لقد كنت أحيانا صبورا فهاجني
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لَقَدْ كُنتُ أحْياناً صَبُوراً فَهاجَني | مَشاعِفُ بالدّيرَينِ رُجْحُ الرّوادِفِ |
نَواعِمُ لمْ يَدْرِينَ ما أهْلُ صِرْمَةٍ | عِجافغ وَلمْ يَتبَعنَ أحمالَ قائِفِ |
وَلَمْ يَدّلِجْ لَيْلاً بِهنّ مُعَزِّبٌ | شَقيٌّ وَلمْ يَسمَعن صَوتَ العَوَازِفِ |
إذا رُحْنَ في الدّيباجِ، والخَزُّ فَوْقَهُ، | مَعاً، مثل أبكارِ الهِجانِ العَلائِفِ |
إلى مَلْعَبٍ خَالٍ لَهُنّ بَلَغْنَهُ | بدَلِّ الغَوَاني المُكرَماتِ العَفائِفِ |
يُنازَعْنَ مَكنُونَ الحَديِثِ كأنّما | يُنازعْن مِسكاً بالأكُفّ الدّوَائِفِ |
وَقُلْنَ للَيْلى: حَدّثِينا، فَلَمْ تكدْ | تَقُولُ بِأدْنَى صَوْتِها المُتَهانِفِ |
رَوَاعِفُ بِالجادِيّ كُلَّ عَشِيّةٍ، | إذا سُفْنَهُ سَوْفَ الهِجانِ الرّوَاشِفِ |
بَناتُ نَعِيمٍ زانَها العيشُ والغِنى | يَمِلنَ إذا ما قُمنَ مثلَ الأحاقِفِ |
تَبَيّنْ خَليلي هَلْ تعرَى من ظَعائِنٍ | لِمَيّةً أمْثالِ النّخِيلِ المَخارِفِ |
تَواضَعُ حَت يَأتي الآلُ دُونَها | مِراراً وَتَزْهاها الضّحى بالأصَالِفِ |
إذا عَرَضَتْ مَرّتْ على الُّلجّ جَارِياً، | تَخالُ بها مَرَّ السّفِينِ النّوَاصِفِ |
يَجُورُ بهَا المَلاّحُ ثُمّ يُقيِمُها، | وَتَحْفِزُها أيْدي الرّجالِ الجَوَاذِفِ |
إليكَ ابن خيرِ الناسِ حمّلتُ حاجَتي | عَلى ضُمّرٍ كُلّفن عَرْضَ السّنائِفِ |
بَناتِ المَهاري الصُّهْبِ كلِّ نَجيبَةٍ | جُمَالِيّةٍ تَبْرِي لأعْيَسَ رَاجِفْ |
يَظَلّ الحَصى مِنْ وَقْعِهِنّ كأنّما | تَرَامى به أيدي الأكُفّ الحَوَاذِفِ |
إذا رَكِبَتْ دَوّيّةً مُدْلَهِمّةً، | وَصَوّتَ حاديِهَا لَها بِالصّفاصِفِ |
تَغالَيْنَ كالجِنّانِ حَتى تَنُوطهُ | سُرَاها وَمَشْيُ الرّاسِمِ المُتَقاذِفِ |
عِتاقٌ تَغٍشّتْها السُّرَى، كُلَّ لَيلَةٍ، | وَرُكْبانُها كالمَهْمَهِ المُتَجانِفِ |
كأنّ عَصِيرَ الزّيْتِ مِمّا تَكَلّفَتْ | تَحَلّبَ مِنْ أعْناقِها وَالسّوَالِفِ |
عَوَامِدُ للعَبّاسِ لمْ تَرْضَ دُونَهُ | بقَوْمٍ وَإنْ كانُوا حِسانَ المطارِفِ |
لتَسْمَعَ مِنْ قَوْلي ثَناءً وَمَدْحَةً، | وَتَحَمِلَ قَوْلي يا ابنَ خَيرِ الخَلائِفِ |
وَكمْ من كَرِيمٍ يَشتكي ضَعْفَ عظمه | أقَمْتَ لَهُ ما يَشتَكي بالسّقائِفِ |
وآَمَنْتَهُ مِمّا يَخافُ، إذا أوَى | إلَيْكَ، فَأمْسَى آمِناً غَيرَ خائِفِ |
وأنْتَ غِياثُ المُمحِلِينَ إذا شَتَوْا، | وَنُورُ هِدىً يا ابنَ المُلُوكِ الغطارِفِ |
