يا عجبا للعذارى يوم معقلة
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يا عَجَبا للعَذَارَى يَوْمَ مَعْقُلَةٍ، | عَيّرْنَني تحتَ ظلّ السِّدرَةِ الكِبَرَا |
فَظَلّ دَمْعيَ مِمّا بَانَ لي سَرِباً | عَلى الشّبابِ إذا كَفْكَفتُه انحَدَرَا |
فإنْ تكنْ لِمّتي أمسَتْ قدِ انطَلَقَتْ | فَقَدْ أصِيدُ بهَا الغِزْلانَ وَالبَقَرَا |
هَلْ يُشتَمَنّ كَبِيرُ السنّ أنْ ذرَفتْ | عَيْنَاهُ أمْ هُوَ مَعذورٌ إنِ اعتَذرَا |
يا بِشْرُ إنّكَ سَيْفُ الله صِيلَ بِهِ | عَلى العَدُوّ وَغَيْثٌ يُنْبِتُ الشّجَرَا |
مَنْ مِثْلُ بِشْرٍ لحَرْبٍ غَيْرِ خامدةٍ | إذا تَسَرْبَل بِالمَاذِيّ وَاتّزَرَا |
العَاصِبِ الحَرْبَ حَتى تَسْتَقيدَ لَهُ | بِالمَشْرَفِيّةِ، وَالعَافي إذا قَدَرَا |
سَيْفٌ يَصُولُ أمِيرُ المُؤمِنين بِهِ | وَقَدْ أعَزّ بِهِ الرّحْمَنُ مَنْ نَصَرَا |
كمُخدِرٍ من لُيُوثِ الغِيلِ ذي لِبَدٍ | ضِرْغامَةٍ يَحطِمُ الهاماتِ وَالقَصَرَا |
تَرَى الأسُودَ لَهُ خُرْساً ضَرَاغِمُها | يَسْجُدْنَ مِنْ فَرَقٍ مِنهُ إذا زَأرَا |
مُسْتَأنِسٍ بِلِقاءِ النّاسِ مُغْتَصِبٍ | للألفِ يَأخُذُ مِنْهُ المِقْنَبُ الخَمَرَا |
كَأنّمَا يَنْضحُ العَطّارُ كَلْكَلَهُ | وَساعِدَيْهِ بِوَرْسٍ يَخضِبُ الشَّعَرَا |
وَمَا فَرِحْتُ ببُرْءٍ مِنْ ضَنى مَرَضٍ | كَفَرْحَةٍ يَوْمَ قالُوا أخبَرَ الخَبَرَا |
ألْفَتْحُ عِكْرِمَةُ البَكْرِيُّ خَبّرَنَا | أنّ الرّبِيعَ أبَا مَرْوَانَ قَدْ حَضَرَا |
فَقُلْتُ للنّفْسِ: هَذي مُنيَةٌ صَدقتْ | وَقَدْ يُوَافِقُ بَعضُ المُنيَةِ القَدَرَا |
كُنّا أُنَاساً بِنَا اللأوَاءُ فَانْفَرَجَتْ | عَن مثلِ مَرْوَانَ بالمصرَينِ أوْ عمرَا |
مُشَمِّرٌ يَستَضيءُ المُظْلِمُونَ بِهِ، | يَنْكي العَدُوَّ وَنَستَسقي بهِ المَطرَا |
ما النّيلُ يَضْرِبُ بالعِبْرَينِ دارِئَهُ | وَلا الفُرَاتُ إذا آذِيُّهُ زَخَرَا |
يَعْلُو أعَاليَ عَانَاتٍ بِمُلْتَطِمٍ، | يُلْقي على سُورِها الزّيتونَ وَالعُشَرَا |
تَرَى الصَّرارِيَّ وَالأمَواجُ تَلِطمُهُ، | لَوْ يَسْتَطِيعُ إلى بَرّيةٍ عَبَرَا |
إذا عَلَتْهُ ظِلالُ المَوْجِ وَاعْتَرَكَتْ | بِوَاسِقَاتٍ تَرَى في مائِها كَدَرَا |
