إن يظعن الشيب الشباب فقد ترى
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
إنْ يُظْعِنِ الشّيْبُ الشّبابَ فقد تُرَى | لَهُ لِمّةٌ لَمْ يُرْمَ عَنْها غُرَابُهَا |
لَئنْ أصْبَحَتْ نَفسي تُجيبُ لطال ما | أقَرّتْ بعَيْني أنْ يُغِيمَ سَحابُهَا |
وَأصْبَحتُ مِثْلَ النّسْرِ أصْبَحَ وَاقِعاً | وَأفْنَاهُ مِنْ كَرّ اللّيَالي ذَهابُهَا |
وَمايِرَةِ الأعْضَادِ قَد أجهَضَتْ لها | نَتِيجَ خِداجٍ وَهْيَ نَاجٍ هَبابُهَا |
تَعالَلْتُهَا بالسّوْطِ بَعْدَ التِياثِها، | بمُقْوَرّةِ الأعْلام يَطْفُو سَرَابُهَا |
فقلت لها: زوري بلالاً فإنه | إلَيْهِ من الحَاجَاتِ تُنْضى ركابها |
حَلَفْتُ، وَمَنْ يَأثَمْ فَإنّ يَمينَهُ | إذا أثِمَتْ لاقِيهِ مِنْهَا عَذابُها |
لئِنْ بَلَّ لي أرْضِي بِلالٌ بِدَفْقَةٍ | منَ الغَيثِ في يُمنى يدَيهِ انسِكابُها |
أكُنْ كالّذي صَابَ الحَيا أرْضهُ التي | سَقاها وَقَد كانَتْ جَدِيباً جَنَابُها |
فأصْبَحَ قَدْ رَوّاهُ من كُلّ جانِبٍ | لَهُ مَطَرَاتٌ مُسْتَهِلٌّ رَبَابُها |
فَتىً تَقْصُرُ الفِتْيانُ دُونَ فَعالِهِ، | وكانَ بِهِ للحَرْبِ يخبو شهابها |
هُوَ المشتري بالسيف أفضَلَ ما غلا | إذا مارحى الحرب استَدَرّ ضِرَابُها |
أبَى لِبِلالٍ أنّ كَفّيْهِ فِيهِمَا | حَيا الأرْض يسقي كلَّ مَحلٍ حَبابُها |
هُوَ ابنُ أبي مُوسى الذي كانَ عِنْدَه | لحاجَاتِ أصْحابِ الرّسُول كِتابُها |
رَأيْتُ بِلالاً إذْ جَرَى جاءَ سابِقاً، | وَذَلّتْ بِهِ للحَرْبِ قَسْراً صِعابُها |
بهِ يَطْمَئِنّ الخَائِفُونَ وَغَيْثُهُ | بِهِ مِنْ بِلادِ المَحْلِ يَحْيا تُرَابُها |
أبَيْتَ على النّاهِيكَ إلاّ تَدَفّقاً، | كما انهَلّ من نَوْءِ الثّرَيّا سَحابُها |
رَحَلْتُ مِنَ الدَّهْنَا إلَيْكَ وَبَيْنَنا | فَلاةٌ وَأنْيَاهٌ تَعَاوَى ذِئَابُها |
لألْقَاكَ، وَاللاّقِيكَ يَعْلَمُ أنّهُ | سَيَمْلأُ كَفّيْ سَاعِدَيْهِ ثَوَابُها |
نَمَاكَ أبُو مُوسَى أبُوكَ كَما نَمَى | وُعُولاً بِأعْلى صَاحَتَينِ هِضَابُها |
وكُلُّ يَمَانٍ أنْتَ جُنّتُهُ الّتي | بِهَا تُتّقَى لِلْحَرْبِ إذْ فُرّ نَابُها |
وَأنْتَ امْرُوءٌ تُعْطي يَمينُكَ ما غَلا، | وَإنْ عاقَبَتْ كانَتْ شَديداً عِقابُها |