ثَنائي على العَبّاسِ أكْرَمِ من مشَى | إذا رَكِبُوا ثمّ التَقَوْا بِالمَوَاقِفِ |
تَراهُمْ، إذا لاقاهِمُ يَوْمَ مَشْهَدٍ، | يَغُضّونَ أطرَافَ العُيُونِ الطّوَارِفِ |
وَلَوْ ناهَزُوهُ المَجْد أرْبَى عَلَيْهِمُ | بِخَيْرِ سُقَاةٍ، تَعلَمونَ، وَغارِفِ |
وَتَعْلُو بُحُورَ العالمِينَ بحُورُهُمْ، | بِفِعْلٍ عَلى فِعْلِ البَرِيّةِ ضَاعِفِ |
ومَا وَلَدَتْ أُنْثَى مِنَ النّاسِ مِثْلَهُ، | وَلا لعفّهُ أظْآرُهُ في اللّفائِفِ |
وَلمّا دَعا الدّاعُونَ وانْشَقّتِ العَصَا، | وَلمْ تَخْبُ نِيرَانُ العَدُوّ المُقاذِفِ |
فَزَعْنا إلى العَبّاسِ مِنْ خَوْفِ فِتَنةٍ | وَأنْيَابِها المُسْتَقْدِماتِ الصّوَارِفِ |
وَكَمْ مِنْ عَوانٍ فَيْلَق قَدْ أبرْتَها | بأُخْرَى إلَيها بالخَميسِ المُرَاجِفِ |
فَقَدْ أوْقَعَ العبّاسُ إذْ صَارَ وَقَعةً | نهَتْ كُلّ ذي ضِغْنٍ وَداءٍ مُقارِفِ |
وَأغَنَيتَ مَن لمْ يَغنَ من أبطإ السُّرَى، | وَقَوّمْتَ دَرْءَ الأزْوَرِ المُتَجانِفِ |
وَأنتَ الّذي يُخْشَى وَيُرْمى بك العدى | إذا أحْجَمَتْ خَيلُ الجيادِ المَخالِفِ |
سَمَوْتَ فلمْ تَترُكْ على الأرْضِ ناكثاً، | وَآمَنْتَ مِنْ إحيائِنا كُلَّ خائِفِ |
أبَرْتَ زُحُوفَ المُلْحِدِينَ وَكِدتَهم | بمُسْتَنصِرٍ يَتْلُو كِتابَ المَصَاحِفِ |
تَأخّرَ أقْوَامٌ، وَأسْرَعْتَ للّتي | تُغَلّلُ نُشّابَ الكَميّ المُزَاحِفِ |
وَأنْتَ إلى الأعْدَاءِ أوّلُ فَارِسٍ | هُناكَ، وَوَقّافٌ كَرِيمُ المَوَاقِفِ |
بِضَرْبٍ يُزيلُ الهَامَ عَنْ مُستَقَرّهِ، | وَطَعْنٍ بِأطْرَافِ الرّماحِ الجَوَائِفِ |
سَبَقتَ بأهْلِ الكوفةِ المَوْتَ بَعدَما | أُرِيدَ بإحدى المُهلِكاتِ الجَوَالِفِ |
فَلمْ يُغنِ مَن في القصرِ شيئاً وَصَيّحوا | إلَيكَ بأصْوَاتِ النّساءِ الهَوَاتِفِ |
أخُو الحَرْبِ يَمْشِي طاوِياً ثمّ يَقتدي | مُدِلاًّ بِفُرْسَانِ الجيِادِ المَتَالِفِ |
يُغادِرْنَ صَرْعَى مِنْ صَناديدَ بَينَها | بِسُورَاءَ في إجْرَائِها وَالمَزَاحِفِ |
وَما طَعِمَتْ مِنْ مَشَرَبٍ مُذ سقيَتها | بِتَدْمُرَ إلاّ مَرّةً بِالشّفَائِفِ |
مِنَ الشّأمِ حتى باشَرَتْ أهْلَ بابلٍ | وَأكْذَبْتَ مِمّا مّعُوا كلَّ عائِفِ |
وَقَدْ أبْطَأ الأشْيَاعُ حَتى كَأنّما | يُساقُونَ سَوْقَ المُثْقَلاتِ الزّوَاحِفِ |
لَعَمرِي! لقد أسرَيتَ لا لَيل عاجزٍ | وَما نمتَ فيمَنْ نامَ تحتَ القَطائِفِ |
فَجاءوا وَقَدْ أطفَأتَ نِيرَانَ فِتْنَةٍ، | وَسكّنتَ رَوْعاتِ القُلُوبِ الرّوَاجِفِ |