بِمُسْتَطِيعِ نَدَى بِشْرٍ عُبَابُهُمَا | وَلَوْ أعانَهُمَا الزّابُ إذا انْحَدَرَا |
لَهُ يَدٌ يَغْلِبُ المُعْطِينَ نَائِلُهَا، | إذا تَرَوّحَ للمَعْرُوفِ أوْ بَكَرَا |
تَغْدُو الرّيَاحُ فتُمسي وَهيَ فاتِرَةٌ، | وَأنْتَ ذُو نَائِلٍ يُمْسِي وَما فَتَرَا |
تَرَى الرّجَالَ لبِشرٍ وَهْيَ خَاشِعَةٌ | تَخاَشُعَ الطَّيْرِ للْبَازي إِذا انكدَرا. |
مِنْ فَوقِ مُرْتَقِبٍ باتتْ شامِيَةٌ | تَلُفّهُ، وَسَمَاءٌ تَنْضحُ الدِّرَرَا |
حَتى غَدا لَحِماً من فَوْقِ رَابِيَةٍ، | في لَيْلَةٍ كَفّتِ الأظفارَ وَالبَصَرَا |
إذا رَأتْهُ عِتَاقُ الطّيْرِ أوْ سَمِعَتْ | مِنِ هَوِيّاً تَشَظّتْ تَبتغي الوَزَرَا |
أصْبَحَ بَعدَ اختلافِ النّاسِ بَيْنَهُمُ | بِآلِ مَرْوَانَ دِينُ الله قَدْ ظَهَرَا |
مِنْهُمْ مَساعِرَةُ الشّهباءِ إذ خمدتْ | وَالمُصْطَلوها إذا مَشْبوبُها استَعَرَا |
خَلِيفَةُ الله مِنْهُمْ في رَعِيّتِهِ، | يَهْدِي بِهِ الله بَعْدَ الفِتْنَةِ البشرَا |
بهِ جَلا الفِتْنَةَ العَمياءَ فانكَشَفَتْ | كَما جَلا الصّبحُ عَنهُ اللّيلَ فانسفَرَا |
لَوْ أنّني كنتُ ذا نَفسَينِ إنْ هَلَكَتْ | إحداهُما كانَتِ الأخرَى لمنْ غَبَرَا |
إذاً لجِئْتُ على ما كانَ من وَجَلٍ، | وَمَا وَجَدْتُ حِذاراً يغلِبُ القَدَرَا |
كُلُّ امْرِىءٍ آمِنٌ للخَوْفِ أمّنَهُ | بِشرُ بنُ مَرْوَانَ وَالمَذعورُ من ذَعرَا |
فَرْعٌ تَفَرّعَ في الأعيَاصِ مَنْصِبُهُ، | وَالعامِرَينِ لَهُ العِرْنينُ من مُضرَا |
مُعْتَصِبٌ بِرِدَاءِ المُلْكِ، يَتْبَعُهُ | مَوْجٌ تَرَى فَوْقَهُ الرّايَاتِ وَالقَتَرَا |
مِنْ كُلّ سَلْهَبَةٍ تَدْمى دَوَابِرُها | مِنَ الوَجا وَفُحولٍ تَنفُضُ العُذَرَا |
وَالخَيلُ تُلقي عِتاقَ السَّخلِ مُعجَلةً | لأياً تُبِينُ بِها التّحْجيلَ وَالغُرَرَا |
حَوّاً تُمَزِّقُ عَنْها الطّيْرُ أرْدِيَةً، | كغِرْقىء البَيض كَنّتْ تحتَها الشَّعَرَا |
شَقَائِقاً مِنْ جِيَادٍ غَيْرِ مُقْرِفَةٍ، | كما شَقَقتُ من العُرْضِيّةِ الطُّرَرَا |
يُزَيِّنُ الأرْضَ بِشْرٌ أنْ يَسِيرَ بها، | ولا يَشُدّ إلَيْهِ المُجْرِمُ النّظَرَا |