أرشيف الشعر العربي

أعرفت بين رويتين وحنبل

أعرفت بين رويتين وحنبل

مدة قراءة القصيدة : 5 دقائق .
أعرَفَتْ بَينَ رُوَيّتَينِ وَحَنْبَلٍ دِمَناً تَلُوحُ كَأنّهَا الأسْطَارُ
لَعِبَ العَجاجُ بِكُلّ مَعْرِفَةٍ لهَا، وَمُلِثّةٌ غَبَياتُهَا مِدْرَارُ
فَعَفَتْ مَعالِمَها، وَغَيّرَ رَسْمَها رِيحٌ تَرَوّحُ بِالحَصَى مِبْكَارُ
فَترَى الأثَافيَ وَالرّمَادَ كَأنّهُ بَوٌّ عَلَيْهِ رَوَائِمٌ أظْآرُ
وَلَقَدْ يَحُلّ بها الجَميعُ، وَفيهِمُ حُورُ العُيُونِ كَأنّهُنّ صِوارُ
يَأنَسْنَ عِندَ بُعُولِهنّ إذا التَقَوْا، وَإذا هُمُ بَرَزُوا فَهُنّ خِفَارُ
شُمُسٌ إذا بَلٍغ الحَديثُ حَيَاءَهُ؛ وَأوَانِسٌ بِكَرِيمَةٍ أغْرَارُ
وَكَلامُهُنّ كَأنّمَا مَرْفُوعُهُ بحَديثِهِنّ، إذا التَقَيْنَ، سِرَارُ
رُجُحٌ وَلَسْنَ مِنَ اللّوَاتي بالضّحَى لذُيولهِنّ، على الطّرِيقِ، غُبَارُ
وَإذا خَرَجْنَ يَعُدْنَ أهْلَ مُصَابَةٍ كان الخُطا لِسِرَاعِها الأشْبارُ
هُنّ الحَرَائرُ لمْ يَرِثْنَ لِمُعْرِضٍ مالاً، وَلَيْسَ أبٌ لَهُنّ يُجَارُ
فَاطرَحْ بعَيْنِكَ هَلْ تَرَى أحداجهم كالدَّوْمِ حِينَ تُحَمَّلُ الأخْدَارُ
يَغْشَى الإكَامَ بِهِنّ كُلُّ مُخَيَّس قَدْ شَاكَ مُخْتَلِفَاتُهُ مَوّارُ
وَإذا العُيُونُ تَكارَهَتْ أبْصَارُها، وَجَرَى بِهنّ مَعَ السّرَابِ قِفَارُ
نَظَرَ الدَّلَهْمسُ نَظْرَةً مَا رَدّها حَولٌ بِمُقْلَتِهِ، وَلا عُوّارُ
فَرَأى الحُمُولَ كَأنّمَا أحْداجُهَا في الآلِ حِينَ سَمَا بها الإظْهَارُ
نَخلٌ يَكَادُ ذُرَاهُ مِنْ قِنْوَانِهِ، بذُرَيْعَتَينِ، يُمِيلُهُ الإيقَارُ
إنّ المَلامَةَ مِثْلُ مَا بَكَرَتْ به، مِنْ تَحْتِ لَيْلَتها عَلَيكَ، نَوَارُ
وَتَقُولُ كَيْفَ يَميلُ مِثْلُكَ للصِّبا وَعَلَيْكَ مِنْ سَمَةِ الحَلِيمِ عِذارُ
وَالشَّيبُ يَنهَضُ في السّوَادِ كأنّهُ لَيْلٌ يَصِيحُ بِجَانِبَيْهِ نَهَارُ
إنّ الشّبابَ لَرَابِحٌ مَنْ بَاعَهُ، وَالشَّيْبُ لَيسَ لِبَائِعِيهِ تِجَارُ
يا ابنَ المَرَاغَة! أنتَ ألأمُ مَن مَشَى وَأذَلُّ مَنْ لِبَنَانِهِ أظْفَارُ
وَإذا ذَكَرْتَ أبَاكَ أوْ أيّامَهُ، أخْزَاكَ حَيْثُ تُقَبَّلُ الأحْجارُ
إنّ المَرَاغَةَ مَرّغَتْ يَرْبُوعَها في اللّؤمِ، حَيْثُ تجاهَدَ المِضْمارُ
أنْتُمْ قَرَارَةُ كُلّ مَدْفَعِ سَوْءَةٍ، وَلِكُلّ دافِعَةٍ تَسِيلُ قَرَارُ
إني غَمَمْتُكَ بالهِجاءِ وَبِالحَصَى، وَمَكَارِمٍ لِفِعالهِنّ مَنَارُ
وَلَقَدْ عَطَفْتُ عَلَيْكَ حَرْباً مُرّةً، إنّ الحُرُوبَ عَوَاطِفٌ أمْرارُ
