أناشد الغيث كي تهمي غواديه
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أُنَاشِدُ الغَيْثَ كَيْ تَهْمي غَوَادِيهِ | عَلى العَقيقِ، وإنْ أقْوَتْ مَغَانِيهِ |
على مَحَلٍ أرَى الأيّامَ تَضْحَكُ عَنْ | أيّامهِ، واللّيَالي عَنْ لَيَاليهِ |
عَهْدٌ منَ اللّهوِ، لمْ تُذمَمْ عَوَائدُهُ | يَوْماً، فتُنسَى، وَلمْ تُفْقَدْ بَوَادِيهِ |
وَفي الحُلُولِ عَليلُ الطّرْفِ فاترُهُ، | لَدْنُ التّثَنّي، ضَعيفُ الخصْرِ واهيهِ |
يُطيلُ تَسوِيفَ وَعْدي ثمّ يُخْلِفُهُ | عَمْداً، وَيَمْطُلُ دَيْنِي، ثمّ يَلوِيهِ |
هلْ يُجْزَيَنّ ببَعْضِ الوَصْل باذِلُهُ، | أوْ يُعْدِيَنَّ على الهِجْرَانِ جازِيهِ ؟ |
وَهَلْ تَرُدّينَ حِلْماً قَدْ تَخَوّنَهُ | لَكِ التّصَابي، فَما يُرْجَى تَلافيهِ |
لَوْلا التّعَلّقُ منْ قَلْبٍ يُبَرِّحُ بي | لَجَاجُهُ، ويُعَنّيني تَماَدِيهِ |
ما كانَ هَجْرُكِ مَكرُوهاً أُحَاذِرُهُ، | وَلاَ وِصَالُكِ مَعْرُوفاً أُرَجّيهِ |
بَنُو ثَوَابَةَ أقْمَارٌ، إذا طَلَعَتْ، | لمْ يَلبَثِ اللّيلُ، أنْ يَنْجابَ داجيهِ |
كُتّابُ مَلْكٍ تَرَى التّدبيرَ مُتّسِقاً | برَأيِ مُخْتَارِهِ منْهُمْ، وَمُمْضِيهِ |
يَقْفُونَ هَدْيَ أبي العَبّاسِ في سَنَنٍ، | يَرْضَاهُ سامعُهُ الأقصَى، وَدََانِيهِ |
نَغدو، فإمّا استَعَرْنا من مَحَاسنهِ | فَضْلاً، وَإمّا استَمَحْنا من أياديهِ |
بَرّزَ في السّبْقِ حَتّى مَلّ حاسدُهُ | طُولَ العَنَاءِ، وَخَلاّهُ مُجارِيهِ |
مَتَى أرَدْنا وَجَدْنَا مَنْ يُقَصِّرُ عَن | مَسْعَاتهِ، وَفَقَدْنا مَنْ يُدانيهِ |
رأى التّوَاضُعَ والإنصَافَ مَكرُمَةً، | وإنّمَا اللّؤمُ بَينَ العُجبِ والتّيهِ |
كأنّ مَذْهَبَهُ في الحَمْدِ من مِقَةٍ | لَهُ، وَمَيْلٌ إلَيْهِ مَذْهَبي فيهِ |
مُحَبَّبٌ في جَميعِ النّاسِ إن ذُكرَتْ | أخْلاَقُهُ الغُرُّ، حتّى في أعَادِيهِ |
كَمْ حَاسدٍ لأبي العَبّاسِ مُشتَغِلٍ | بنعمَةٍ، في أبي العَبّاسِ، تُشجيهِ |
يَرُومُ وَضْعاً لَهُ، والله يَرْفَعُهُ، | وَيَبْتَغي هَدْمَهُ، وَالله يَبْنيهِ |
وَبَاخِلينَ سَلَوْنا عَن نَوالهمُ | سُلوَانَ صَبٍّ تَمادى هَجرُ مُصْبيهِ |
تَكُفُّنَا عَنهُمُ نُعْمَى فتًى شَرُفَتْ | أخلاقُهُ، وَطَمَا بالعُرْفِ وادِيهِ |
إنْ يَمْنَعُونَا فإنّ البَذْلَ منْ يَدِهِ | أوْ يَكْذِبُونَا فإنّ الصّدْقَ من فيهِ |
مُوَفَّرُ القَدْرِ لمْ تُغْمَضْ مَهابَتُهُ، | وَنَابِهُ الذّكرِ لمْ تُغْضَضْ مَساعيهِ |
عَادَى خُرَاسَانَ حَتَّى ذَلَّ رَيِّضُهَا | بِالرَّأْي يَختَارُهُ والعَزْمِ يُمْضِيهِ |
أوْلى الكتَابَةَ تَسديداً أقَامَ بهِ | منْهَاجَهَا، وَقَدِ اعوَجّتْ نَوَاحِيهِ |
غَضُّ الأمانَةِ فيهَا من تَنَزُّههِ، | وأبْيَضُ الثّوْبِ فيها منْ تَوَقّيه |