشِ جاعلُهْ |
عَلى النّاسِ أمْناً، واجْتِماعَ جَماعَة، | وَغَيْثَ حَياً للنّاسِ يُنْبِتُ وَابِلُهْ |
فأحْيَيْتَ مَنْ أدْرَكْتَ مِنّا بسُنّةٍ | أبَتْ لمْ يُخالِطْها مَعَ الحَقّ باطِلُهْ |
كَشفْتَ عن الأبْصَارِ كُلَّ عَشاً بها، | وَكُلُّ قَضَاءٍ جَائرِ أنْتَ عَادِلُهْ |
وَقَدْ عَلِمَ الظُّلْمُ الّذي سَلّ سَيفَه | على النّاسِ بالعُدْوَانِ أنّكَ قاتِلُهْ |
وَلَيسَ بمُحيي الناسِ مَن ليس قاضياً | بحقٍّ ولمْ يُبْسَطْ على النّاسِ نايِلُهْ |
فَأصْبَحَ صُلْبُ الدّينِ، بعْدَ التوَائه | على النّاسِ بالمَهديّ، قُوّمَ مايِلُهُ |
حَمَلْتَ الذي لمْ تحملِ الأرْضُ وَالتي | عَلَيْها فأدّيْتَ الّذي أنْتَ حامِلُهْ |
إلى الله مِنْ حَمْلِ الأمانَةِ بَعْدَما | أُضِيَعَتْ وَغَالَ الدّين عَنّا غَوايلُهُ |
جَعَلْتَ مكان الجَوْرِ في الأرْض مثلَه | من العَدلِ إذْ صَارَتْ إليكَ مَحاصِلُهْ |
وَما قُمتَ حتى استَسَلَمَ الناسُ وَالتقى | عَليهمْ فمُ الدّهرِ العضُوضِ بِوَازِلُهْ |
وَحَتى رَأوْا مَنْ يَعْبُدُ النّارَ آمِناً | لِ جارُهُ، والبيتَ قَد خافَ داخِلُهْ |
فَأضْحَوْا بإذْنِ الله بَعْدَ سَقامِهمْ | كذي النّتفِ عادتْ بعد ذاك نَواصِلُهْ |
رَأيتُ ابن ذُبْيانٍ يَزِيدَ رَمَى بِهِ | إلى الشأمِ يَوْمَ العَنزِ والله شَاغِلُهْ |
بعَذْرَاءَ لمْ تَنكِحْ حَليلاً، وَمن تلجْ | ذِرَاعَيْهِ تَخْذُلْ ساعِدَيْهِ أنامِلُهْ |
وَثِقْتُ لَهُ بِالخِزْيِ لَمّا رَأْيْتُهُ | على البَغلِ مَعدُولاً ثِقالاً فَرَازِلُهْ |