حَرْباً، وأُمِّكَ، لَيْسَ مُنجيَ هارِبٍ مِنْها، وَلَوْ رَكِبَ النّعَامَ، فِرَارُ
فلأفْخَرَنّ عَلَيْكَ فَخْراً لي بِهِ قُحَمٌ عَلَيْكَ مِنَ الفَخَارِ كِبَارُ
إني لَيَرْفَعُني عَلَيْكَ لِدارِمٍ قَرْمٌ لَهُمْ وَنَجِيبَةٌ مِذْكَارُ
وَإذا نَظَرْتَ رَأيتَ فوْقَكَ دارِماً في الجَوّ حَيْثُ تُقَطَّعُ الأبْصَارُ
إني لَيَعْطِفُ لِلّئِيمِ، إذا رَجَا، مِني الرّوَاحَ مُجَرَّبٌ كَرّارُ
إني لأشْتِمُكُمْ وَمَا في قَوْمِكُمْ حَسَبٌ يُعَادِلُنا، وَلا أخْطارُ
هَلْ يُعْدَلَنّ بقاصِعائِكَ مَعْشَرٌ لَهُمُ السّماءُ عَلَيْكَ وَالأنْهَارُ
وَالأكْرَمُونَ إذا يُعَدّ قَدِيمُهُمْ، والأكْثَرُونَ إذا يُعَدّ كِثَارُ
وَلَهُمْ عَلَيْك إذا القُرُومُ تخاطَرَتْ خَمْطُ الفُحُولَةِ مُصْعَبٌ خَطّارُ
وَلهُمْ عَليكَ إذا الفُحولُ تَدافَعَتْ لُجَجٌ يَضُمّكَ مَوْجُهُنّ غِمَارُ
قَوْمٌ يُرَدّ بِهِمْ، إذا ما اسْتَلأمُوا، غَضَبُ المُلُوكِ، وَتُمْنَعُ الأدْبَارُ
مَنَعَ النّسَاءَ لآلِ ضَبّةَ وَقْعَةٌ، وَلآلِ سَعْدٍ وَقْعَةٌ مِبْكَارُ
فَاسْألْ غَداةَ جَدُودَ أيُّ فَوَارِسٍ مَنَعُوا النّسَاءَ لِعُوذِهِنّ جُؤارُ
وَالخَيْلُ عَابِسَةٌ، عَلى أكْتافِهَا دُفَعٌ تَبُلّ صُدُورَهَا وَغُبَارُ
إنّا، وَأُمِّكَ، مَا تَظَلّ جِيَادُنا إلاّ شَوَازِبَ لاحهُنّ غِوَارُ
قُبّاً بِنَا وَبِهِنّ يُدْفَعُ وَالقَنَا وَغْمُ العَدُوّ وَتُنْقَضُ الأوْتَارُ
كَم كانَ مِن مَلِكٍ وَطِئْنَ وَسُوقةٍ أطْلَقْنَهُ وَبِسَاعِدَيْهِ إسَارُ
كانَ الفِداءُ لَهُ صُدُورَ رِمَاحِنَا، وَالخَيْلَ إذْ رَهَجُ الغُبَارِ مُثَارُ
وَلَئِنْ سَألْتَ لَتُنْبَأنّ بِأنّنَا نَسْمُو بِأكْرَمِ ما تَعُدّ نِزَارُ
قالَ المَلائِكَةُ الّذِينَ تُخُيِّرُوا، وَالمُصْطَفُونَ لِدِينِهِ الأخْيَارُ:
أبْكَى الإلَهُ عَلى بَلِيّةَ مَنْ بكَى جَدَثاً يَنُوحُ على صَدَاهُ حِمَارُ
كانَتْ مُنافِقَةَ الحَياةِ، وَمَوْتُها خِزْيٌ عَلانِيَةٌ عَلَيْكَ وَعَارُ
فَلَئِنْ بَكَيْتَ على الأتانِ لقد بكَى جَزَعاً، غَادةَ فِرَاقِهَا، الأعيْارُ
يَنْهَسْنَ أذْرُعَهُنّ حِينَ عَهِدْنَها وَمَكانُ جُثْوَتِها لَهُنّ دُوَارُ
تَبْكي عَلى امْرَأةٍ وَعِنْدَكَ مِثْلُها قَعْسَاءُ لَيسَ لها عَلَيْكَ خِمَارُ
وَلَتَكْفِيَنّكَ فقْدَ زَوْجَتِكَ التي هَلَكَتْ مُوَقَّعَةُ الظّهُورِ قِصَارُ
أخَوَاتُ أُمِّكَ كُلّهُنّ حَرِيصَةٌ، ألاّ يَفُوتَكَ عِنْدَها الإصْهَارُ
فاخْطُبْ وَقُلْ لأبيكَ يَشْفَعْ إنّهُ سَيَكُونُ، أوْ سَيُعِينُكَ المِقْدارُ
بِكْراً عَستْ بكَ أن تكونَ حَظِيّةً، إنّ المَنَاكِحَ خَيرُها الأبْكَارُ
إنّ الزّيارَةَ في الحَياةِ، ولا أرَى مَيْتاً إذا دَخَلَ القُبُورَ يُزَارُ
لما جَنَنْتَ اليَوْمَ مِنْهَا أعْظُماً، يَبْرُقْنَ، بَينَ فُصُوصِهِنّ، فِقَارُ
وَرَثَيْتَها وَفَضَحْتَها، في قَبْرِها، مَا مِثْلَ ذلِكَ تَفْعَلُ الأخْيَارُ
وَأكَلْتَ ما ذَخَرَتْ لنَفْسِكَ دونَها وَالجَدْبُ فيهِ تَفاضَلُ الأبْرَارُ
آثَرْتَ نَفْسَكَ بِاللَّوِيّةِ وَالّتي كَانَتْ لهَا وَلِمثْلِهَا الأذْخَارُ
وَتَرَى اللّئِيمَ كَذاكَ دُونَ عِيَالِهِ، وَعَلى قَعِيدَتِهِ لَهُ اسْتِئْثَارُ
أنَسِيتَ صُحْبَتَها، وَمَن يَكُ مُقرِفاً تُخرِجْ مُغَيَّبَ سِرِّهِ الأخْبَارُ
لمّا شَبِعْتَ ذَكَرْتَ رِيحَ كِسَائِهَا، وَتَرَكْتَها، وَشِتَاؤها هَرّارُ
هَلاّ وَقَدْ غَمَرَتْ فُؤادَكَ كَثْبَةٌ، وَالضّأنُ مُخْصِبَةُ الجَنابِ غِزَارُ
هَجْهَجْتَ حِينَ دَعَتكَ إنْ لم تأتِها حَيْثُ السّباعُ شَوَارِعٌ كُشّارُ
نَهَضَتْ لتَحْرُزَ شِلْوَها فَتَجَوّرَتْ وَالمُخُّ مِنْ قَصَبِ القَوَائِمِ رَارُ
قالَتْ، وَقَدْ جَنَحَتْ عَلى مَملولها، وَالنّارُ تَخْبُو مَرّةً وَتُثَارُ
عَجْفَاءُ، عَارِيَةُ العِظَامِ، أصَابها حَدَثُ الزّمَانِ، وَجَدُّها العَثّارُ:
أبَني الحَرَامِ فَتاتُكُمْ لا تُهْزَلَنْ، إنّ الهُزَالَ عَلى الحَرائِرِ عَارُ
لا تَتْرُكَنّ، وَلا يَزَالَنْ عِنْدَهَا مِنْكُمْ، بِحَدّ شِتَائِهَا، مَيّارُ
وَبِحَقّها، وَأبِيكَ، تُهْزَلُ مَا لهَا مَالٌ فَيَعْصِمَهَا، وَلا أيْسارُ
وَتَرَى شُيُوخَ بَني كُلَيْبٍ بَعْدَها شَمِطَ اللِّحَى، وَتَسَعْسَعَ الأعمارُ
يَتَكَلّمُونَ مَعَ الرّجالِ تَراهُمُ زُبَّ اللّحَى، وَقُلُوبُهُمْ أصْفَارُ
وَنُسَيّةٌ لِبَني كُلَيْبٍ عِنْدَهُمْ مِثْلُ الخَنَافِسِ بَيْنَهُنّ وِبَارُ
مُتَقَبِّضَاتٌ عِنْدَ شَرِّ بُعُولَةٍ، شَمِطَتْ رُؤوسُهُمُ وَهُمْ أغْمَارُ
أمَةُ اليَدَيْنِ لَئِيمَةٌ آباؤها، سَوْداءُ حَيْثُ يُعلَّقُ التِّقْصَارُ
مُتَعَالِمُ النَّفَرِ الّذِينَ هُمُ هُمُ بِالتَّبْلِ لا غُمُرٌ ولا أفْتَارُ
فَارْبِطْ لأُمّكَ عَنْ أبِيكَ أتَانَهُ، وَاخْسأ فَما بكَ للكرَامِ فَخَارُ
كَمْ كَانَ قَبْلَكَ مِنْ لَئِيمٍ خائِنٍ تُرِكَتْ مَسَامِعُهُ وَهُنّ صِغَارُ

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (الفرزدق) .

رأيت بني مروان يرفع ملكهم

ما نحن إن جارت صدور ركابنا

ألكني وقد تأتي الرسالة من نأى

إن ابن بطحاوي قريش نمى به

لنا منكب الإسلام والهامة التي


ساهم - قرآن ١